يحيى حسين عبدالهادى: «تحصين عقود الاستثمار» جعل مصر مسرحاً لـ«غسيل الأموال»
يحيى حسين عبدالهادى: «تحصين عقود الاستثمار» جعل مصر مسرحاً لـ«غسيل الأموال»
المهندس يحيى حسين عبدالهادى
قال المهندس يحيى حسين عبدالهادى، المدير الأسبق لمعهد إعداد القادة، إن قانون تحصين عقود الاستثمار التى تُبرمها الحكومة مع المستثمرين جعل من مصر مسرحاً لـ«غسيل الأموال»، ويمثل استعلاءً على أحكام القضاء، واستنساخاً لجيل من الفاسدين على شاكلة نظام «مبارك»، يمكنهم الاستيلاء على المال العام بطريقة مقننة.
وأضاف «عبدالهادى» فى حوار لـ«الوطن» أن تبرئة الحكومة للموظف العام المُرتشى والمحكوم عليه قضائياً، «أمر فج» لم يحدث فى مصر من قبل، وأصبح الكسب غير المشروع «مشروعاً»، مستشهداً بمقولة مأثورة لعميد الأدب العربى طه حسين فى قوله «تَحدُثُ فى مصر أمورٌ لم يسمع بها أحدٌ من أهل الأرض».. وإلى نص الحوار:
مدير «إعداد القادة» السابق لـ«الوطن»: خاب رجائى فى مكافحة الفساد بعد 25 يناير
■ هل الفساد أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع ثورة 25 يناير؟
- بالطبع، كان أحد الأسباب الرئيسية والمُعول الرئيسى فى تصدع دولة المخلوع «مبارك»، ففى فترة حكمه، وتحديداً فى السنوات الأخيرة استشرى الفساد فى مصر بصورة غير مسبوقة.
■ وما أبرز مظاهر ذلك الفساد فى عهد المخلوع؟
- الفساد المؤسسى المتوغل فى أغلب الهيئات والجهات والدواوين الحكومية، الذى ظهر جلياً فى العشر سنوات الأخيرة فى عصره، حيث ظهرت خلالها مظاهر فجة لهذا الفساد، وكان على رأسها فساد صفقات عقود بيع شركات القطاع العام فيما عُرف ببرنامج «الخصخصة»، إضافة إلى ذلك صاحب تلك الفترة مظهر من مظاهر الفساد واستشرى بكثرة بل وصار عُرفاً أن يقوم رؤساء المؤسسات العامة بتقديم هدايا عينية باهظة الثمن من المال العام إلى كبار المسئولين فى الدولة، وكان المسئولون يقبلونها باعتبارها حقاً مُكتسباً وليس كسباً غير مشروع.
«قانون 32» يغل يد أى مواطن فى الطعن على العقود التى تبرمها الحكومة مع المستثمرين
■ وهل أوقفت ثورة 25 يناير هذا العرف؟
- استبشرنا خيراً باندلاع ثورة يناير، التى ساهمت فى إيقافه قبل أن يتحول العُرف الفاسدُ إلى قانون، وكشفت الثورة عدداً من القضايا ومن أشهرها ما عرف إعلامياً بقضية «هدايا الصحافة والإعلام»، التى ضمت طرفين أحدهما هؤلاء الذين قدموا الهدايا لتسهيل الاستيلاء على المال العام، بينما الطرف الآخر هم الذين قبلوا تلك الهدايا، ما يُعد كسباً غير مشروع، وفى تلك الفترة بادر حوالى 40 شخصاً برد قيمة الهدايا، من بينهم زكريا عزمى وصفوت الشريف، وعادل السعيد رئيس المكتب الفنى للسيد النائب العام الأسبق، وهو الذى تم تعيينه مؤخراً رئيساً لجهاز الكسب غير المشروع، فهل يُعقل ذلك؟
■ وهل ترى الدولة ماضية فى مكافحة الفساد حالياً؟
- للأسف خاب رجائى فى قدرتنا على مكافحة الفساد بعد اندلاع ثورتى 25 يناير و30 يونيو بعد إصدار عدد من القوانين التى لا تكافح الفساد، ولكن تُمهد لبيئة ومناخ لتفريغ جيل من الفاسدين بعيداً عن رقابة المراقبين.
■ وما تلك القوانين من وجهة نظرك؟
- القانونان الأكثر جدلاً واللذان أصابانى بالدهشة، هما القانون رقم 32 لسنة 2014 الصادر فى أبريل من العام الماضى والخاص بتحصين عقود الاستثمار التى توقعها الحكومة مع المستثمرين ضد الطعن، وقصرها على طرفى التعاقد والذى أصدره الرئيس السابق المستشار عدلى منصور، وأرى أنه يغل يد أى مواطن فى الطعن على العقود التى تبرمها الحكومة مع رجال أعمال، حتى إذا شابها الفساد، وهو ما يؤكد توجه الحكومة لتحصين الفساد، وتمكين رجال الأعمال من سرقة أموال الشعب، وتحصين عقود الاستثمار وقصرها على طرفى التعاقد، يهدر حقوق المواطن، ويضيع مقدرات وثروات البلاد.