«جمال» ينشر الثقافة النوبية فى لوحاته: الفن يبدأ بعد المعاش أحياناً
«جمال» أمام لوحاته
يرى أن القدر لعب فى حياته دور البطولة، «جمال لطيف»، الموظف البسيط فى أحد فنادق الأقصر لم يكن يتخيل أن محنة خروجه على المعاش ستتحول إلى منحة، عشرات الأفكار راودته وهو يسوى أوراق معاشه قبل عدة سنوات، فالمعاش «المبكر» عاجله، ولم تكن ثمة أفكار أو إجابات للسؤال المرعب: «وماذا بعد؟».
فى قريته «منشية النوبة»، بالأقصر، تقيم أسرة الرجل منذ تهجير عام 1933 حيث التعلية الثانية لخزان أسوان، بدأت القصة فى أغسطس 2013: «كان فرح بنتى الكبيرة، ومن عاداتنا أننا نزين البيت وندهنه جير، لكن الصنايعى اللى جه ضرب الجير ماعجبنيش شغله، جبت الألوان وبدأت أشتغل بإيدى». رغبة فى الإتقان فتحت الباب واسعاً للرجل الذى أعجبه «التلوين»، فانطلق يلون فى بيوت جيرانه بناء على طلبهم، ثم على قطع من الخشب الحبيبى ليذيع صيته: «كانت أول رسمة ليا بيت نوبى، الناس أعجبت بالرسمة ومن هنا دلنى أصدقائى على ألوان الزيت والفرش وبدأت العمل». عشرات الطلبات لأجانب ومصريين معجبين باللوحات حولت الموهبة إلى مصدر رزق: «لقيت الناس مبسوطة، وأنا كمان أصبح ليا هدف ورسالة إنى أنشر الثقافة النوبية والعادات اللى محدش يعرفها باللوحات، ومع كل لوحة برفق شرح مكتوب أو شفوى». إلى ألمانيا وكندا بدأت لوحات الرجل تسافر: «سيدة أعمال طلبت منى أبعت شغلى للقاهرة، وعرضته كمان فى الغردقة»، يراسله المشترون عقب وصولهم إلى بلادهم، ليطمئنوه على موقع لوحاته فى منازلهم، أمر يملئ قلب الرجل بالنشوة، مع ذلك يرفض أن يدعوه أصدقاءه، ومعارفه بـ«الفنان» يعلل الأمر بقوله: «أنا مدرستش، ولوحاتى أكاديمياً بالتأكيد مش قوية، لكن الأكيد أنها مليانة مشاعر وحب من قلبى بتوصل لقلب كل شخص يشوفها». لا يضع جمال تسعيرة للوحاته: «الموضوع أرزاق، وعمرى ما أقول رقم فى لوحة، اللى يعجبه عمل ببيعه حسب تقدير الشارى، عمرى ما أقول عاوز كدا، أصبح هدفى انتشار أكبر للوحاتى وشغلى ونشر أوسع لثقافة أجدادى، طقوس السبوع، مشهد النيل، نقوش البيوت وغيرها كتير من تفاصيلنا النوبية».