تقرير رسمي: زراعة القمح مرتين "مضيعة للوقت"
صورة أرشيفية
قال تقرير رسمي لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة عن تجربة وزارة الري لزراعة القمح مرتين، إن زراعة القمح بتلك التقنية مخالف تماماً للنظام البيئي لزراعة القمح في مصر ومضيعة للوقت والمال وإرباك للمزارعين مرة أخرى بزراعة القمح في سبتمبر بعد اقتناعهم بالعزوف عن الزراعة في تلك المواعيد لما حققته من خسائر فادحة.
ويؤكد تقرير مركز البحوث الزراعية، الذي حصلت "الوطن" على نسخة منه، أن هذه التجربة لها آثار سلبية خطيرة على الزراعة المصرية لما قد ينتج عنها من انخفاض كبير في المحصول، علاوة على مضاعفة كل التكاليف من إعداد الأرض والزراعة والتقاوي والأسمدة والمبيدات والري والطاقة ومصاريف حصاد ودراسة، علاوة على أنها تأثير على التربة بسبب زراعة محصول نجيلي مرتين في نفس المكان، وهو ما لا يتحمله المزارع اقتصادياً وأن محصول القمح هو محصول استراتيجى قومي مهم لغذاء المواطن ولا يجب العبث به وبمصالح المزارعين.
وأوضح التقرير أن زراعة القمح في شهر سبتمبر بعد التعرض للتبريد لعملية التبريد بهدف تقصير فترة النمو والحصاد المبكر في يناير يُعتبر غير صحيح من الناحية العلمية ومخالف لكل القواعد العلمية لزراعة الأصناف الربيعية نظرا لأن القمح الربيعي لا يوجد به طور سكون ولا يحتاج إطلاقا للتعرض إلى التبريد، وقد نلاحظ من مشاهدتنا للتجربة أن معدل التفريغ قليل جدا لا يتخطى من فرع إلى اثنين بالمقارنة بالزراعة في الميعاد المناسب، وشملت ملاحظات اللجنة أن عدد الحبوب بالسنبلة في التجربة لا يتعدى 7 سم في المتوسط، في حين يصل طول السنبلة في الزراعة في الميعاد المناسب وهو خلال شهر نوفمبر إلى حوالي 15 سم، بالإضافة إلى أن طول النبات بالتجربة لم يتعدَ الـ75 سم، في حين أن الزراعة في الميعاد العادي، يصل طول النبات إلى أكثر من 110 سم، ما يؤثر على محصول التبن الناتج والذي يعتبر أساس تغذية الحيوان لدى المزارعين.
وتابع التقرير أن ملاحظات اللجنة تضمنت أنه نظرا لأن طول السنبلة ومعدل التفريع وعدد حبوب السنبلة من المكونات الأساسية لمحصول القمح، ومن هذا فإن المحصول بتلك التجربة لن يتعدى بأي حال عن 7 أرادب للفدان على أعلى تقدير، في حين أن متوسط العام للإنتاج بحقول المزارعين على مستوى الجمهورية في الزراعات العادية المتبعة يصل إلى حوالي 18 أردبا للفدان، وقد يصل إلى 28 أردبا في الحقول الإرشادية المقامة عند المزارعين.
