استكمالًا لما تم تناوله في المقال الساخر السابق حول التعبيرات والتشبيهات والمصطلحات التي ابتكرها المصريون واستخدموها في حديثهم وأضرت بلغتنا العربية ناصعة الفصحى "وبهدلت أمها وشرّحتها زي الجثة" سوف نستأنف الجزء الثاني والأخير من هذا الموضوع:
* الفتاة التي تتحدث بصيغة المذكر: هناك فئة من الفتيات يتميزن بالاستهبال والاستعباط ويتحدثن بصيغة المذكر ولا أدري ما السبب.. وكل واحدة إما تيجي تتكلم تقولك: "مش عارف، مش فاهم، مش عايز" وهلم جرًا ومش عارفة أنا إيه اللي يخليها تتكلم بصيغة المذكر؛ هل من باب الموضة ولا من باب الدلع الزايد ولا من باب التغيير ولا من باب إنها عندها مشكلة في Gender ومش حاسبة نفسها على الصنف بتاعنا؟!!
* جمل متركبة غلط والألش عليها بالعبط: هاولع النور.. طيب أجيب لك جاز!! ، هأيد النور؟ مفيش هترجل النور!! وأهي كلها أطراف أيد ولا رجل!، الدنيا بتمطر.. يا راجل والسحابة واخدة أجازة يعني، ما تجي نتمشي على النيل شوية.. ده على أساس إن النيل سجادة أو موكيتة في بيتكو، هاقف في الشباك.. حروف الجر مع المصريين معدية، خد بالك.. لا مش هاخده ولا اخده منين؟ من الجمعية؟.. ودي أمثلة بسيطة راجعوا مواقف حياتكم هتلاقوا كلام مالوش معني وجمل هطلة مثل سابقاتها.
* طيب، بص، بقى، وكده: لوازم كلامية أصيلة وأكثر أربع كلمات يستخدمهم الشعب المصري في حديثه ولولا تلك اللوازم ما اتضح العديد من القول؛ "طيب" بتتقال في كل وقت لختام الحوار وبيان الموافقة أو الرضا بالأمر الواقع أو لتقصير الكلام، "بُص" لبدء الحوار ويفضل يقولك بص وأنت باصص له أصلا و تبقى عايز تقوله اخلع لك عيني علشان تعرف إنني باصص؟؟ "بقى" دي بقى بالذات بتتقال بقى في كل الكلام أوله.. وسطه.. آخره استخداماتها كتيرة بقى، "وكده" اللي هو إيه؟ ما معنى كده؟ ولا ليها أي أصل أو فصل ولكن لربط الكلام ببعضه. حتى شيرين ليها أغنية بتؤكد كلامي بتقولك "بص بقى عشان تبقى عارف"، (طيب بص بقى).
* موش تجي.. موش تعمله: فيه شوية بنات (موش) هيموتوا موتة طبيعية لأنهم بيدخلوا كلمة "موش وفي قول آخر مِش" في أي جملة من باب الدلع المقزز أكتر ما (السنافر) نفسها بتدخل كلمة (سنافر) في كل كلامها ومن بعض أقوالهن: "مش تجي.. مش تعمل كده تاني.. مش تعرف.. مش تولع.. "موش" لما ياخدك بقى!
* حياتشي، حضرتشك: اللي هما أصلا حياتي وحضرتك طبعًا فيه مشكلة لدى البعض وخاصة في مجتمعنا المصري ممن ينطقون "تشي وتسي" في كل كلامهم، الحقيقة الموضوع ده مش عارفين سببه إيه؛ مشكلة في جهاز النطق ولا مشكلة في الثقافة ولا في البيئة؟؟ تحس أنك كمان إما تسمع حد بينطق كده "تشي وتسي" دي بيبهت عليك وتلاقي نفسك وأنت بتتريق عليه بتغلط وبتتكلم زيه في العادي ده غير بقى اللي بيقولوا: "منطلون اللي هو بنطلون، ششوار اللي هو سيشوار، أنارب اللي هي أرانب والأرانب نفسها زهقت من اسمها، الكركريه اللي هو كركديه، بطرمان اللي هو برطمان والبقية تأتي!!".
* اعمل نفسك من بنها: يستخدمها من ينصحك بضرورة اتباع أسلوب "كل إما تستعبط أكتر فرصتك في الهروب من البلاوي هتكبر" وهو أسلوب فاشل وعلى أية حال لطالما تساءلت: "إشمعن بنها؟ وليه بيربطوها بالاستعباط ؟ وليه بيعملوا صورة ذهنية سلبية لأهل بنها، طيب اللي من بنها بجد يعمل نفسه منين؟ من برشلونة؟؟"
*استخدام إفيهات المسرحيات والأفلام بغباء وبكثرة: الشعب المصري شعب درامي يحب المسرحيات ويعشق الأفلام والحقيقة أن أغلب الشعب المصري بيدخل سينما حاليًا مش علشان يتمتع بالقصة أو بالأداء التمثيلي لكن علشان يطلع له بأغنية شعبي وكام إفيه يقعد يكتبهم على الفيس بوك أو يقعد يقرفك بيهم كل إما يجي موقف مشابه فيقول الإفيه.. طيب هو المفروض كل مرة اضحك على نفس الإفيه؟!
الخلاصة لا بد من ضرورة المحافظة علي لغتنا من الاندثار في زمن السفهاء عقلًا وعلمًا وخُلقًا ووجوب استخدام عامية "المثقفين" وليس عامية "الشوارعجيين" والأهم أن نمعن النظر قليلًا ونسأل أنفسنا: هل قابلنا يومًا شخصًا غربيًا يجيد إتقان لغة أخرى ولا يجيد الحديث بلغة بلاده؟!
فمع الأسف تجد في مجتمعنا المصري والعربي من يجيد لغة الآخرين ولا يعرف شيئًا عن لغة بلاده وحتى من يعرف لغة بلاده يسئ إليها أكثر ممن لا يتحدث به.. وليس في كلامي دعوة لمقاطعة اللغات الأجنبية بل علي العكس لا بد من احترامها وإتقانها ولكن في ظل هذا الاحترام والإتقان لا تنسي لغتك الأم ولا تنسى أنها جزء لا ينفصم عن هويتك وكينونتك وحضارتك.
ببساطة: إحنا بنقول إن الغرب أفضل مننا لأننا عندنا عقدة الخواجة.. وأفضليته علينا سببها إننا شايفينه الأفضل دايمًا وبنتعامل معاه على هذا الأساس.
في الختام لغتك بصمتك.. لغتك جزء من تفرد شخصيتك.. عايز تبقى نسخة مقلدة للغرب فأنت حر بس العالم بيحب الأصول مش الأشباه! اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.