صفوت حجازى.. شيخ يبحث عن دور
يعشق أضواء الكاميرات، يتهافت فوق الأحداث كما الفراشات، يجذبه دور البطولة، يعشق الألقاب، وإن لم يجد من يطلقها، قام هو بالدور.
حين ينام، تأتيه الأحلام فلا يبخل بها عن مريديه، يخبرهم أن الرؤيا جاءت بمرشح الإخوان، يعقد مؤتمراً ويهلل فرحاً: إن تأييده طاعة وتعبد لله، يقربكم منه ويبعد عنكم رجس الشيطان، الشيخ الخارج من عباءة الإخوان يوماً، نصف الإخوانى ونصف السلفى، يأتيه الحق متيقظاً ونائماً.
فى السابع من أبريل الماضى، تعلن الجماعة الإسلامية عن دعم ترشيح صفوت حجازى كممثل لحزب البناء والتنمية ليكون فرس رهان فى انتخابات الرئاسة، يتنفس الشيخ الصعداء، خريج الآداب المتخصص فى المساحة والخرائط خانته دراسته، ظن أن التيار السلفى سيكون بظهره، أو حتى الإخوان، يحمل أوراقه فرحاً، يهرول إلى اللجنة العليا، لكن تأتى الكلمة العليا للحزب ويسحب تأييده، أسقط فى يده، يحفظ ماء الوجه ببعض التصريحات: «ما دام هنالك شرفاء مثلى.. لا حاجة لى».
حين قرر أعضاء الجماعة السلفية بالإسكندرية دعم أبوالفتوح على حساب مرشحه «مرسى» أخرجهم من ثوب الرحمة: «يحاربون الدين ويخشون شرع الله»، يمعن فى استخدام السوط: «لم يشاركوا فى الثورة إلا قليلاً»، ومن شارك منهم يدعم مرسى، الشيخ الذى تلقف «نازع» علم السفارة الإسرائيلية واحتكر الحديث باسمه، وكأنما علَّمه وأدَّبه وأوحى إليه، يُخرج حتى رجال الدين من الدين ساعة يخالفونه الرأى.
فى الجمعة المعروف بـ«قندهار» باهى الأمم بالإخوان والسلفيين، قال متحدياً الليبراليين والعلمانيين: «هذه قوتنا، فأين قوتكم؟».. الشيخ الواعظ يعرف كيف ينصِّب نفسه متحدثاً باسم الجميع، يجيد خلق الجبهات، هو دائماً مع الأقوى، مع الكفة الأرجح.. مع الرائجة.
ثانية يُغضب ثوار التحرير، يقول مقتضب الوجه فى لهجة تحذير ووعيد، وقد سمى نفسه أمين الثورة: «إن 6 من شباب الثورة تركوا الميدان ليلة موقعة الجمل، ولجأوا إلى شقة فى العجوزة ليقضوا ليلة خمر ونساء».. قالوا سخرية إن الأمر اختلط عليه، الشيخ الموقن معنى حد القذف لم يفرق بين «فجر الإسلام» و«فجر التحرير».
مرت أيام لم يُبدِ خلالها فتوى، لم يطرح رأياً، لم يبدل موقفاً، لكن يتفتق ذهنه عن فكرة «نريد صرفاً صحياً إسلامياً»، فيعيد معارضوه إنتاج تصريحاته، هو ذاك الرجل القائل: «سأقبل قدم الشيخ حازم أبوإسماعيل، المرشح (المحتمل) آنذاك لرئاسة الجمهورية، إذا أذن لى بذلك»، وهو نفس الشخص المتحول إلى سيف ودرع وسوط يجلد كل من يعارض الإخوان الآن، ما دام مرشحهم هو الأقرب للكرسى.
انضم حجازى لجماعة الإخوان فى شبابه، وسرعان ما تمرد عليها فذهب يهاجمها، وعندما طردته من جنتها تصدعت نفسيته، هاجر إلى المملكة السعودية وأخذ ينهل من شيوخ المدينة المنورة ليدرس علم مصطلح الحديث، وبعد أن عاد إلى القاهرة عام 1998، كان قد انطبع بالسمت السلفى ليكون نصف سلفى بخلفية إخوانية، وبأسلوبه الناعم أخذ ينتشر فى السماء الفضائية.