أوقاف الدقهلية.. أراضى الفلاحين فى المزاد: ريحة «عبدالناصر» فى العقود
المزارعون يستغيثون من بيع أراضيهم فى «مزادات»
معاناة حقيقة يعيشها سكان بعض قرى الدقهلية معاناة حقيقية إثر بيع هيئة الأوقاف لأراضيهم ومنازلهم التى ينتفعون بها منذ أكثر من 50 عاماً، من خلال «مزادات»، بعد معاناة لسنوات بين المصالح والجهات الحكومية، حيث كانت الأراضى ملك الدولة وتغيرت الجهة المشرفة عليها عدة مرات بدأت بالإصلاح الزراعى عام 1966 ثم انتقلت إلى هيئة الأوقاف سنة 1982 وما تزال تشرف عليها هيئة الأوقاف المصرية، ومؤخراً فوجئ سكان تلك القرى بقوات الشرطة تطالبهم بإخلاء أراضيهم ومنازلهم لتنفيذ عملية التسليم للمشترين الجدد، الذين حصلوا على أحكام قضائية بطرد المزارعين والأسر التى تسكن المنازل والتمكين من الأرض.
النزاع على الملكية بدأ بين «الأوقاف» و«الإصلاح الزراعى» وانتهى إلى أحفاد العائلات التى صادرت الدولة أملاكهم
فى قرى منية سندوب، البقلية، سرسو، طناح شنفاس، منشية البدوى، بهوت، عزبة حماد، عزبة مرشاق، دكرنس، عاش الأهالى حائرين بين الهيئات والمصالح الحكومية حيث كانت تلك الأراضى ملك الدولة وتغيرت الجهة المشرفة عليها عدة مرات بدأت بالإصلاح الزراعى عام 1966 ثم انتقلت إلى هيئة الأوقاف سنة 1982 وما تزال تشرف عليها هيئة الأوقاف المصرية، وفى صباح يوم كئيب كان الأهالى على موعد مع خبر زلزل الأرض تحت أقدامهم؛ بيعت أراضيهم ومنازلهم التى يسكنونها ويعملون فيها فى مزاد علنى دون أن يعلموا، الأمر الذى جعلهم مهددين بالتشرد والطرد، فقضى معظمهم وقته بين أقسام الشرطة وساحات المحاكم مدافعاً عن أرضه التى يزرعها أو بيته الذى يسكنه هو وأسرته خوفاً من طرده رغم أنهم ورثوا الأراضى عن آبائهم وأجدادهم الذين تسلموها من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أو الحصول عليها كمنحة بعد مشاركتهم فى حرب اليمن.
«الأهالى كانوا مجرد ضحية لهيئتى الأوقاف المصرية والإصلاح الزراعى، بسبب النزاع على ملكية أراضيهم وتراكم مديونيات (الريع) على الفلاحين الذين شُغلوا بالدفاع عن أراضيهم أمام المحاكم، ما أثر بالسلب على الزراعة والإنتاجية، وأدى إلى تراكم الديون وخسائر فادحة للفلاح الذى يعيش بالكاد»، هكذا وصف محمد رفعت، محامى عدد من الفلاحين، مشيراً إلى أن هناك توجهاً لتصفية فلاحى الإصلاح الزراعى وإعادة تسليم أراضيهم للإقطاعيين ورجال الأعمال من جديد، لافتاً إلى أن من لا يوافق على طرده يتم حبسه.
محامى الأهالى: تسليم أراضى الفلاحين للإقطاعيين أصبح ظاهرة.. ومزارع: «أنقذنا يا ريس»
وأضاف: «نفهم جميعاً حساسية الفلاح المصرى من أن يدخل بيته غريب، فالشرطة تداهم المنازل ليلاً للقبض على المزارع البسيط بسبب مديونيات الريع»، فيما أكد مصطفى نجيب مصطفى أن معظم المزارعين فوجئوا ببيع منازلهم وأراضيهم فى مزاد علنى دون أن يعلموا، وتابع: «اشتروا بيوتنا من ورانا، مع إنى مولود فيها واللى جاى ياخد البيت ناس موظفين كبار فى الدولة والحكومة بتساعدهم وأنا عاوز أتملك بيتى وأدفع الإيجار من 70 سنة، وبيتى أنا عايش فيه أنا وولادى، هو كل واحد له نفوذ يطرد الناس من بيوتها؟! وأنا من أبطال 6 أكتوبر وتم أسرى فى إسرائيل وأخدت الأرض دى، بس الأوقاف شردتنى، وعاوزين نمنع الفساد فى الدولة، يعنى أعمل إيه أنا وولادى؟ نترمى فى الشارع».
