سلام: الإرهابيون كان هدفهم فرض السيطرة على "الشيخ زويد"
قال الدكتور صلاح سلام، السيناوى الأصل، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن ما يقرب من 300 إرهابى حاولوا السيطرة على مدينة السيخ زويد، معظمهم من الدفعة الجديدة من أبناء ولاية سيناء، وأضاف فى حواره لـ«الوطن»، أن الإرهابيين انتشروا فى كل شوارع المدينة، وتسللوا إلى مستشفى الشيخ زويد لمنع دخول سيارات الإسعاف، وأن الحال استمر هكذا حتى وصلت طائرات القوات المسلحة التى فرضت السيطرة على المنطقة، وأشار إلى أن الإرهابيين استخدموا أسلحة جديدة ومتطورة فى الهجوم على الكمائن، مثل صواريخ «كورنيت»، ومضادات للطائرات.
■ كيف ترى المشهد فى سيناء فى الوقت الحالى؟
- مساحة سيناء 61 ألف كيلومتر مربع، والمنطقة الأكثر سخونة فيها هى 1600 كيلومتر مربع، أى أن الأحداث فى منطقة محدودة جداً من سيناء، وهى حدود العريش الشمالية حتى حدودنا مع غزة، وتشمل منطقة رفح، ومدينة الشيخ زويد، وهى منطقة منبسطة وعدد سكانها كان يفوق 100 ألف نسمة، وعدد كبير من الأسر هاجر طوعياً للعريش، وإلى منطقة وادى النيل، وسكان الحدود هُجروا قسراً منذ التسعينات، فأعداد السكان باتت قليلة جداً، حتى حادث كرم القواديس كان خارج العريش على بُعد 15 كيلومتراً فى اتجاه رفح، فلا بد أن نوضح أن العمليات العسكرية فى منطقة محدودة جداً، لذلك فالتهويل من الموضوع ليس مطلوباً، ولكن التهوين أيضاً مرفوض.
■ من خلال وجودك فى العريش.. ماذا حدث أمس الأول؟
- حاولت التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة السيطرة على الأرض فى مدينة الشيخ زويد، وقسم الشيخ زويد، وكان عدد كبير من المسلحين من 200 إلى 300 شخص، أغلبهم من الدفعة الجديدة من أبناء ولاية سيناء، منتشرين فى كل شوارع الشيخ زويد، وعلى الرغم من أن المدينة صغيرة فإن السيطرة عليها تحتاج إلى عدد كبير، حيث اختبأوا فى الشوارع الرئيسية والجانبية لمنع وصول الإمدادات إلى الناس، وبعض منهم تسلل إلى مستشفى الشيخ زويد لمنع دخول سيارات الإسعاف، حتى وصلت طائرات القوات المسلحة وسيطرت على الموقف، وفى الوقت نفسه نفذ عدد آخر من عناصر الجماعات الإرهابية هجوماً جديداً من نوعه على 5 أكمنة رئيسية فى وقت واحد، لإشغال القوات المسلحة، مستعينة بأسلحة لم تستخدم فى المنطقة فى السابق، مثل صواريخ «كورنيت» ومضادات للطائرات.[FirstQuote]
■ أين موقع تمركز هؤلاء الإرهابيين فى ظل وجود سيطرة عسكرية وتضييق أمنى فى المنطقة؟
- الإرهابيون يتمركزون فى أماكن تحت الأرض مثل «حماس» و«حزب الله»، وتضاريس المنطقة تسمح بالهروب تحت المزارع، وخارج الكتلة السكنية، ومدينة الشيخ زويد تتكون من 3 أحياء صغيرة، إلى أن مساحة الزراعات واسعة، ومن الممكن أن تحفر خندقاً تنتقل منه إلى المدينة، كما أنهم استخدموا أسطح المنازل لإطلاق النار على الجيش، ومن يرفض من الأهالى السماح لهم بالصعود كان يُقتل فوراً، ما تسبب فى قتل عدد من المدنيين أمس الأول.
