من صحفى فى الخرطوم إلى عامل بالقاهرة.. «الحرية ليها تمن»
لم يتوقع أن تصل حاله إلى هذه النهاية المأساوية، لكنه القدر الذى كتب له أن يتحول من صحفى مرموق فى السودان صاحب رأى وكلمة إلى عامل فى مطعم بالقاهرة، لكنه ليس نادماً بل إنه سعيد لأن نسائم «الربيع العربى» بدأت تمر على بلاده.
الجوع أفضل من رغيف خبز مغموس فى الذل.. هذا هو رأى حسان جبران، الصحفى والمدون السودانى، فالحرية لا تقدر بثمن، والثمن الذى يدفعه حالياً من خلال عمله فى مطعم بمدينة نصر لا يساوى شيئاً فى مقابل عودته إلى بلده وهو متحرر من نظام فاسد.
الرجل الثلاثينى مثله مثل كثير من الشباب السودانى، عاش فى ظل نظام استمر ربع قرن، فاستدعى أن يقال له «كفاية»: «هذا النظام تسلم البلاد قطعة واحدة، فإذا به يقسمها إلى قطعتين، بخلاف الفقر والبطالة وانهيار منظومة الصحة وانتشار الواسطة والمحسوبية.. كل هذه الأسباب كفيلة بأن أعارض هذا النظام».
حسان كان يعمل صحفياً فى إحدى الصحف، ولكن تم طرده منها بعد أن عارض نظام البشير، فلم يجد أمامه غير إنشاء جريدة فى محافظة النيل الأزرق التى يسكن فيها، أطلق عليها اسم «الحرية»، وبمجرد أن هاجمت النظام حتى بدأت الشرطة فى مطاردة الصحفيين بها واعتقالهم أكثر من مرة، وأغلقت الصحيفة وحكمت عليه بالسجن عامين.
لم يتوقف حسان، ظل يعارض بكتابة مقالات وتصويرها وتوزيعها على المقاهى والجامعات، فقبضت عليه الشرطة، وحكم عليه للمرة الثانية بالسجن ثلاث سنوات، لكن أصدقاءه ساعدوه على الهرب إلى القاهرة، وانتهى به الحال إلى العمل فى مطعم: «لن أتوقف عن الكتابة، فمن حق السودانيين أن يتظاهروا دفاعاً عن لقمة عيشهم، وعن حقهم فى حياة كريمة وآمنة.. من حقهم أن يمارسوا حقهم فى انتخاب حر ومباشر وطوعى لقياداتهم.. من حقهم أن يتنفسوا نسائم الربيع والتغيير من دون أن يُكفّروا أو يخونوا أو يجلدوا فى الشوارع».