مين الولد الشقى ده؟.. الولد ده لازم يمثل مسرح
كان يوما صعبا فى حياة الأسرة، استيقظ الجميع مبكرا وجلسوا إلى جوار الراديو لسماع نتيجة الثانوية العامة ومعرفة مصير الابن الأكبر. الأب يقرأ القرآن، والأم تصلى، والابن لم يحتمل هذا المشهد فخرج ليعرف نتيجته، وإخوته خرجوا يودعونه بالدعاء حتى باب المنزل.
على باب المدرسة خفق قلبه بشدة، خاصة عندما وجد زملاء له يبكون وآخرين يجلسون صامتين من وقع الصدمة. سار هائما لا يدرى أين يذهب وماذا يفعل، فوجد أمامه مدرس الرياضيات.
- ألف مبروك يا نجم؟
- أيه.. أنا نجحت؟
- نجحت.. بس جبت 80%.
لم يصدق الابن نفسه، جرى إلى المنزل وارتمى فى حضن والده. زغردت الأم، وتجمع الجيران والأحباب والأشقاء، رقصوا فرحا بشقيقهم الذى اجتاز أول اختبار صعب فى حياته.
- هاه.. ناوى على أيه؟
قالها الابن الأصغر، ولم يتوقع أن تتسبب الإجابة فى هذا الحزن الشديد الذى اغتال فرحة النجاح.
- ناوى على فنون مسرحية ان شاء الله.
وقعت الكلمات كالفاجعة على الجميع. الأب صرخ غاضبا، والأم بكت ولطمت، والجيران انصرفوا.
- فنون مسرحية أيه وزفت أيه.. حرام عليك.. أنا عايزك تخلّص جامعة عشان تساعدنى فى تربية اخواتك، وآخرتها هاتكون مشخصاتى!
- الفن مش عيب ولا حرام.. وانا عاوز اكون مخرج مسرح.
- انت هتدخل كلية التجارة.. انتهى الكلام.
يأس شديد شعر به بعد الحوار الذى دار بينه وبين والده، وتوجه بعده إلى إمام المسجد ليستفتيه.
- يا سيدنا انا مش عاوز أغضب ابويا.. بس نفسى أرضى نفسى واعمل اللى انا عاوزه.
- لا تغضب أباك وادرس فى الكلية اللى اختارها لك.. وبرضه ارضى نفسك وادرس الفن. اتعب شوية وارضى كل الأطراف.
فى العام نفسه الذى تخرج فى كلية التجارة حصل على شهادة الفنون المسرحية وانتظر التعيين الذى رشحه ليكون مشرف مسرح فى مدرسة إعدادى فى بنها.
«معاى اتنين بكالوريوس: واحد تجارة والتانى فنون مسرحية وآخرتها مدرسة فى بنها!». قالها فى نفسه وهو فى طريقه إلى مدرسة بنها الإعدادية بنين، دون أن يدرى أن كل ما تمناه سيتحقق عن طريق هذه المدرسة.
ذات يوم جاءته الناظرة لتخبره بأن المدرسة ستستقبل وفدا من المسرح القومى، على رأسه الفنان حسين رياض، وطالبته بالتجهيز لعرض قوى.
- مين الشاب ده.. دمه خفيف جدا ووسيم.. تحب تمثل فى المسرح؟
كان هذا سؤال حسين رياض، فرد عليه:
- أنا باحب الإخراج أكتر.
- اسمع كلامى. هتكون ممثل مسرح كويس. تعال وجرب.
من هنا بدأت حياته تتغير وتتجه إلى تحقيق أحلامه التى كانت بعيدة المنال، ومن أدوار صغيرة على المسرح إلى بطولات فى أعمال سينمائية ضخمة انتقل بسهولة.
نحج الشاب الصغير وانهالت عليه العروض: سينما.. مسرح.. تليفزيون.. حتى أطلق عليه لقب «الولد الشقى» الذى خاض كل الفنون، تمثيلا وإخراجا وإنتاجا.
هو الفنان حسن يوسف.