■ هل هناك إحصائية بأعداد القتلى من المدنيين؟
- من الصعب الحصر، لأن الإخلاء لم يتم بواسطة سيارات الإسعاف، لأنه كان من الصعب دخولها أثناء العمليات، فى ظل وجود قذف من طائرات الجيش، فى البداية دخلت 12 سيارة إسعاف بينها 3 سيارات فى منطقة قسم شرطة الشيخ زويد، و9 فى مناطق مختلفة، لنقل المصابين وجثث القتلى، وأطلق المسلحون النار على سيارة فانفجرت أنبوبة أكسجين، فهربت سيارات الإسعاف ثم عادت مرة أخرى فى الساعة الرابعة عصراً، حتى تمكنت القوات من فك الحصار عن قسم الشيخ زويد، وكان به 12 مصاباً وعدد من الجنود تم إخلاؤهم عن طريق الإسعاف، ولكن الجديد أنه لأول مرة كان هناك طائرة حربية نقلت عدداً كبيراً من المصابين من موقع الحدث فى منطقة الشيخ زويد إلى القاهرة مباشرة.
■ ما أنواع الأسلحة التى يستخدمها الإرهابيون؟
- كل شهود العيان قالوا إنهم شاهدوا صواريخ «كورنيت»، وقذائف «آر بى جى» و«هاون»، وصواريخ موجهة، ومضادات طائرات مثبتة على عربات «كروز»، معظمها أسلحة جديدة وحديثة تشاهَد لأول مرة على أرض سيناء.
■ كيف دخلت هذه الأسلحة فى ظل التضييق الأمنى الذى يفرضه الجيش فى سيناء؟
- فى فترة السيولة الأمنية بعد ثورة 25 يناير، كانت هناك أسلحة بكميات كبيرة تدخل من ليبيا والسودان من البر والبحر، على أساس أنها تدخل لـ«حماس»، وكانت تجارتها رائجة جداً، وهناك بالفعل كميات كبيرة مخزنة منذ تلك الفترة، لكن علينا أيضاً أن نعترف بأن طبيعة سيناء الجغرافية مفتوحة، وحدودها مع إسرائيل تبلغ 214 كيلومتراً ومع غزة 14 كيلومتراً، إضافة إلى البحرين الأحمر والأبيض، والتهريب وارد، فالسيطرة عليها بالكامل تحتاج لكم هائل من القوات مع السيطرة الجوية، لكن لا بد من وقفة وإعادة نظر فى الاستراتيجيات المتبعة، لتأمين سيناء ومنع تهريب الأسلحة.
■ ماذا عن الأهالى فى سيناء وشيوخ البدو؟
- الأهالى كانوا بين المطرقة والسندان بين ضرب الطائرات من السماء، وضرب النار من الإرهابيين على الأرض، يعيشون «الغُلب» بكل صوره، هم بين نارين، لو تعاونوا مع القوات المسلحة فسيقتلون وهناك عدد كبير منهم ومن مشايخهم قُتلوا، ولو تعاونوا مع الإرهابيين فإنهم يخونون الوطن، لذلك يلزمون الحياد للحفاظ على حياتهم وأسرهم، وهناك أكثر من 12 شيخ قبيلة و100 شاب يتعاونون مع قوات الأمن تعاوناً مستتراً، وحتى من انضم للإرهابيين لا كلمة لشيخ القبيلة عليه، لأنه يكون بلغة البدو «اتشمس»، أى خارج دمهم، والشيخ غير مسئول عنه.
■ من خلال الصور التى بُثت للقتلى، هل تجد أن هناك بدواً بين الإرهابيين؟
- الصور تؤكد أنهم أجانب، ومعظمهم «شوام» وغربيون، صورة واحدة فقط من البدو، مع العلم أن هذا التكتيك والتدريب واضح أنه يخضع لعناصر لا علاقة لها بسيناء، و«حماس» هى إحدى المنظمات الكبيرة التى تعمل بنفس الأسلوب، وأجبرت إسرائيل على الفرار من شمال غزة، وهو أيضاً أسلوب «حزب الله» الذى أجبر إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان، ولا بد من عدم الاستهانة بهذا الأمر، الذى يحتاج إلى عمل استخباراتى، ونحن نعلم أن الجيش لديه قوة كبيرة جداً، وسينتصر على هؤلاء.
■ سبق وأعلن «داعش» من خلال مواقعه منذ فترة عن غزوة رمضانية فى مصر.. هل هذا كان يدق ناقوس الخطر؟
- نحن لسنا فى حاجة إلى دق الناقوس، لأننا منذ عام 2012، وكل عام، على موعد مع عمليات إرهابية فى المنطقة، لأن لديهم عقيدة فضل الاستشهاد فى رمضان، وكان هناك استعداد لذلك، وهو ما ساعد على تقليل الخسائر.
