مستشفى الشلاتين: طبيب لكل التخصصات «لحد ما يجيبوا دكاترة»
مستشفى الشلاتين: طبيب لكل التخصصات «لحد ما يجيبوا دكاترة»
د. هيثم يقوم بالكشف على أحد المرضى داخل استراحة الأطباء
أدوات طبيبة ملقاة هنا وهناك، عربات إسعاف تغطيها الأتربة، دماء تلطخ الجدران والأرضية، أسرة ملقاة فى الطرقات، صورة تشكل الإهمال الذى ينضح من داخل مستشفى الشلاتين، الصعود للطابق الثانى، عليك الانتظار قليلاً حتى تستوعب أنك داخل سكن الأطباء، طبيب المستشفى ومديره هيثم أنور يجلس بملابس النوم على أحد الأسرة، وينفث دخان سيجارته بحرية، يبدو الأمر صعب الاستيعاب، سكن الأطباء ما هو إلا مستشفى الشلاتين: «بنشتغل مطرح ما بنام»، يقولها الدكتور هيثم، مدير المستشفى وطبيبه الوحيد ويعّرف نفسه: «دكتور أطفال وصدر وعناية مركزة لحد ما يجيبوا دكتور عناية مركزة، وكمان مدير المستشفى». لا يدارى «أنور» الوضع السيئ بحجج أو مبررات، ويعترف بحال المستشفى ولا يكابر فى الدفاع عنه، ولا يجد إلا الاستسلام لجميع اتهامات أهل البلد، ويقول لـ«الوطن»: «يبقى الحال على ما هو عليه»، وينتظر أطباء يعاونونه، وليس الأطباء وحدهم، لكن حسب قوله: «مستشفى الشلاتين محتاجة مستشفى»، ليس الأمر مجرد نقص أطباء مزمن، ولكن الأزمة تكمن فى أن المستشفى ليس به أى أجهزة، ولا أطباء ولا عاملين: «ولا أى شىء»، وكل ما يوجد بالمستشفى 4 غرف، منذ هدم مبنى المستشفى لإعادة بنائه من جديد،
لدى «أنور» كثير من الروايات عن حالات جاءت للمستشفى فى حالة خطرة ولم يجد حتى «القطن» لكى يضمد جروحها، بل وكانت فى انتظار سيارة إسعاف تنقلها إلى مستشفى آخر ولكن لا تتحرك إلا بتنسيق مع مستشفيات على بعد أكثر من 400 كيلو، ولا توجد وسيلة اتصال لإجراء ذلك التنسيق فى ظل عدم وجود شبكات للهواتف المحمولة، وحين الوصول إلى أى منها يرفض استقبال الحالة بدعوة: «مفيش مكان لاستقبالها».
مشاجرات عديدة دخل فيها «أنور» مع أهالى المنطقة، اعتداءات مستمرة من أهالى المرضى الذى لا يجدون سواه ليصبوا غضبهم عليه، وهو لا يملك من الأمر شيئاً، بل يجد فى تحمله مسئولية إدارة المستشفى: «اللى هى مش مستشفى» عبئاً ثقيلاً: «حاطينى فى وش المدفع مع الأهالى»، ويعترف لهم فى كل مرة أن المستشفى ليس به أى إمكانيات وليس لديه أى أطباء لكى يعالجوا تلك الحالات الخطيرة فى بعض الأحيان.
الأدوات الطبية ملقاة على الأرض.. ودماء تلطخ غرفة العمليات
يتجول «أنور» داخل المستشفى، ويشير إلى غرفة المعمل «ده كان الحمام وحولناه معمل»، ويشير إلى غرفة الأشعة: «ده كان المطبخ»، ويشير إلى غرفة نومه التى حولها لمقر استقبال حالات الطوارئ، بجانب غرفة يظهر بها أحد الأسرة الملطخ بالدماء، والمناديل الورقية التى أحمرت من كثرة الدماء ملقاة هنا وهناك: «ديه غرفة الولادة»، لم يكن فى المستشفى من قبل عملية التطوير إلا طبيبان، حسب رواية مدير المستشفى، أنا وطبيب جراحة: «وده دلوقتى مش بيشتغل بعد ما اتهد المقر معندوش غرفة عمليات»، ويقوم الآن بالعمل فى العيادة الجراحية: «يكتب علاج لمن ينتظرون إجراء عملية، ولكن أقصى حاجة ممكن يعملها فتح خراج».