صدر مؤخراً مؤشر السعادة العالمى لعام 2017م، الذى يقيس ستة عوامل، هى: نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى، ومتوسط عمر الفرد، والدعم الاجتماعى (وجود شخص يُعتمد عليه فى الصِعاب)، والحرية الاجتماعية، والسخاء أو التبرعات، وغياب الفساد.
كذلك، يصدر بشكل سنوى المؤشر العالمى للأمن الغذائى، الذى يرصد ثلاثة معايير رئيسية، هى: مدى توافر الغذاء (Availability) والقدرة على تحمل تكاليف الغذاء (Affordability) والجودة والسلامة (Quality and Safety).
وكشفت نتائج المؤشرين عن احتلال مصر مرتبة متأخرة فى مؤشر السعادة العالمى (104 من أصل 155 دولة) ومرتبة غير متقدمة فى مؤشر الغذاء العالمى (57 من أصل 118 دولة).
ولا يخفى على أحد صعوبة الحياة بالنسبة للمواطن العادى فى العديد من الدول العربية، ولا سيما بعد الثورات والاضطرابات التى شهدتها دول الربيع العربى. وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للمواطن البالغ القادر على العمل، فما بالنا بالأيتام الذين يعيشون بيننا، والذين فقدوا العائل لهم بوفاة الأب. ولنا أن نتخيل مدى العوز والحاجة التى يكون عليها هؤلاء الأيتام. وإدراكاً لأهمية توفير العون والمساعدة لهذه الفئة الضعيفة من فئات المجتمع، نود أن نثمّن فكرة «يوم اليتيم العربى»، الذى تقرر الاحتفال به سنوياً فى الجمعة الأولى من شهر أبريل، وذلك بموجب قرار من مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب فى دورته السادسة والعشرين. ولأن الوازع الإنسانى لا يمكن أن يتجزأ، ورغبة فى أن يشمل المجتمع الدولى برعايته الأيتام فى مختلف دول العالم، ندعو الأمم المتحدة إلى تبنى فكرة «اليوم العالمى لإسعاد اليتيم».
وقد اهتم الإسلام باليتيم اهتماماً بالغاً، وأولاه عناية خاصة، مراعاة لظروفه الصعبة بفقدان أبيه، لأن فقدان الأب فى سن مبكرة يصيب الطفل بشىء من الذل والانكسار. ولذلك، حث الله عز وجل عباده على كفالة اليتيم والإحسان إليه والعطف عليه. وتعتبر كفالة اليتيم من أعظم أبواب البر فى الشرع الإسلامى. وللتدليل على ذلك، يكفى الإشارة إلى ورود لفظ «اليتيم» ومشتقاته فى ثلاث وعشرين آية من آيات الذكر الحكيم. وقد شاء الله عز وجل أن ينشأ النبى صلى الله عليه وسلم يتيماً يتولاه الله وحده بالعناية والرعاية، فمنَّ الله عليه، وأقسم بالضحى والليل إذا سجى أنه ما ودع حبيبه، صلى الله عليه وسلم، وما هجره (سورة الضحى: الآيات 6 و7 و8 و9).
أما فى السنة النبوية، فنجد أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أولى عناية بالغة باليتيم، حيث أوصى فى مواضع عدة بكفالته ورعايته والعطف عليه، فعن أبى هريرة، رضى الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله، وأحسبه قال: وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر» (رواه البخارى ومسلم). وعن سهل بن سعد، رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما» (رواه البخارى). وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «من ضم يتيماً بين مسلمين فى طعامه وشرابه حتى يستغنى عنه وجبت له الجنة» (رواه أبويعلى والطبرانى وأحمد). وعن أبى الدرداء، رضى الله عنه، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك» (رواه الطبرانى).
وبدوره، يحرص القانون المصرى على كفالة حياة كريمة للطفل اليتيم، الأمر الذى يتحقق بوجه خاص من خلال تقرير الحق فى رعاية أسرة بديلة والحق فى النفقة. وتجدر الإشارة هنا بوجه خاص إلى المادة 49 من قانون الطفل، التى تقرر للأطفال الأيتام أو مجهولى الأب أو الأبوين الحق فى الحصول على معاش شهرى من وزارة الضمان الاجتماعى، لا يقل عن ستين جنيهاً.
وفى الختام، ورغم أن مبلغ المعاش الشهرى المقرر قانوناً للطفل اليتيم زهيد ولا يتناسب مع احتياجاته الفعلية، فالمأمول هو أن تجد نصوص القانون حظها من التطبيق، بحيث يحصل كل يتيم على هذا المبلغ بشكل منتظم شهرياً.