■ هل ترى أن الجيش خرج منتصراً من معركة أمس؟
- الحقيقة أن حجم الخسائر التى أشيعت على المواقع الإلكترونية فيه تهويل كبير، والسبب فى ذلك أن شهود العيان أبلغوا بأن هناك هجوماً كاسحاً على عدد من الأكمنة التى استهدفت، وعلى اعتبار ما كان يحدث من قبل بوجود 20 حالة وفاة فى كل كمين توقع الأعداد بشكل حسابى فقط، لكن المعارك التى حدثت بالنسبة لحجم الخسائر فى الأرواح أعداد قليلة جداً، ويرحم الله الشهداء، وقوات الجيش تمكنت من السيطرة على الوضع، وكانت هناك يقظة عسكرية كبيرة، وخروج طائرات الأباتشى مبكراً فى الوقت المناسب أدى إلى قتل عدد كبير من الإرهابيين، ومن المستحيل وغير الوارد أن تحدث سيطرة على «الشيخ زويد»، لأن القوات المسلحة لديها قوات نظامية، لكن لا شك أن هناك حالة حرب.
■ البعض يطالب بضرورة تهجير أهالى سيناء كحماية لهم.. ما رأيك؟
- هؤلاء يعيشون الوهم، ومن الواضح أنهم لا يعرفون سيناء إلا نظرياً، ولم يمروا حتى بالطائرات من فوق سيناء، ولا داعى للتنظير، وفى كل العصور، الاجتياح البرى لسيناء كان أسهل بكثير فى المناطق التى لا يوجد بها سكان، وخبرتنا فى الحروب السابقة فى 48 و56 و67، ومن يقرأ تاريخ المنطقة الساحلية التى كان بها عدد قليل من السكان يجد أن الاجتياح الإسرائيلى كان يحتاج لأيام، وكان فى وسط سيناء، لأنها مفرَّغة من السكان، من الحدود الإسرائيلية كان يصل لمسافة السكة فى أول يوم، فوجود الناس والحضر والبشر يحمى المنطقة، ولذلك كنا دائماً نطالب بإعمار سيناء وتنميتها.[SecondQuote]
■ ما الاستراتيجية المفروض أن تتبع لتنمية سيناء؟
- بعد انتصار أكتوبر 1973 وفى أولى ساعات التحرير، كان لى شرف الجلوس مع الرئيس السادات باعتبارى مقرر أسرة سيناء بكلية الطب، وجلست مع «السادات» فى القنطرة على الأرض وقال لى إنه بعد اتفاقية السلام كان لا يهتم بأن يملأ سيناء بالجيش، وإنما أن يملأها بالمصانع والمزارع، وأن يكون لكل دول العالم مصالح من خلال مصانع تشارك فيها ألمانيا والصين وأمريكا وكوريا واليابان، وتصبح محمية من كل غزو، لتكون هونج كونج الشرق.
■ لكن البعض يرى أن اتفاقية «كامب ديفيد» تكبل يد مصر، ولا بد من إلغائها.
- «السادات» لم يخطئ فى «كامب ديفيد»، لأنه كان لديه استراتيجية مختلفة، لكنها لم تطبق، لأنه لم يمهله الوقت والزمن، ووافق بهذا الشكل على حمايتها بمصالح الدول العظمى فيها، مع الانتشار والكثافة السكانية بها، وطالب أن يكون لسيناء قانون اقتصادى خاص، لكن بعد وفاته لم يتحقق ما تمناه، وظلت سيناء مفرغة تماماً، فاستمرت الاتفاقية بهذا الشكل فلم يصبح لها فائدة.
■ هل تعتبر اتفاقية كامب ديفيد مطبقة الآن؟
- لا، تقريباً الاتفاقية تقطعت، بدخول هذا الكم من القوات المسلحة وهذا الكم من طائرات الأباتشى فى هذا الوقت فى المنطقة «ج»، وكان مسموحاً الدخول فقط لـ700 جندى، وهو عدد لا يجوز الآن، ولا أعتقد أن الجيش المصرى بعد القضاء على الإرهاب من الممكن أن يترك سيناء.
