«القائد إبراهيم».. بناه مهندس إيطالى فى الذكرى المئوية لوفاة إبراهيم باشا.. وجمع مئات الآلاف فى صلوات التراويح والتهجد قبل وبعد الثورة
لم تكن خطب الأئمة المناهضة للدولة وسياستها والرافضة لحكمها هى السبب الوحيد فى اتخاذ مسجد القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل مقصدا للثورة والثوار فى 25 يناير وما بعدها من أحداث سياسية واشتعال الشرارات الأولى من ساحتها لمواجهة الظلم والقضاء على الفساد والطغيان وإسقاط النظام المستبد وحكم العسكر، بل كان تصميمه المعمارى الأصيل واحتواؤه على العديد من زخارف العصور المختلفة، والقرون المتعددة سببا جوهريا فى مكانته المرموقة والعالية واتخاذه مقصدا للثورة ومنبعا للحرية.
مسجد القائد إبراهيم باشا، يعتبر من أكبر المساجد والمبانى المعمارية التى تم بناؤها بمحطة الرمل، عام 1948 ميلادية؛ فى الذكرى المئوية لوفاة القائد إبراهيم باشا بن محمد على، على يد المهندس المعمارى الإيطالى الأصل «ماريو روسى» والذى كان يقيم فى مصر ذلك الوقت، ويشغل منصب كبير مهندسى الإعمار فى وزارة الأوقاف، بعهد الملك فؤاد الأول، وأسند إليه بناء وترميم الكثير من المساجد والقصور، منها مسجد القائد إبراهيم، وبعده مسجد المرسى أبوالعباس.
لم يدخل هذا المسجد الساحة السياسية، ولم تنتقل خطبه من الدعوة الدينية إلى السياسة، إلا بعد أن تولى الشيخ أحمد المحلاوى إمامته بعد نقله من مسجد سيدى جابر، الذى انتقد فيه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورفض الدعاء له، ثم أذيع أنه انتقد السيدة جيهان السادات، لذلك أصدرت «الأوقاف» قراراً بنقله إلى مسجد آخر، ولكنه أصر على الانتقال إلى مسجد القائد إبراهيم، الذى اتخذه مقصدا للاجتماعات السياسية، وانتقاد الرئيس الراحل أنور السادات، ومن بعده الرئيس السابق «مبارك»، حتى تم سجنه ومنعه من اعتلاء المنبر عام 1996.
أصبح مسجد «القائد إبراهيم» تحت أعين قوات الأمن والحكومات المتعاقبة، واتخذ مكانا للعلم والعلماء وأئمة الأزهر ورجال السياسة والمواطنين البسطاء، وزادت شهرته بشهر رمضان بعد تزاحم المصلين لأداء صلاة التراويح، وافتراش ساحاته وشوارعه الجانبية بالمصلين الذين وصل عددهم إلى مئات الآلاف، خاصة بعد إسناد الصلاة وإقامتها إلى أحد الشيوخ الصغار الذى يتميز بصوت ملائكى وجذاب وهو الشيخ حاتم فريد الواعر، والذى تم نقش اسمه فى تاريخ المسجد.
ترك الحشد الهائل للمصلين بصلاة التراويح ومن ثم التهجد بشهر رمضان بالقائد إبراهيم، قبل اندلاع الثورة، أثرا كبيرا فى نفوس المصلين وإحساسهم بالوحدة والتقارب فيما بينهم، وتعودت أعينهم على تجميع الآلاف فى مكان واحد وتعلموا كيفية التنظيم والتوحد تحت شعار وهدف واحد، لكن سرعان ما انقلب الحال بعد تولى الرئيس محمد مرسى منصب الرئاسة، واعتبرت كل جهة سياسية أو دينية هذه الساحة ملكا لها، ونشب الخلاف والصراع السياسى بها بعد الاتفاق والوحدة على «عيش وحرية وعدالة اجتماعية»، خاصة بعد تواصل خطب «المحلاوى» التى يصر فيها على استخدام المنبر فى ترجيح وجهات نظر ومواقف التيارات الإسلامية على نظيراتها المدنية، الأمر الذى أدى إلى اندلاع اشتباكات وسقوط الكثير من الضحايا والمصابين فى أكثر من مناسبة.