الدقهلية تستقبل الصيادين العائدين من السودان بـ«مواكب فرحة»
الدقهلية تستقبل الصيادين العائدين من السودان بـ«مواكب فرحة»
اسقبال شعبى حافل للصيادين بعد عودتهم من الاحتجاز فى السودان
عودة 75 صياداً واحتجاز 7 بمطار القاهرة لعدم وجود إثبات هوية.. وزوجة تحمل رضيعها وتبكى فى حضن زوجها.. وتردد: «دى بنت يا محمود ولدتها وانت فى السجن»
عاشت مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية حالة من السعادة الغامرة، أمس، عقب استقبال الأهالى 75 صياداً بعد 120 يوماً من الاحتجاز فى السودان، فيما لم يتحمل المواطن عبده الزغبى، من سكان المدينة، الأفراح التى انطلقت فى الشوارع وأصيب بأزمة قلبية توفى على أثرها بعد ساعات من محاولة إسعافه.
«الوطن» عاشت الفرحة مع الأهالى، ففى منزل عبده محمد شتا، 48 عاماً، طباخ على أحد المراكب، انطلقت الزغاريد من كل مكان احتفالاً بعودته، وقال «شتا»: «فرحتى كانت أكبر عندما علمت بافتتاح قناة السويس، فلم نعلم بخبر افتتاحها إلا ونحن فى مطار القاهرة، وقتها سجدت لله شكراً، رغم مرورنا بلحظات من القلق بسبب البعد عن أسرنا، خاصة أننا توقعنا أن تكون مدة الرحلة 29 يوماً فتركت لأسرتى ما يكفيهم من أموال لهذه المدة فقط، فضلاً عن أنى أخذت معى علاجاً يكفى هذه الفترة، وبعد أن نفد الدواء أصبت بارتفاع فى السكر، وتم نقلى إلى المستشفى فى حالة خطرة وأجروا لى تحاليل أكدت خطورة حالتى، ولكن كان العلاج عبارة عن شريط «بروفين» مسكن وآخر للصداع ولم يصرفوا لى علاج السكر ولا الضغط، ولذلك تردد أنى توفيت، وفعلاً خلال هذه الفترة رأيت الموت بعينى».
وأضاف: «شربنا الميه بالدود، وحجزونا فى سجن معظمهم من الجنائيين صادر ضدهم أحكام بالإعدام، ولم نعلم الاتهامات الموجهة لنا، وحكموا علينا بالسجن سنتين وغرامة 5 آلاف جنيها، وبعدها تم إلغاء الإحكام لنفاجأ بتوجيه اتهامات بالتجسس وتصوير منشآت عسكرية، ييجيوا يشوفوا بيتى وأولادى، فأنا أعيش أنا وزوجتى وأبنائى وحماتى فى حجرة واحدة».
«شتا»: «شربنا الميه بالدود وعشنا أيام سودة».. وجمال أبوسمرة: «كنا ننتظر الإعدام»
«مر علينا شهر رمضان وعيد الفطر ولم يدخل بيوتنا الفرح»، كانت تلك كلمات «ناعسة»، زوجة عبده شتا التى وصفت الصيادين بأنهم غلابة ولا يستحقون ما جرى لهم، لافتة إلى أنهم خرجوا للرزق بحثاً عن الكفاف، وأضافت: «هما كانوا مسجونين واحنا كنا مسجونين زيهم، تم القبض عليهم فى السودان، وقلنا يوم ويرجعوا، ولكن مر 4 شهور ولم يعودوا، وانتظرناهم فى رمضان، وللأسف قضينا رمضان بدونهم، وجاءت الأيام الأخيرة وحصلنا على وعود بالإفراج عنهم وكانوا هم ضحايا خلافات سياسية. الحمد لله النهارده بس حسيت إنى عايشة أنا وأولادى الأربعة وروحنا رجعت لنا، وبنشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى على تدخله، فرحتنا قد فرحة مصر كلها بقناة السويس، ولأول مرة منذ القبض على زوجى الفرح يدخل بيتنا وكنا بنحتفل مع الرئيس بقناة السويس بعد ما اطمئنينا إن الصيادين كلهم وصلوا المطار قبل الافتتاح وكان الرئيس كان باعت لنا هدية قبل الافتتاح».
وفى منزل عائلة أبوسمرة نصب الأطفال «المراجيح» ابتهاجاً بعودة أبنائهم بعد حرمانهم من الفرحة طوال 4 شهور إثر تغيب والدهم عن الأسرة بصحبة أشقائه الأربعة وزوج شقيقتهم وجميعهم كانوا على نفس المركب، وعاد الأشقاء الأربعة بينما بقى زوج شقيقتهم ليعود مع المراكب بعد غد، ولم يمنع غيابه الأسرة من الاحتفال، حيث خرجت والدتهم «أمينة السويركى» لاستقبالهم على مدخل الشارع، وارتمى الأبناء الأربعة فى أحضانها، وانهمر الجميع فى البكاء.
