بروفايل: السيد البدوى.. إمساك العصا من المنتصف
الإمساك بالعصا من منتصفها أسلم الحلول لديه.. لديه الرخصتان.. معارض بدرجة مؤيد، تراه تارة فى الميدان يقف فى وجه سلطة تحبو نحو الديكتاتورية بخُطى وئيدة، وتارة فى قصر الرئاسة يلفى سيد القصر كى يطول الحديث فيما بينهما.. للسلطة إثم ومنافع، ومنفعتها قد تغلب على إثمها، فيكون فى ذلك خير.
على عتبات القصر تقف سيارته، بعد خروجه من القصر يردد أحد قيادات حزب الإخوان المسلمين السياسى لكاميرا جريدة «الوفد» التى يترأس هو مجلس إدارتها وحزبها «قول للوفد دوره قادم.. لبناء شراكة وطنية.. لأن الوفد حزب عريق.. ونحتفظ له بمكانته التاريخية.. والمستقبل للأحزاب القوية»، فلشراكات الحزب المتربع فوق كراسى السلطة بريق خاص.
لم تكن مقابلة البدوى للدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، ليلة أمس الأول، هى الموقف الأول من نوعه فى التعامل مع المواقف السياسية التى تحسم مصير البلاد، فرغم إعلان جبهة الإنقاذ الوطنى رفضها أى حوار لا تتوافر فيه آليات الجديّة، والتى على رأسها تأجيل الاستفتاء، أعلن البدوى قبوله الحضور ضمن من تراهم الرئاسة من الصفّ المعارض.
أمسك بعصا السياسة من المنتصف، فلا هو أعلن تأييداً، ولا هو عادَى رأس القصر.. يستمر كما هو فى جبهة الإنقاذ، وفى الوقت نفسه يحفظ لنفسه موقعاً أفضل لممارسة دوره «السياسى» بعيداً عن تهم الخيانة والغدر.. تجاهل قرار رفض الحوار، والتقى الرئيس، زاعماً أن يجعلها تحت مظلة الجبهة وموافقتها.
كان موقف البدوى عام 2010 عندما أعلن حزب الوفد انسحابه من الانتخابات البرلمانية لمّا وقع التزوير بشكل فادح، لكنه سرعان ما تراجع عن موقفه وحزبه، وأعلن خوضه الانتخابات، لأنه لا سبيل لإغضاب النظام إلا بذلك. وشارك فى الجلسة الافتتاحية للبرلمان ليستمع إلى خطاب مبارك.
أيضاً رغم اعتراض عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا للحزب على عدم الاستمرار فى الجمعية التأسيسية الثانية، بعد انسحاب عدد كبير من الأحزاب المدنية منها، فإنه أقنعهم بالبقاء، بل وجمد عضوية عدد من أعضاء الهيئة العليا الرافضين انتخاب ممثلى الوفد فى «التأسيسية»، وحتى عندما اتخذ الحزب قراراً بإجماع الهيئة العليا فى المرة الأخيرة على الانسحاب من «الـتأسيسية» كان البدوى من الثلاثة الذى صوتوا بـ«لا» على الانسحاب.
لا يُغرم الشارع بأنصاف الحلول، قليلون هم من يقبلون بمواقف البين بين.. تعرَّض بسبب بقائه فى المنطقة الرمادية لحادث تعدٍّ فى ميدان التحرير.
السيد البدوى، أحد كبار رجال السياسة والبيزنس فى المشهدين السياسى والاقتصادى المصريَين، يدافع عن ماله، وفى الدفاع حق، يحفظ شركاته فى مجال الأدوية وماكينات الإعلام التى ضمها إلى جيش حزبه العريق.
ورغم أن الهيئة العليا تسعى دائماً لأن تحجم ميوله للدفاع عن ثروته وتذكره بكيان الوفد الكبير وبدوره على مر التاريخ فى صنع القرار، وبين الجماهير فإنها لا تنجح فى تحقيق ذلك بشكل دائم.