منظومة الدفاع الجوى الفضائى «S500» الخارقة
صاروخ الـ«S500»
فى الحرب العالمية الثانية لم تكن الجيوش تعرف أى شىء عن استخدام الصوايخ، وأول استخدام كان للصواريخ الباليستية الألمانية، وهى صواريخ أرض/ أرض وسببت حيرة كبيرة للحلفاء عندما كانت تسقط على لندن، لأن القصف كان يعتمد فى هذا الوقت على الطائرات، لكن ما إن انتهت الحرب العالمية الثانية أخذت الصواريخ منحى مختلفاً ولعبت دوراً رئيسياً فى ترسانة أسلحة الجيوش الحديثة، وأصبحت من شدة أهميتها تطلق من سطح الأرض ومن الطائرات والقطع البحرية ومن الغواصات فى أعماق البحار لتصيب جميع الأهداف المعادية فى البر والبحر والجو، وفى الواقع فإن عدد الدول التى قطعت شوطاً متقدماً فى صناعة الصواريخ ما زال قليلاً، ومن بين الدول الكبرى فى عالم السلاح نجحت روسيا وريثة الاتحاد السوفيتى نجاحاً منقطع النظير فى مجال الصواريخ الباليستية وصواريخ الدفاع الجوى، أى الصواريخ التى تطلق من الأرض ضد الطائرات وآخرها منظومة «S500» الخارقة ذات المواصفات التى لامثيل لها.
صواريخ المنظومة قادرة على تدمير أى هدف يتحرك فى الجو مهما كان نوعه وسرعته وارتفاعه
قدرات فائقة غير مسبوقة
أخيراً ستبدأ الخدمة فى روسيا منظومة من جيل جديد فى مجال الدفاع الجوى هى منظومة الصواريخ «S500» الدفاعية التى تصنف كأقوى منظومة صواريخ دفاع جوى فى العالم، والتى تطور أداؤها تطوراً مذهلاً ليس فقط فى التصدى للطائرات المعادية، بما فيها الطائرات الخفية «الشبح»، ولكن أيضاً العمل ضد الصواريخ الباليستية والمجنحة بل والرؤوس المدمرة فقط للصواريخ الباليستية بعد انفصالها فى مرحلتها الأخيرة نحو الهدف، وهذا تطور هائل غير مسبوق فى مجال مقاومة الأهداف الباليستية أرض / أرض، إذن هى منظومة قادرة على تدمير أى هدف يتحرك فى الجو مهما كان نوعه، والأدهى من ذلك مهما بلغت سرعته، إنها القفزة الجديدة من الصواريخ أرض / جو الفائقة القدرات، وهى متفردة بعد أن أصبحت قادرة للمرة الأولى على اعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والطائرات المزودة بواسائل الحرب الإلكترونية الحديثة والمشوشة للرادار، ونظراً للنقلة النوعية الكبيرة فى قدرات المنظومة من حيث ما استجد من طبيعة وقدرات الأهداف التى تتصدى لها لا يعتبرها كثير من الخبراء فى مجال التسليح إصداراً محسناً للفئة السابقة لها من طراز «S400»، وعلى سبيل المثال إذا كانت «S400» قادرة على اكتشاف الهدف على بعد 600 كم فإن «S500» قادرة على اكتشاف الهدف حتى مسافة 900 كم، وقد أطلق الروس على هذه المنظومة تسمية «سمادياجيتس(самодержец)» ومعناها «المستبد»، هى إذن المنظومة الأقوى والأبعد مدى على وجه الكرة الأرضية.
قادرة للمرة الأولى على اعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والطائرات الحديثة والمشوشة للرادار والأجيال الجديدة للصواريخ المجنحة
الشركة المصنعة لها «ألماز أنتى» وصلت إلى التنفيذ النهائى لهذه المنظومة الدفاعية اعتباراً من عام 2009 بتصميم وقدرات جعلتها تتفوق على صواريخ باتريوت باك-3 الأمريكية الشهيرة، وقد تم اختبار عملى للمنظومة فى روسيا عام 2014 ومن المتوقع أن يتم دخولها الخدمة بحلول عام 2017، وإن كانت هناك أخبار متناقلة عن مصادر روسية أنها ستبدأ فى العام الحالى، بهدف حماية العاصمة موسكو من الهجوم الجوى والصاروخى، حيث إنها صُممت لتتمكن من إصابة جميع الأهداف الجوية بما فيها الصواريخ التكتيكية والاستراتيجية، ونظراً لقدرة صواريخ «S500» على إصابة الأهداف على مسافات بعيدة جداً أطلق عليها مصطلح جديد فى عالم الدفاع الجوى هو منظومة الدفاع الجوى والفضائى، ويخطط الروس لأن يدمجوا منظومة «S500» فى المستقبل مع منظومة الدرع الصاروخية الروسية الجديدة «A-235» التى من المنتظر أن تتسلمها أيضاً قوات الدفاع الجوى والفضائى بحلول عام 2017، فمن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية تتبنى عقيدة تقوم على توجيه ضربة شاملة خاطفة على روسيا فى وقت يتراوح بين 40 دقيقة إلى 2.5 ساعة، كما تقضى العقيدة الأمريكية باستخدام طائرات وأجهزة فضائية فوق صوتية (تفوق سرعتها سرعة الصوت 20 مرة) من شأنها أن تعمل فى الجو والفضاء على حد سواء ومن هنا تعتبر المنظومة «S500» الرد الروسى على خطر توجيه ضربة أمريكية خاطفة شاملة.