وقالت الأم»: «روحى رجعت لى والله، والبركة فى الريس، ربنا يفرّح قلبه زى ما فرّح قلوبنا ويحبّب فيه خلقه وينصره على من يعاديه.. آمين يا رب العالمين»، وتابعت باكية: «الابتسامة غابت عن وجوهنا وعيالنا، كنا ميتين وهما مسجونين، لكن النهارده هنعيش ونفرح ونعيّد وهما فى وسطنا».
فيما روى الشقيقان، السيد وجمال أبوسمرة شتات، تفاصيل الرحلة الصعبة وسوء المعاملة فى السجون السودانية، وقال جمال: «كل كام يوم ناس يتم إعدامها فى السجن، وكان الرعب مالينا وكنا منتظرين دورنا فى الإعدام، وكان أى شخص يخالف أى تعليمات فى السجن يتم حبسه فى سجن انفرادى كام يوم، وساعات كانوا يدخّلوه على جثث المساجين فى غرفة الإعدام وعرفنا إننا بنتحاكم، وبعدها عرفنا إننا حُكم علينا وماكانش حد فينا عارف إحنا متهمين بإيه، ومدير السجن قال لنا مصيركم الإعدام يا جواسيس وكانوا بيعاملونا معاملة سيئة جداً».
وأكد جمال أنهم لم يخالفوا شروط الصيد وتم القبض عليهم فى المياه الدولية، موضحاً أنهم كانوا مجرد ضحايا للعبة سياسية نفذتها الحكومة السودانية بهدف الإفراج عن السودانيين المحبوسين فى مصر فى تهم حقيقية، فلفقت الحكومة للصيادين تهماً باطلة وأضاف: «كنا ضحية صراع سياسى بين دولتين لكن الرئيس السيسى أثبت أن مصلحة المصريين وسلامتهم أهم عنده من أى شىء».
وانهارت إيمان السعيد شتات، زوجة الصياد محمود الشوا، 26 عاماً، وهى تحمل طفلتها الرضيعة وتحتضن زوجها مرددة: «دى بنت يا محمود ولدتها وانت فى السجن وكان نفسى تكون جنبى وتكون أول واحد يشيلها، لكن منهم لله الظلمة اللى بعدوك عننا»، وقالت وهى تبكى: «محمود أول مرة يشوف بنته النهارده، وأنا أول مرة أحس بفرحة ولادتها لأنى ما حسيتش غير بالحزن والألم من ساعة ما سافر».
واحتضن محمود ابنته مردداً: «كنت أحسب أيام حملها باليوم وكنت عارف إنها ولدت وأنا فى السودان لكن كان نفسى أعرف بنت ولا ولد، وفرحت دلوقتى إنها بنت لأن البنت رزق، وإن شاء الله ربنا يرزقنا برزقها، وأشكر الرئيس السيسى إنه رجّعنى بلدى علشان أربى بنتى وأعيش وسط أهلى». وقالت والدة الصياد يحيى عبده يعقوب: «لم نره منذ 4 شهور، وكنا عايشين فى حزن وبيتنا فيه ميتم لأن ابنى هو اللى بيصرف عليا، واتقبض عليه فى السودان والدنيا اسودت وهو بعيد، لكن خلاص النهارده هنفرح ونعيش من جديد ومش هسيبه يروح بعيد عنى تانى».
من جانبه قال سامى غبن، محامى نقابة الصيادين المستقلة، إن تدخل الرئاسة حسم القضية فى الأسبوع الأخير فقط، لافتاً إلى أنه تم الإفراج عنهم مقابل الإفراج عن 46 من السودانيين المحتجزين فى مصر تم ترحيلهم فى الطائرة المصرية التى سافرت لإعادة الصيادين، ولولا قرار الرئيس لظل الصيادون فى السجون السودانية سنين، لأن القضية سياسية فى المقام الأول، وأشار إلى أن «وزير الخارجية أكد أنهم سيعودون لبلدهم وسيأتى لزيارتهم بنفسه، وبالفعل خرج الصيادون ونحن ننتظر تنفيذ وعده بالزيارة»، لافتاً إلى أنه تم احتجاز بعض الصيادين فى مطار القاهرة لمدة 24 ساعة بسبب نقص الأوراق وإثبات الهوية.
وعبّر طه الشريدى، رئيس النقابة المستقلة للصيادين، عن فرحته مشيراً إلى أنهم بصدد تنظيم حفل كبير بعد عودة جميع الصيادين إلى أسرهم والإفراج عن المراكب الثلاثة التى من المحتمل وصولها بعد غد، موضحاً أنهم واجهوا بعض المشاكل فى المطار بسبب عدم وجود إثبات هوية لبعض الصيادين، وهو ما أفسد الفرحة، معرباً عن أمله فى تدخل الرئاسة للإفراج عن المحتجزين.