■ ما المطلوب الآن لتحسين الأوضاع فى سيناء؟
- هناك جهود مبذولة الآن، لكن لا بد من المزيد من الجهود التى تطرح، ولا تكون الجهود أمنية فقط، فلا بد من غزو سيناء ثقافياً واجتماعياً وفكرياً، وأطالب القوات المسلحة بالبدء فوراً فى إنشاء 10 مصانع الآن فى منطقة وسط سيناء بجوار مصنع أسمنت الجيش ومصنع أسمنت الدكتور حسن راتب، ومن الممكن أن نقيم مشروعات للرخام والمنجنيز، والأسمنت والطفلة فيها لأنها منطقة منبسطة، ولا ننتظر المستثمر الأجنبى، لاستيعاب طاقات الشباب فى المنطقة، ولو استوعب كل مصنع 500 شاب، يعنى أكثر من 5000 أسرة، وإعادة مشروعات الثروة السمكية، بعد السيطرة على بحيرة البردويل.
■ باعتبارك عضواً فى المجلس القومى لحقوق الإنسان.. دعوت لعقد مؤتمر وطنى فى سيناء.
- باعتبارى سيناوى الأصل، سيناء صاحبة الفضل الأول علىَّ فى كل مجالات حياتى، كنت أتمنى أن أرى العريش مثل شرم الشيخ، وأن نُشعر العالم بأن سيناء موجودة، والدولة موجودة بقوة، دعوت كل أجهزة الدولة لعقد مؤتمر لعرض خطط لتنمية سيناء، الناس تريد أن تسمع شيئاً غير صوت الرصاص ولا أعرف لماذا تأجل هذا المؤتمر؟
■ ولكن هل تسمح الأجواء الأمنية بذلك؟
- المنطقة من القنطرة حتى العريش 155 كيلومتراً، لم تطلق رصاصه للإرهاب فيها، فلماذا كل هذا الخوف والرعب، وهناك محافظ يؤدى فعاليات يومياً، وهناك مصيفون فى العريش، رغم ما يسمع عن أجواء خطيرة، وعليه فالحياة مستمرة على وتيرتها اليومية، لدرجة أنه فى ليالى رمضان فى العريش على الرغم من حظر التجوال نجد المواطنين يسهرون فى الشارع حتى السحور.[ThirdQuote]
■ ما أبرز الجماعات الإرهابية فى شمال سيناء؟
- أكبر جماعة إرهابية هناك هى «بيت المقدس»، لكن نسبة السيناوية فى «بيت المقدس» لا تتجاوز الـ5%، وهؤلاء من قبل الثورة، بسبب مشكلاتهم مع الحكومة بعد حادث تفجيرات طابا 2004، مع اتساع دائرة الاشتباه وتلفيق الكثير من القضايا، ولا بد من الإفراج عن هؤلاء لتهدئة الشباب السيناوى، ولا بد من إعادة تشكيل فكر الشباب، خاصة مع انتشار البطالة بعد إغلاق الأنفاق.
■ هل تسبب إغلاق الأنفاق فى ارتفاع نسبة البطالة؟
- منذ عام 1997 وأنا أطالب بإغلاق الأنفاق، وهناك ومحضر مسجل على لسانى وقلت أكثر من مرة إن الأنفاق سبب «البلاوى السودا» كلها، وتم غض الطرف عنها لمدة 8 سنوات، ولكن الآن قلت لهم قبل إغلاق الأنفاق: لا بد من توفير مصدر رزق للناس الذين كانوا يستغلون الأنفاق لتهريب بضائع ليأكلوا منها «عيش»، فهاجمنى الكثير من الناس.
■ ما أبرز التوصيات التى أصدرتها بعثة تقصى الحقائق فى سيناء؟
- جبر الضرر للمتوفين والمصابين وتعويض أسرهم مادياً ومعنوياً، وتعويض أصحاب المزارع التى جرّفت، خاصة مزارع الزيتون، وهى مساحات كبيرة، وتقديم مساعدات عاجلة للنازحين، وتوفير مساكن ملائمة لهم، نظراً لارتفاع أسعار الإيجار بالمدن الهادئة، ومخاطبة وزارة التربية والتعليم لقبول الأطفال دون إجراءات تعسفية، وتقديم تعويضات مناسبة للأهالى عما لحق بهم من ضرر.
كما أطالب بنقل الحصص التموينية للسكان النازحين من رفح والشيخ زويد، وضرورة إعادة النظر فى خريطة التعيينات الحكومية، لدمج أهالى سيناء فى المؤسسات الحكومية، وعقد حملات توعوية لأهالى سيناء، لوضعهم فى الصورة بشكل مباشر، والاستعانة بهم فى دحر الإرهاب.