بعد مجموعة من اللقاءات والمناقشات العلنية مع مسئولين أوروبيين خلال الأيام الماضية، أكاد أجزم أن الاتحاد الأوروبى والدول الأوروبية الرئيسية ترتكب فى مقاربتها لحكم الإخوان فى مصر ذات الأخطاء التى ارتكبت إبان عقود النظام السابق.
1- يقارب الأوروبيون مصر انطلاقا من قناعة كاملة بعدم وجود بديل لحكم الإخوان، وهم لذلك وإن تواصلوا مع المعارضة بأطيافها المختلفة يرسمون وينفذون سياستهم فى إطار تعاون واضح مع الحكم وتهميش استراتيجى للمعارضة.
وقد كان الأجدر بالأوروبيين استيعاب درس النظام السابق وبناء شبكة علاقات متوازنة مع كافة أطراف الحياة السياسية والمجتمعية، من جهة لفهم التغيرات المتسارعة فى مصر ومن جهة أخرى لصياغة مقاربة ديمقراطية تأخذ الحكم والمعارضة بجدية (تماما كما يفعلون حيال دول كثيرة فى قارتهم وخارجها).
2- يقارب الأوروبيون مصر وهم ينتجون فى مؤسسات الاتحاد والحكومات الوطنية خطابا داعما للتحول الديمقراطى ولحقوق الإنسان وحقوق الأقليات ثم يتخلون عنه فى الممارسة السياسية الفعلية خوفا على مصالحهم وحماية للاستقرار (مجددا). فقط البرلمان الأوروبى هو المستمر فى الاهتمام بأوضاع الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما تتجاوزه المفوضية ومسئولة علاقاتها الخارجية بدبلوماسية اللقاءات السرية مع ممثلى إدارة الرئيس مرسى أو ممثلى إدارة الظل الإخوانية (فى القاهرة أو فى العواصم الأوروبية) وبتجاهل الربط المشروط بين المساعدات الاقتصادية والتجارية والتقنية وبين التحول الديمقراطى.
3- لذلك لم يغير الأوروبيون من مقاربتهم ذات المضامين السلطوية لمصر، حكم بلا معارضة وسياسة استقرار ومصالح متبوعة بخطاب محدود الفاعلية عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. لذلك أيضاً، لم يغير الأوروبيون خلال العامين الماضيين من القضايا المركزية التى تشغلهم حين يقاربون مصر، فهم جماعة الإخوان وكيفية التعامل معها والحفاظ على التوازن بينها وبين المؤسسة العسكرية.
4- الأوروبيون أيضاً دون تغيير يذكر فى تعاطيهم مع مصر بشأن قضايا أمن المتوسط وجنوب أوروبا، كالإرهاب والعنف والهجرة غير الشرعية. هم يحددون الوجهة الاستراتيجية والسياسية دون شراكة حقيقية، وعلى مصر -وهى هنا لا تختلف عن بقية دول جنوب المتوسط- التنفيذ.
5- لا تأتى إذن كمفاجأة حقيقة أن الأطر المؤسسية للعلاقات الأوروبية العربية وللتعاون الأوروبى المتوسطى، ومصر طرف فاعل بها جميعا، بقيت خلال العامين الماضيين دون تغيير لا باتجاه تمثيل حقيقى للمعارضة أو أفضل للمجتمع المدنى ومنظمات حقوق الإنسان والحركات المجتمعية.