«بدأنا خطة تطوير للصحيفة.. لست معنا.. قدراتك ضعيفة»، هكذا قالت لى قبل 3 أعوام، لتنهى عملى فى تجربتى السابقة لدخولى «الوطن»، الأمر تجاوز إخبارى بأنى بلا عمل، فكأنها أرادت إفقادى الثقة فى قدراتى الصحفية!، أرسلت فى الأسبوع نفسه سيرتى الذاتية لمؤسسة صحفية تطلب محررى ديسك، وجاء الاتصال من «الوطن» لتحديد موعد المقابلة، ليختبرنى المسئول بموضوع غير واضح المعالم فأعيد تركيبه من جديد، 27 دقيقة كاملة لإعادة صياغة موضوع واحد، لكنه يباغتنى «بتكتبى كويس»، سعدت بالإشادة رغم قلقى «لن أُقبل»، لكنه هاتفنى فى الأسبوع نفسه لإخبارى ببدء العمل معه.
حلمت بالعمل فى مكان مثل هذا، فمنذ تأسيس «الوطن» وبها من الأسماء الكبيرة التى طالما حلمت بالتعلم منها، القامات التى أثبت عينى أمامها لإشباع رغبتى من سحر الكلمات وتداخلها، تعمدى تكرار الأسماء بصوت عالٍ خلال أحاديث الطفولة والمراهقة مع أصدقائى لأخبرهم أنى عاشقة لهذه الأقلام، أنتظر مقالاتهم ومواضيعهم لأغوص فى الكلمات، وأجادل الأفكار موجهة الكلام لأشخاصهم وكأنهم أمامى.
فى الأسابيع الأولى كنت أسمع اسمى مراراً، هم لا يوبخون المخطئ لكنهم ينصحونه، لا يسأمون أبداً من الشرح، يخرجون أفضل ما لديك فيبدعون، لا تنسيهم ضغوط العمل الاهتمام بتطوير مهارات العاملين وتدريبهم فينظمون الدورات وورش العمل، لا يتجاهلون موهبة ظهرت فيشجعونها.
«قوته فى ناسه» وما «الوطن» سوى «ناسه»، تلك الأسرة التى وجدت فيها الصداقة الحقيقية، والأصحاب الجدعان، والمساندة بكل طرق متاحة، فأقرب صديقاتى وأكبر من دعمنى من هنا، حتى الذين لا تربطنى بهم علاقات قوية، حين هاتفت أحدهم لمساعدتى لم يتوان لحظة، فالأمر هنا ليس مجاملات لكن كلاً منا يحمل واجب مظلة الوطن تجاه الآخر، «الصحافة» مهنة اللحظة والمنافسة المستمرة، حيث لا مجال لمشاعر مختلفة هنا، فهذه المؤسسة المهنية تقوم فى الأصل على المبادئ الإنسانية.
«الوطن» وكأنه اسم شارح لشعورى تجاهه، فهنا أنتمى لوطن صغير آمن بى، واحتميت به من محاولات تكفيرى بأحلامى، «مالكيش واسطة، محدش بيدخل الصحافة من غير واسطة»، لم أكترث، ناضلت فى أماكن كثيرة حتى وصلت هنا «وما جزاء السعى إلا الوصول»، فاليوم لى مساحة للكتابة بين عمالقة الأقلام فى مصر، اليوم الطفلة الحالمة تخاطبكم من على منبر «الوطن».