فاكرين د. عادل البلتاجى وزير الزراعة السابق، الذى أقنع الرئيس، بحكاية المليون فدان، وأن وزارته هىّ اللى هتستصلح وتسلمها للشباب مزروعة جاهزة، والرئيس تورّط وأعلن عنها، وقال وقتها: 50% للشباب (سهم بـ5 فدادين لكل شاب)، و50% للمستثمرين.. وكتبت وقتها معترضاً، وقلت «اوعى يا ريس».. إلا الصحرا بدون دراسة جدوى تقول «هنستصلحهم بكام ومنين، ونزرعهم إيه، ولمين، وإزاى»، وليه مناطق بعيدة، وإحنا عندنا 2 مليون فدان جاهزين: على ترعة السلام فى سينا 420 ألف فدان، وعلى امتداد ترعة الحمام فى مارينا 350 ألف فدان، وفى توشكى نُص مليون، وفى العوينات، وفى الصعيد وغيرها، مساحات بها آبار جاهزة وموافقات عليها!!
والأهم: مين اللى هيصلّح ويزرع؟
وزارة الزراعة؟!!
وقتها قُلت: إيدك والأرض.. والدليل: «قرية الأمل» فى الإسماعيلية.. وسيادتك بعضمة لسانك يا ريس قُلت معاتباً ومتعجباً ومُخاطباً وزارة الزراعة: «دا فيه قرية اسمها قرية الأمل مساحتها 4 آلاف فدان.. بدأوا فيها وأنا نقيب، وبقيت مشير ولسه ما خلصوهاش».. مش دا كلامك يا ريس؟
يبقى إزاى الوزارة اللى مش عارفة تعمل قرية مساحتها 4 آلاف فدان هتصلح وتزرع للشباب نصف مليون فدان؟
وفى نقاش مع سيادتك اعترضت وقُلت لسيادتك: بلاش يا ريس حكاية الخمس فدادين.. دا مشروع بالتجربة أثبت فشله.. ثانياً: اطلب من وزارة الزراعة، يعملوا نموذج على خمسين ألف فدان.. نجرّب ونشوف، ونعالج الأخطاء، ونحاسب اللى بيقول أى كلام!!
وعندما كتبت وقُلت وزعّـقت.. ماذا حدث؟
وزيـر الزراعة، د. البلتاجى، طلع مع الأستاذ أسامة كمال، فى برنامج «القاهرة 360»، يقول: إن ما كتبته «لا يستحق الرد»، وإننى ضد مسيرة التنمية!!
وأثبتت الأيام أن ما كتبته وقُلته، واعترضت عليه (من واقع تجاربى بره وجوه) كان صحيحاً، وفى محلّه.. والدليل:
1- أن الرئيس اكتشف أن كلام الوزير كان مدهوناً بزبدة، طلع عليه النهار ساح.. وفى أول تغيير تم إقالة الوزير.. صحيح خسرنا 6 شهور، هى عمره فى الوزارة، لكن مصر كسبت 150 ملياراً، كانت ستدفن فى الرمال، ويصبح مشروع المليون فدان فى ذمة الله.. بجوار شقيقه المرحوم «توشكى»، وساعتها لن نجد من نحاسبه!!
2- اعتراف الرئيس فى خطابه بعيد العمال من أيام: إننا بصدد عمل «تجربة» تقوم بها وزارة الزراعة فى «الفرافرة»، على مساحة 10 آلاف فدان فقط لا غير.. «تجربة» تنتهى فى أكتوبر المقبل، نستخلص منها الدروس:
أ- قدرة وزارة الزراعة على الاستصلاح والاستزراع.
ب- كيفية التنسيق بين: الرى، الزراعة، الإسكان، التنمية المحلية.. فى إقامة مجتمعات عمرانية ليست عشوائية، بها كل المواصفات القياسية، والشروط البيئية والصحية لجذب الشباب للإقامة والإعاشة الدائمة وللتنمية المستدامة.
ج- التكلفة الفعلية، ونوعيات الزراعة الربحية، وتكيّف الشباب مع البيئة النائية الصحراوية، ونوعية الخدمات المطلوبة، وكيفية توفير مستلزمات الإنتاج، وتكلفة نقل المحصول، وأساليب التسويق التعاونى و..
الخلاصة: أن الرئيس استجاب لتحذيرنا، ولم ينزلق أو يتسرع، وقرّر تأجيل المليون فدان، لحين إكمال التجربة فى 10 آلاف فدان (كنموذج يمكن الاستفادة من عيوبه ومميزاته) وساعتها يمكننا تعميمه وتكراره.. وهذا عين العقل.. والحمد لله أن الرئيس لا يحمل دكتوراه فى العند، وإلا كُنا لبسنا فى الحيط، زى توشكى وأبوطرطور!!
صباح الخير سيادة الرئيس..
حقيقى، نحييك ونشكرك ونؤيدك، فى كل «موقف» واضح ومفهوم وعاقل، يدل على أنك تستمع لكل رأى سليم، ولا تغضب من أى نقد بنّاء، حتى لو اختلف مع وجهة نظر من أقنعوك أن تتبنّاها.. ولست مـن خريـجى مدرسـة «خلّيهم يتسلوا»!!
رجاؤنا أن تضع «الزراعة» أولوية، والبحوث الزراعية هى «نور عنينا».. بعد أن تم تدميرها بسياسات بدأت على يد أحمد عز، رئيس لجنة الخطة والموازنة فى عصر الفساد، عندما قرّر أن تكون ميزانية مبنى التليفزيون 3.4 مليار جنيه، والبحوث الزراعية 120 مليوناً، وبحوث الصحراء -المسئولة عن 94% من مساحة مصر- 21 مليوناً.. وفشل التليفزيون، ودمّرنا البحوث الزراعية، وأصبحنا نستورد من غذائنا 62%، بواحد وعشرين مليار دولار، أكل وشرب ودخان!!
يا ريس.. القضية مش نستصلح 4 ملايين فدان جديدة.. القضية: كيف ننهض بقطاع الزراعة (كله على بعضه).. وننقذه من الإفلاس والدمار؟
وبداية، نسأل أنفسنا (بعد تركيب محبس على النيل) كيف سنُدير مواردنا المائية؟.. العالم بيحسب: متر مكعب المياه بيجيب كام فلوس، بعد الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية؟.. وبالتالى نضع «السياسات» التى تحقق الخطة، و«البرامج» التى تُنفّذها، و«الآليات» التى نحتاجها فى الزراعات النباتية والثروة الحيوانية والداجنة والسمكية.. وعندنا «فُرص» بلا حدود من موارد ربّانية!!
الخلاصة: مش عايزين النهاردة المليون فدان.. عايزين مليون مشروع، متوسط وصغير، ومتناهى الصغر.. يخلقوا خمسة ملايين فرصة عمل، يفتحوا باب الأمل، بسرعة أرجوكم!!
ونستكمل الثلاثاء المقبل.