وأكد محمد السيد جاد أنه يملك منزلاً تابعاً للأوقاف فى قرية ميت سندوب وفوجئ ببيع المنزل لشخص آخر دون علمه رغم إقامته بالمنزل لمدة زادت على 50 عاماً، وطالب الرئيس السيسى بالتدخل لحل الأزمة، وتابع: «أنقذنا يا ريس من استعمار هيئة الأوقاف.. 220 ألف فدان ينتفع بها أكثر من مليون إنسان لا يمتلكون بيوتهم، ليس لنا مساكن، ولا يوجد حل إلا بإلغاء القانون رقم 80 لسنة 1971».
وأوضح عز الرجال أحمد، من قرية بلجاى، أنه منذ سنة 1966 والأرض مسجلة فى الجمعية الزراعية باسم الإصلاح الزراعى وسلموها فى 1982 للأوقاف ووقّعوا على إقرارات بأن الأرض ملك الأوقاف وذُيلت الإقرارات بعبارة: «عليها مبانٍ ملك الغير»، وأضاف: «نعانى من الفساد الإدارى واستغلال النفوذ، فنحن نسدد الرسوم وحصلنا على أحكام قضائية وعقود ملكية، وأصبحت مشكلة الفلاحين حالياً فى قيمة الإيجار الذى يدفعه الفلاحون وهى أرض أوقاف من ورثة محمد على الكبير وورثة إسماعيل باشا ونطالب الرئيس السيسى بالنظر فى أراضى أوقاف ورثة محمد على».
وذكر حمادة فرحات، من قرية البقلية، أن منازل القرية تابعة للأوقاف وكل فترة ترفع الهيئة قيمة الإيجار حتى المقابر لم تسلم من الاستغلال، لافتاً إلى أنه من حق الإنسان أن يمتلك بيته، و95% من القرية ملك الأوقاف وحتى المقابر التى ندفن فيها أمواتنا هى ملك للأوقاف، وأضاف: «عليهم أن ينظروا لنا نظرة رأفة.. الشرطة تهاجمنا ليلاً ويقولون إن المنازل ملك الأوقاف ونبيت خارج بيوتنا خوفاً من القبض علينا، نحن لنا حق فى مصر، وعلى الرئيس أن ينظر لنا بعين الرأفة».
وناشد أمجد أحمد عبدالمنعم، من قرية منية سندوب، الرئيس السيسى لرفع الظلم عن البسطاء، وإخطار مديرية أمن الدقهلية بوقف تنفيذ الأحكام القاضية بطردنا من على الأرض التى نضع يدنا عليها، حيث إن المشترين يستغلون نفوذهم للضغط على القيادات الأمنية لسرعة التنفيذ وطردنا، وطالب بإلزام الهيئة بإلغاء هذا البيع المخالف للقانون وتحرير عقد بيع لواضعى اليد، لافتاً إلى أن الفلاحين مستعدون لدفع ما تطلبه الهيئة، مضيفاً أن مئات الأسر سيتم تشريدها.
فى المقابل، قال وكيل أحد رجال الأعمال، الذين اشتروا بعض تلك الأراضى: «حصلنا على تلك الأراضى عن طريق (البدل) الذى قامت به هيئة الأوقاف، فقد حصلت من رجل الأعمال على أرض فى محافظة أخرى ومنحته هذه الأرض وهى المالك لها»، فيما أكد «ف. أ»، رجل أعمال وأحد المشترين، أن تلك الأراضى صادرتها الدولة من عائلته وردت له جزءاً منها بعد أن أصدرت المحكمة حكماً بأحقيته فيها وحصل من المحامى العام على قرار تمكين من الأرض، وكل هذا موثق وثابت رسمياً، إلا أن الفلاحين طمعوا فى الأرض ولا يريدون تسليمها لى رغم انقطاع صلتهم بالأوقاف نهائياً منذ عدة سنوات.
من جانبه، قال مصدر مسئول بهيئة الأوقاف، رفض ذكر اسمه، إن تلك الأراضى تابعة لأملاك الدولة وليست ملكية خاصة وكل قطعة أرض لها وضع خاص بها فتوجد أرض تم بيعها فى مزاد علنى تم إعلان الفلاحين به ونُشر فى الجرائد الرسمية وبعد اكتمال المزاد ادعوا أنهم لم يسمعوا عن المزاد، علاوة على وجود أراضٍ أخرى قمنا بعمل بدل مع منتفعين آخرين لحاجة «الأوقاف» إلى أراضيهم وأخرى تركناها بقوة القانون.
الفلاحون يشتكون من تسليم أراضيهم للإقطاعيين