المنيا: «أكل ونوم وآخرتها دبلوم» والطلاب على المقاهى أو متحرشون فى الشوارع
لا يوجد رقابة على الطلاب فى المدارس
«أكل ونوم وآخرها دبلوم».. مثل شهير يتردد على ألسنة العامة فى المنيا، يلخص أوضاع التعليم الفنى بشكل عام، والصناعى بشكل خاص، فخلال خروج الطالب من بيته قاصداً مدرسته الصناعية، فى معظم مراكز ومدن المحافظة، لا يشغل باله سوى التفكير فى قضاء يوم ممتع خارج أسوار المدرسة، سواء بالتحرش والمعاكسات أو الجلوس على المقاهى، ثم يعود فى النهاية لمنزله منهك القوى وصفر اليدين لا صنعة تعملها ولا حرفة احترفها.
فى البداية يقول الطالب حمدى محمود، بمدرسة ثانوية صناعية، إن معظم المعلمين لا يهتمون بالتدريب العملى وينشغلون فقط بإنهاء اليوم الدراسى دون مشاكل، ونادراً ما يهتم معلم بتعليم الطلاب فى الأقسام والحرف المختلفة بشكل عملى، ففى قسم السيارات والميكانيكا كل ما يتعلمه الطالب قيادة السيارات دون أعمال الميكانيكا، ولكى تكون المدارس الصناعية ناجحة ومنتجة وتؤدى الغرض منها يجب أن يتم فتح ورش نجارة وإصلاح سيارات من خلال استغلال أسوار المدارس وتقدم خدمات للمواطنين نظير الحصول على مقابل معقول ينافس السوق، لافتاً إلى أن المدرسة تضم قسماً للنجارة ويمكن فتح ورشة نجارة كبيرة لصناعة الأثاث بدلاً من شرائه من محافظات الوجه البحرى مثل دمياط وبيعه للمواطنين بأسعار مُبالغ فيها، كما يوجد قسم للخياطة والتفصيل ويمكن فتح مشغل تفصيل بعد توفير الخامات وتدريب الطلاب بشكل عملى والتعاقد مع أى مصلحة حكومية ترتدى زياً موحداً لتوريد المنتجات لها، وفى جميع الأحوال ستكون الأسعار أرخص والمنتج أجود من السوق.
وقال «ع.م»، معلم بمدرسة صناعية، طلب عدم ذكر اسمه، إن تطوير المناهج وربطها بالبيئة المحيطة لكل محافظة واستحداث تخصصات جديدة تتواكب مع متطلبات سوق العمل والمشاركة فى تنظيم المعارض الموسمية لتسويق منتجات المدارس، أهم خطوات تطوير المدارس الصناعية وتحقيق الهدف المنشود منها، مشدداً على أهمية تشجيع المصالح الحكومية والمجتمع المدنى للتعليم الفنى وإلقاء الضوء على النماذج المتميزة وتشجيع الابتكارات العلمية ووضع خطة للقبول بمدارس التعليم الفنى على أساس الرغبات لكل تخصص من خلال اختبارات ومقابلات مبدئية لتحديد المهارات وتنميتها.
ونوه بضرورة تدريب المتفوقين فى الصيف بالمصانع الكبرى الخاصة والحكومية وإيفاد بعثات خارجية لبعض الدول المتقدمة للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والتوصية بإنشاء صندوق خاص لتمويل ودعم المدارس الفنية يساهم فيه رجال الأعمال والمؤسسات الاجتماعية والأهلية، مؤكداً أن الاهتمام بالتعليم الفنى سيقود مصر لتحقيق التنمية ومن أكثر التحديات التى تواجهه الإمكانيات المادية لإتاحة تعليم على مستوى عالٍ.
وانتقد خيرى فؤاد، نقيب معلمى سمالوط، إهمال الدولة للتعليم الفنى خلال السنوات الأخيرة، رغم أنه قاطرة التنمية الحقيقية لأى مجتمع يتحدث عن نهضة، وهو السبيل الوحيد لتوفير عمالة تلبى احتياجات السوق المحلية والعربية والأجنبية. وقال كان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر يعرف أهميته لذا أشرك طلاب المدارس الصناعية فى بناء السد العالى وإنشاء المصانع الحربية فى الستينات، لكن ظهر الجمود والتبلد حينما ظلت المناهج بدون تحديث يتلاءم مع متغيرات العصر، ولم يتم إدخال تخصصات جديدة، ولم يعتنِ مسئولو التعليم برفع كفاءة المعلمين الذين يتم اختيارهم بشكل عشوائى ودون المستوى، وعلى أرض الواقع تبدو الصورة قاتمة لأبعد الحدود.
ويضيف أن المدد الزمنية المخصصة للتدريب العملى داخل ورش النجارة والحدادة والميكانيكا بالمدارس الصناعية قصيرة جداً، والمعامل لم تشهد أى تطوير، والمناهج غير ملائمة لطبيعة كل محافظة فمن الأحرى أن تكون مناهج المدارس الصناعية فى محافظات ساحلية مثل إسكندرية ومطروح وبورسعيد مختلفة تماماً عن مناهج فى محافظات زراعية كالمنيا وأسيوط وسوهاج، وتختلف عنها فى محافظات صناعية مثل الغربية ودمياط.
وأكد «فؤاد» أن سياسة القبول بالتعليم الفنى خاطئة، وتعتمد على ضم الطلاب الحاصلين على أقل المجاميع من خريجى الشهادة الإعدادية، دون التركيز على قدراتهم ورغباتهم وعدم ربط العملية التعليمية فى المدارس الصناعية بالتدريب العملى، ولإحداث نقلة ملحوظة فى منظومة التعليم الصناعى لا مفر من إنشاء وزارة مستقلة لها موازنة وكادر وظيفى خاص بها.