وأضاف التقرير أن من جانب آخر فإن حصاد تلك التجربة بتاريخ 26 يناير 2017، كما تم الترويج له من وزارة الموارد المائية والري، يُعتبر هراء وافتراء على الواقع لأن النباتات كانت خضراء، وفي مرحلة الطور"العجيني"، وبها نسبة 25% من النباتات ما زالت في الطور اللبني، وعدد كبير جدا من السنابل "عقيمة"، وأن نسبة الرطوبة بصفة عامة في التجربة لا تقل عن 35%، الأمر الذي يستحيل معه الحصاد في هذا التوقيت، وما يؤكد ذلك فإن آلة الحصاد لم تستطع إتمام عملية الحصاد، وأنه حصد "سكة جرار واحد"، بعرض التجربة لا تزيد عن نصف قيراط، مع ترك نسبة كبيرة من النباتات، خلف الحصاده، ما زالت قائمة بسببب محتواها العالي من الرطوبة، ما يؤكد صدق مشاهدات اللجنة، وأن هذا التاريخ غير مناسب للحصاد بالمرة وأنها لكي تصل إلى مرحلة الحصاد الفعلي تحتاج على الأقل شهرا للوصول إلى نسبة الرطوبة المناسبة لحصاد القمح وهي من 12- 13%، حيث يتم التخزين الآمن للمحصول الناتج دون التعرض للإصابة بالآفات والأمراض.
وأوضح التقرير أنه في حالة ما إذا تم الحصاد على ما هي عليه فإن ذلك سيؤدي إلى تعرض القمح للإصابة بالأعفان وفقدان المحصول بالكامل، حيث إن الزراعة تمت فى 26 سبتمبر 2016 وحتى تاريخ الحصاد المعلن وهو 26 يناير 2017 فقد مر 120 يوما وما زال أمام النباتات حوالي 30 يوما حتى تصل إلى العمر المناسب للحصاد الصحيح بدون تلفيات بما يعني أن الحصاد الصحيح سيتم بعد مرور 150 يوما من الزراعة وليس 90 يوما كما يدعون.
وأكد التقرير أنه بخصوص العروة الثانية المفترض زراعتها في نصف فبراير وحصادها في نهاية أبريل حسب ادعاء وزارة الموارد المائية والري فإن هذا الأمر مستحيل من الناحية العلمية والعملية لأنه عند الزراعة في نصف فبراير فإن المحصول سيتعرض للإصابة بالأصداء، علاوة على عدم اكتمال مراحل النمو على الوجه الأكمل لأنه سيواجه ظروفا بيئية غير مناسبة لمراحل نمو البادرات والتفريغ والتي تحتاج لدرجات حرارة منخفضة أثناء الليل لأقل من 15 مترا وأن يكون الفرق بدرجة حرارة الليل والنهار لا يقل عن 5-8 أمتار وهذا لا يتوافر في شهري مارس وأبريل، كما أن ارتفاع درجات الحرارة في شهري أبريل ومايو لا يتناسب مع الإخصاب وامتلاء الحبوب والنضج التام، ما يؤدي إلى عدم امتلاء الحبوب ولم تكتمل مرحلة النضج التام وتكون الحبوب ضامرة لارتفاع درجات الحرارة أثناء النضج وانخفاض عدد الحبوب في السنبلة ما يؤدي بالطبع إلى انخفاض المحصول بنسبة كبيرة جداً، وبذلك سوف يكون مجموع محصول العروتين بتطبيق هذا النظام البيئي المخالف للنظام البيئي لزراعة القمح في مصر لن يحقق سوى 12-13 أردبا للفدان وهذا لن يغطي تكاليف الإنتاج مع تدهور خصوبة التربة نتيجة زراعة محصولين نجيليين في نفس الأرض مع التأخير في زراعة للمحصول الصيفي بعد حصاد العروة الثانية.
وتابع التقرير قائلا إن اللجنة العلمية ضمَّت الدكتور محمد سليمان محمد مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية، والدكتور سامي صبري رضا مدير معهد بحوث المحاصيل الأسبق ورئيس بحوث بقسم بحوث القمح، الدكتور أسعد أحمد حمادة رئيس قسم بحوث القمح، والدكتور أبو بكر محمد علي وكيل معهد بحوث المحاصيل الأسبق للإرشاد ورئيس بحوث بقسم بحوث القمح، والدكتور عبدالله عبدالمحسن سويلم رئيس بحوث بقسم بحوث القمح، والدكتورة منال عبدالصمد دشيش رئيس بحوث بقسم بحوث القمح.