اسمحوا لى أن أكتب من خارج سياق السخرية الذى غلف التعليقات على تصريحات السيد عصام العريان طيلة الأيام الماضية، بمجرد إعلانه دعوته الكريمة، التى رفضها من وُجهت لهم، ونادت بعودة اليهود المصريين، فمع تقديرى لكل الأقلام الساخرة التى منحتنا الابتسامة على تلك التصريحات من رسوم كاريكاتير ونكات على مواقع التواصل الاجتماعى، إلا أن المتتبع لتصريحات السيد العريان منذ سنوات يفطن أن الرجل لا يسخر، ولا يتفوه بما لا يعنيه، ولا يعلن تصريحاً لمجرد سد الحاجة للظهور، بل على العكس تماماً فهو يعنى كل حرف ينطق به ويبتغى من ورائه رسالة يرسلها لأحبابه أو شركائه فى المصلحة، أذكركم هنا بتصريحات السيد العريان فى جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 13 أكتوبر عام 2007 وكان وقتها يشغل منصب رئيس المكتب السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، التى لا تزال محظورة، حين قال إن «الإخوان إذا ما وصلوا إلى الحكم، فسيعترفون بإسرائيل ويحترمون المعاهدات الموقعة معها»، وهى التصريحات التى قلبت الدنيا وقتها وكالعادة خرج الإخوان بعد أن وصلت الرسالة لمن ابتغوا وصولها لهم، ليؤكدوا أن العريان وتصريحاته لا يعبران عن الجماعة ومنهاجها، بل تعبر عن رأى صاحبها الشخصى وهذا شأنه، وهو كلام ثبت لنا بالتجربة كذبه -لا مؤاخذة- ولأسباب عدة أهمها تيقننا فى العامين الأخيرين معنى مبدأ السمع والطاعة فى الجماعة، وكيف أن من لا يسمع الكلام لا يهنأ ولا ينام. كما أن الأيام أكدت لنا صدق المقولة التى نفتها الجماعة فى السابق، بدءاً من خطاب مرسى العاطفى لرئيس الوزراء الإسرائيلى، انتهاءً بأحداث غزة الأخيرة التى أمتعنا فيها الرئيس وجماعته بهذا العرض الهوليوودى المبهر، وانتهى باحتفال أهل غزة ولأول مرة بوقف إطلاق النار وجعله يوم عيداً، رغم قتلاهم الذين جاوزوا المائة ومصابيهم الذين قاربوا الألف، واحتفلت فيه إسرائيل بحصولها على أحدث حائط صد صواريخ من الولايات المتحدة لتحميها من صواريخ حماس التى أحرقت تل أبيب!!! لا للاستعداد لشن ضربة خاطفة على طهران لا سمح الله، ولذا كله أجدنى لا أستطيع أخذ تصريحات السيد العريان مأخذ الهزل والسخرية، وأرجوكم ألا تفعلوا، وإياكم أن تصدقوا ما تردده الآلة الإعلامية الصهيونية وتنشره جماعة الإخوان بين السذج والبسطاء من أهالينا، بخوف إسرائيل ورعبها -يا مامى- من تصريحات العريان، وما قد تخبئه وراءها من أهداف القضاء على إسرائيل إذا ما غادرها سكانها وهجروها. ولا تصدقوا ما تصرح به صحف إسرائيل بشنها هجوماً على محمد مرسى لمهاجمته إسرائيل منذ عدة سنوات ووصفه اليهود بالخنازير الصهاينة، لا تصدقوا كل هذا، فلا السيد العريان كان يسعى لمحو آثار الغربة عن أجيال اليهود ذوى الأصول المصرية وأعادتهم لوطنهم ولم شملهم مع إخوانهم المسلمين والمسيحيين الذين يعانون الإقصاء من العريان وجماعته، ولا إسرائيل ارتجفت فرائصها خوفاً من تلك التصريحات الجوفاء وخشيت على مستقبلها منها، ولكننا نمر اليوم بمرحلة خطيرة فى تاريخنا تكتمل فيها عناصر المؤامرة على وطن لا يجد من يحميه من حاكميه الذين لا يدركون أن مصر دولة لا نواة أمة. وأن التفريط فى حقوقها جرم لا يستهان به، وأن الاحتماء بأى قوة -مهما كانت- لن تغنيهم لا فى قليل ولا فى كثير، ومهما طال الزمن، ولذا لا تستهزأوا بتصريحات «أدون» العريان.. .بل ابحثوا عما وراءها، لقد سافر العريان للولايات المتحدة فى أعقاب أزمة الإعلان الدستورى الكارثى لأخيه ساكن القصر، والتقى من التقى بهم من مسئولين أمريكان، فى ذات الوقت الذى كان فيه الكتاتنى فى اجتماعات فى ألمانيا بعدد من المسئولين الأمريكيين، اتسمت بالدفء والود إلى الحد الذى دفع الألمان الحاضرين فى المقابلة للقول بأن الأمريكان ليسوا بحاجة لوساطتهم مع الإخوان، فالعلاقة مع أمريكا على أطيب ما تكون، ولذا أقول: «أدون العريان.. أعلم أنك جاد ولن أنسى تصريحاتك تلك.. أضعها فى أذنى وأحذر منها فى انتظار رؤية ما ستفسر عنه.