من الذى يسعى لإحراج الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى هذا التوقيت الحرج، ونحن مقبلون على الانتخابات الرئاسية، التى لم يعلن الرئيس حتى الآن -صراحة- خوضه لها لمده ولاية ثانية؟؟.
هل بعض نواب مجلس النواب قرروا «استغلال» موسم الانتخابات، كما يحدث فى أتفه مؤسسات الدولة، لنيل رضا الرئيس والتقرب إليه ولو بطريقة «الدب الذى قتل صاحبه»؟!.
أم أن فن «صناعة الفرعون» هوس عقلى، ولعنة تطارد بعض المشتغلين بالسياسة لدرجة التطوع بها، وتقديم طقوسها أمام الرأى العام، لرجل أطلق على كرسى الرئاسة لقب «كرسى النار»، مؤكداً أنه لن يتمكن أى رئيس من البقاء يوماً واحداً بعد انتهاء فترة حكمه!.
صحيح أن الرئيس «السيسى» قال، فى 13 سبتمبر 2015، تعليقاً- على ما يبدو- على ما اعتبر إرهاقاً للموازنة العامة للدولة بنسبة مرتفعة للتعليم والصحة من الناتج القومى الإجمالى (مواد 18 و19 و21): وأضاف: (إن الدستور المصرى كُتب بنوايا حسنة، والدول لا تبنى بالنوايا الحسنة فقط).. لكنه لم يكن يقصد إطلاقاً «اللعب» فى مواد الدستور المتعلقة بتعديل مدة الرئاسة، التى يحددها الدستور بمدتين كل منهما أربع سنوات.
لم يسع الرئيس أبداً للاستئثار بالحكم، ومخالعة «مجلس النواب»، الذين تناسى بعضهم أن واضعى الدستور أخذوا «ببرلماسية» النظام السياسى، أو بعبارة أخرى فإن لجنة الخمسين لوضع الدستور ضمنت مواد تؤكد رئاسيته، ومواد أخرى تؤكد برلمانيته، ومن أمثلة تلك الأخيرة، بل أهمها مادة 146 المؤكدة على دور فاعل للبرلمان فى تشكيل الحكومة ونيلها الثقة من البرلمان.
الآن يحاول بعض النواب التنازل عن صلاحيات «المجلس» لصالح الرئيس، ويطالب البعض بتعديل المادة 147 الداعية لحتمية قبول البرلمان لمن يعزلهم الرئيس من الوزراء، بزعم أنه (كيف يتعاون الرئيس معهم إذا أصر البرلمان على بقاء الوزراء المعزولين)؟.
وذلك رغم أن المجلس -بوضعه الحالى- لم يسلم من الانتقادات بموالاته للنظام وانحيازه للحكومة، ولم يستطع محاكمة مسئول فاسد أو حتى المطالبة بإقالة وزير النقل الدكتور «هشام عرفات» بعد كارثة تصادم قطارى الإسكندرية، فالمجلس لم يتمكن إلا من الإطاحة بعكاشة والسادات.. لغرض فى نفس يعقوب!.
وكأن المطلوب أن يتحمل «السيسى» وحده مسئولية اختيار رجاله وأخطائهم، أن يقوم بمهام الرئاسة والحكومة والبرلمان.. هذا بخلاف أدواره الدبلوماسية والعسكرية.. أما باقى الرجال، فعصمتهم جميعاً فى يده!.
لا تحسن الظن بالسادة النواب، وتعتقد أنهم «ولايا» لا يحلون عقداً ولا يربطونها، هم فقط يبحثون عن «مصلحة شخصية»، إنهم يطمعون فى تعديل المادة رقم 103 التى تشترط تفرغ العضو للعمل بمجلس النواب، مع الاحتفاظ بوظيفته دون أن يقبض مرتباً منها.. فهم وحدهم «الاستثناء» بين الشعب المؤهل الذى تجلده موجة الغلاء.. هم الخبرة النادرة والعبقرية.. بدليل أنهم يطالبون بمد مدة الرئاسة إلى ست سنوات!.
يتحجج، (ويتبجح)، دعاة تعديل الدستور بأنه وضع فى فترة «عدم استقرار»، والآن استقر الوضع وعلينا أن نجعل مدة الرئاسة 6 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة..
كما أن التكلفة المالية للانتخابات الرئاسية، قد تصل إلى 2 مليار جنيه، وهم حريصون على المال العام، بدليل ملايين الجنيهات التى دُفعت لسيارات الدكتور «على عبدالعال»، رئيس مجلس النواب، ورفع ميزانية مجلس النواب نهاية الفصل التشريعى المنتهى، وكأن الموازنة العامة للدولة لا تعانى عجزاً مضنياً، ولا أن الشعب يعيش فى ضنك!.
ترزية القوانين الذين عادوا ليطبقوا نموذج الحاكم الذى لا يترك الحكم إلا بالموت أو الثورة أو العزل، لم ينتبهوا إلى أن مطالبهم تصطدم مع المادة 226 من الدستور، التى تقول: (وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات).
لم يفطنوا إلى أن «السيسى» جاء بإرادة شعبية كاسحة، وسوف يستمر بضغط شعبى هائل، وأنه «زاهد» فى كل مظاهر السلطة.. ربما لهذا أراد البعض -بخبث ودهاء- إحراجه والانتقاص من شعبيته، وتصدير الإحساس بأن «المجلس» صاحب الفضل فى استمراره رغم أنه الشعب هو المدين له بالاستمرار.
لن يقبل الرئيس بأى مخالفة دستورية لإبقائه رئيساً، خاصة أن أمامه مدة ولاية ثانية، فهو ليس بحاجة للاستثناء، ولن يقبل بفتح لغم اسمه تعديل الدستور بكل ما يحويه من متفجرات المادة الثانية والأحزاب الدينية.. إلخ.
لن يقبل الرئيس بأن يحقق «الاستقرار» ليتحول إلى «ديكتاتور».. فحتى فكرة «الديكتاتور العادل سقطت بفعل أحداث التاريخ.. و«السيسى» لن يسمح بأن تسدد مصر فاتورة الاستقرار من الحرية والديمقراطية.
أرجوكم.. لا تضعوا الرئيس فى خانة الدفاع عن النفس، لأنها لا تليق بقائد عهدناه صلباً فى الحق.. لا تعلقوا مصالحكم الشخصية وأوزاركم فى رقبة الرئيس.. يكفيه أن يحارب على ألف جبهة والبعض لا يفكر إلا فى رصيده فى البنك!.