لم يعد للإخوان المسلمين ومن يناصرونهم أى حجة فى تنفيذ ما وعدوا به من أنهار الخير التى ستتدفق على مصر وشعبها إذا ما تولوا زمام الأمور، فلديهم الآن منصب رئيس الجمهورية، ويملكون تشكيل الحكومة، ولديهم أيضاً سلطة التشريع بعد انتقالها إلى مجلس الشورى ذى الأغلبية الإخوانية، ولم يعد أحد ينازعهم السلطة كالمجلس العسكرى، وهم أيضاً عطلوا القضاء، وتمكنوا من تقسيم الشعب نفسه.
إذن ما الذى يمنعهم الآن من تنفيذ برنامج النهضة الذى أعلنوه على الشعب فى حملة الرئاسة؟
أتمنى أن يتولى كبيرهم المهندس خيرت الشاطر رئاسة الوزراء وأن تُشكل الحكومة بجميع وزرائها من جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، ونريد منهم نتائج على الأرض تحقق ما وعدوا به الشعب من رخاء وسخاء.
لقد كانت حجتهم أنهم لم يتمكنوا من السلطة التنفيذية حتى ينفذوا برامجهم، وصمموا على إقالة حكومة الدكتور كمال الجنزورى لأن كوادرهم القادرة على النهوض بمصر غير متمكنة من المناصب التنفيذية، بل إنهم علقوا جلسات مجلس الشعب المنحل لإنذار المجلس العسكرى إن لم يحل حكومة الجنزورى فيستمر تعليق الجلسات.
والآن ماذا ستكون الحجج المقبلة لتبرير أى فشل؟
إنها ورطة حقيقية، فلن يقبل الشعب أى أعذار أو «تماحيك» من قبيل المؤامرات الخارجية والمعارضة الهدامة التى تعيق العمل وتعرقل الإنتاج أو حتى ضعف الموارد.
إن نجاح أو فشل أى سياسة يقاس بالنتائج المحققة بالفعل على الأرض، وقد أثبت الإخوان خلال شهور حكمهم فشلاً غير مسبوق أدى إلى نتائج كارثية، منها انقسام الشعب وانتهاك الدستور والقانون ومعاداة جميع أجهزة الدولة القضاء والإعلام والشرطة والأحزاب المدنية والقوات المسلحة، بتصريحات مرشدهم الأخيرة، والطامة الكبرى والجريمة التى لن يغفرها التاريخ أن وصل الأمر -ولأول مرة فى التاريخ- بالمصريين إلى أن يقتلوا بعضهم بعضاً فى الشوارع، فهل هناك فشل أكثر من هذا؟ ناهيك عن الاقتصاد المصرى الذى أوشك على الانهيار، وتخفيض التصنيف الائتمانى لمصر ومساواتها باليونان التى هى على وشك الإفلاس.
كل هذه المصائب حدثت فقط فى ستة أشهر من حكم الإخوان، فكيف سيكون الحال فى نهاية السنوات الأربع من ولاية الرئيس مرسى؟
والغريب أنه بعد تعطيل القضاء الدستورى المصرى بنصوص باطلة وببلطجة حاصرت المحكمة، وبعد فرض دستور غير متوافق عليه من كل الشعب المصرى على خلاف ما تعهد به الرئيس، وبعد أن حقق الإخوان كل أهدافهم بالتزوير وبالقوة وبسقوط قتلى من المصريين، يدعون الآن إلى الحوار! أى حوار يا سادة؟ ومع من؟ وعلى ماذا سيتم التحاور؟ أفهم أن يكون الحوار قبل فرض النتائج وقبل اتخاذ القرار، أما أن تدعو إلى الحوار بعد تحقيق كل أهدافك فإن الغرض الوحيد من هذه الدعوة هو فقط لتهدئة المعارضة حتى يستتب لك الأمر بعد الانفراد باختطاف غنيمة لا تستحقها، ولإسباغ شرعية على كل ما قمت به من إجراءات غير شرعية مكنتك -مؤقتاً- من الاستيلاء على الثورة والدولة والدستور والتشريع والتنفيذ، فأنت تبتغى من هذا الحوار أن يكون هذا التمكين دائماً وليس مؤقتاً، فإذا ما هدأت الأمور ستقوم -حتماً- بتصفية أى معارضة تماماً كما كان يفعل التلاميذ من أشرار ساسة الحزب الوطنى، فقد أثبت الإخوان أنهم أساتذة للطغيان والاستبداد وإعطاء دروس للعالم فى كيفية تزوير إرادة الشعوب بغير الأساليب البدائية التى كان يستخدمها الحزب الوطنى بمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم بالقوة البوليسية أمام اللجان بطريقة مفضوحة يشهد عليها العالم، أما أنتم فتمنعون الناخبين بحشود وهمية أمام اللجان لتعطيل الناخبين من الإدلاء بأصواتهم حتى ينصرفوا من أمام اللجان، وكذلك تعطيل عمل اللجان بالتباطؤ الشديد فى إجراء العملية الانتخابية، وتكديس الناخبين بدمج اللجان حتى وصل الأمر بأن يكون عدد الناخبين فى لجنة انتخابية واحدة عدة آلاف بما يستحيل مادياً على هؤلاء الألوف أن يدلوا بأصواتهم، وقد كان الحزب الوطنى يلجأ إلى «تسويد» بطاقات الرأى بطريقة مفضوحة وفجة نقلتها وسائل الإعلام فى آخر انتخابات لمجلس الشعب فى 2010 ففضحتهم، أما أنتم -أيها الأساتذة- فقد كانت الصناديق تأتى مملوءة بالأصوات الجاهزة، فضلاً عن تنقية البطاقات المصوتة ضد الدستور وإلقائها فى سلة المهملات.
والأسئلة التى تطرح نفسها الآن: أين شعاركم بأن الإسلام هو الحل؟ لقد اختفى هذا الشعار بعد أن هيئ لكم أنكم تمكنتم من الحكم.
وهل من الإسلام الكذب الصريح الفاجر كما حدث من وزير إعلامكم؟ وهل من الإسلام الحنث بالوعود؟ وهل من الإسلام إثارة الفتنة لتقسيم الوطن؟ وهل من الإسلام الغش والتزوير؟ وهل من الإسلام تكفير المعارضين لكم وتخوينهم؟ وأخيراً هل من الإسلام التهديد بقتل وتصفية من يعارضكم؟
لقد قالها المرشد المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا بعد قتل القاضى الخازندار بأن القتلة ليسوا إخواناً ولا مسلمين، وما أشبه الليلة بالبارحة!