البداية العملية فى مصر
فى حرب السادس من أكتوبر لفتت منظومة الدفاع الجوى الروسية من (سام -6) نظر خبراء الاستراتيجية العسكرية إلى أهمية هذا السلاح الذى لم يكن قد استخدم من قبل فى معارك حقيقية، حدث هذا سنة 1973 وكانت هذه المنظومة، التى اصطلح على تسميتها فى أدبيات العسكرية المصرية بحائط الصواريخ، تسبب رعباً كاملاً للطيران الإسرائيلى وأوقعت فيه خسائر ضخمة، وصدرت التعليمات من هيئة الأركان الإسرائيلية بعدم اقتراب طائرات سلاح الجو من القناة حتى مسافة 15 كم، وكانت هذه المنظومة التى أربكت حسابات خبراء الاستراتيجية العسكرية فى العالم مدعاة لتطوير عمل الأجيال الجديدة من الطائرات، وبالطبع صواريخ الدفاع الجوى نفسها، ومنذ أن أظهر أداء المصريين أهمية هذه الصواريخ حافظت روسيا على تفوقها المستمر فى هذا المجال، وأخيراً قامت مصر فى إطار تنويع مصادر السلاح بالحصول على منظومة «S300» نسخة (أنتاى 2500) وهى أرقى ما تسمح روسيا بخروجه خارج نطاق حدودها، مما يسمح بتأمين الأجواء المصرية حالياً من كل أنواع الطائرات داخل إقليم الشرق الأوسط، وبهذا تصبح القوات المسلحة المصرية قد استعادت السيطرة على سمائها، كما أنها تكون قد طورت وجددت القدرات الفنية لأطقم العمل على منظومات الدفاع الجوى وعادت بها إلى أسلحة العصر.
منظومة أنهكت الخزينة الروسية
يمكن لمنظومة «S500» الدفاعية الاشتباك مع أى هدف على بعد يزيد على 600 كيلومتر على ارتفاع يصل إلى عشرات الكيلومترات، حيث تتكامل وظائف كل من نظامى الدفاع الجوى والفضائى (الصواريخ المضادة للجو والصواريخ المضادة للفضاء) وتستطيع المنظومة أن تتصدى فى نفس الوقت للأهداف الإيروديناميكية (الطائرات) والصواريخ الباليستية العابرة للقارات أو الصواريخ المجنحة، وهى تستطيع استهداف 10 صواريخ باليستية ذات سرعة 7 كم/ث، وفى عام 2017 ينوى الجيش الروسى التزود بعشر بطاريات من هذه المنظومة، أربع منها ستكون مخصصة لحماية موسكو وضواحيها، وتوزع الست الأخرى على المواقع النووية والمناطق الحساسة فى روسيا، وجاء مشروع هذه المنظومة كخطوة روسية للرد على مشروع الدرع الصاروخى المزمع نشره فى أوروبا، الذى يعترض الروس عليه بشدة لأنهم يرون أن منظومة الدرع موجهة ضدهم بالأساس وعامل تهديد لأمنهم القومى، ومن المعروف أن البرنامج الطموح لإنتاج هذا الجيل الجديد من أسلحة الدفاع الجوى الروسية واجه صعوبات جمة فى التمويل، وبعد أن تسربت المعلومات الأولية حول هذه المنظومة الصاروخية الدفاعية عملت الإدارة الأمريكية على إغراء الروس بدفع تكاليف التمويل اللازمة بشرط المشاركة فى الأبحاث لكن العرض الأمريكى واجه رفضاً شديداً وفضل الروس جمع الأموال اللازمة من الضرائب العامة، ورغم الفشل الذى تلقاه العرض الأمريكى فإن الأمريكان كرروا محاولة إقناع الروس بقبوله وإنشاء نظام دفاع صاروخى مشترك يحل بديلاً عن اتفاقية عام 1972، ويشير الخبراء العسكريون إلى أنه ستكون لهذه المنظومة الدفاعية المنتظرة أهمية بالغة فى الحسابات الاستراتيجية المستقبلية وستبدد لحظة الاطمئنان التى منحها ظهور الجيل الخامس من المقاتلات الأمريكية الرابتور (F-22) و(F-35) ليشتعل الصراع من جديد بقوة ودهاء بين الطائرة والصاروخ، ولم تتوفر بعد الخصائص الكاملة التى ما زالت تحاط بقدر من السرية.