أن تنبت الأرض فهذا الطبيعى.. أما أن تنبت الـ "سوشيال ميديا" فهذا أمر مختلف تماماً فبالرغم من مساوئ الـ "سوشيال ميديا" الكبيرة والتى طغت على منافعها المفترضة إلا أنها هذه المرة فاجئتنا ربما لتصالحنا وتثبت أنها مازالت تخفى من المفاجآت السعيدة القادرة على تحسين حالتك بضغطة واحدة.
من بين امتلاء مواقع الـ "سوشيال ميديا" بمقاطع غنائية تستعرض مواهب مختلفة يتفق ويختلف عليها روادها وفى ظل هذا الطوفان الجارف والذى أصبح ينافس عدد المواليد فى الثانية الواحدة يطل علينا مقطع غنائى عادى جداً بدون أى تكلف أو تكلفة لصوت يدندن أغنية قام بغنائها منذ سنوات المطرب "لؤى" كتتر لمسلسل "كلام على ورق" إلا أن فشل المسلسل أطفأ وهجها ليعود هذا المقطع الغنائى ويشعلها مرة أخرى منطلقاً بصوت عابر للقلوب توقف عنده الجميع ووجد نفسه يردد معه ثم طوال أوقاته "نقابل ناس نفارق ناس وماشية الحياة عادى" وببهجة غير طبيعية تغيرت و"مابقتش ماشية عادى"!
إنها "ياسمين على" صانعة البهجة التى قلبت الطاولة فجأة لتعيد الساحة الغنائية ترتيب أوراقها من جديد فبحكمة الله ككن فيكون وبـ 3 دقائق صورتهم "ياسمين" بكاميرا جهازها الشخصى تحولت من هاوية باحثة عن فرصة لنجمة ساطعة يلهث ورائها الجمهور يبحث عنها وعن الأغنية التى تخيل أنها تخصها فتعلق بها بصوتها وأخذ يغنيها معها ليلاً نهاراً لتقفز مشاهدات هذا المقطع للملايين بجانب إعادة نشره بشكل جنونى لتتضاعف المشاهدات عشرات المرات وتعبر به "ياسمين" خطاً فاصلاً فى حياتها منتقلة لعالم جديد يستقبلها بحفاوة بالغة تحقق به رقماً قياسياً مؤكد أدهشها وربما وصل بها لحد الصدمة.
ما حققته "ياسمين على" لم يكن فقط لصوت أوبرالى مميز لا تسمعه فقط بل تتذوقه ولكن لقوة وتلقائية وسحر أدائها الغنائى وتعبيرها فـ "ياسمين" تملك القدرة على غناء أية أغنية لأى مطرب أو مطربة مهما كان حجمهم وثقل أعمالهم ولكن بأدائها الخاص وبصمتها الشخصية لتنقل الأغنية إلى منطقة أخرى جديدة ومختلفة فتضفى عليها سحر خاص يصنع حالة غير طبيعية من البهجة خاصة وأنت تشاهدها فى تعبيرها وتفاعلها مع الأغنية ما يجعلك لا تجرؤ على إزاحة عينيك بعيداً عن الشاشة طالما ظلت موجودة وهو ما دفع العديد من البرامج والصحف للتهافت عليها واستضافتها وتصوير أدائها الغنائى لمجموعات كبيرة من الأغنيات المتنوعة على مدار الأجيال تحقق بها أعلى نسب مشاهدات تناطح بل تفوق نجوماً كباراً متربعين على عرش الأغنية لتتحول "ياسمين على" لتهديد صريح لكل مطربة تتساهل فى جماهيريتها أو ضمنت حجز مكانها بلا منافس.
ستندهش عندما تعرف الـ "فلاش باك" لتصوير "ياسمين" لمقطعها الغنائى فبنت الأوبرا التى تبحث عن فرصة تعبر بها عن نفسها وموهبتها تلقفها النجم "محمد صبحى" فى سن مبكر وشاركت معه فى مسلسله "يوميات ونيس –ج8" ثم عاد وقدمها بعد سنوات معه فى برنامجه "مفيش مشكلة خالص" مراهناً عليها لتقدم اسكتشات غنائية فى أكثر من حلقة نالت بهم الإعجاب الشديد ولكن عادت للاختفاء بعد انتهاء عرض البرنامج ما جعلها لا تثبت بالذهن بالقوة الكافية مكتفيه بحفلات الأوبرا وساقية الصاوى لتكتشف بعد عام ونصف تقريباً من أحد المقربين أن صوتها قد يتعرض لشرخ ويؤثر عليها مستقبلاً ويضعف من فرصتها فى الغناء لتصاب بحالة من الإحباط وربما اليأس فتذهب لغرفتها وتفتح كاميرا جهازها وتدندن "نقابل ناس" لتخرج من هذه الحالة فتفاجأ بعدها برد الفعل الـ "تسونامى" وكأنها إشارة من الله فيقذف بحبها فى قلوب الملايين وتشع بهجة وتكتظ حفلاتها بالأوبرا والساقية ويفتش عنها الجمهور حتى فى كواليس حفلاتها بعد أن كانت هى من تبحث عنهم أصبحوا يأتون إليها من كل صوب واتجاه حفلات وبرامج وصفحاتها على مواقع التواصل يبحثون عن البهجة التى تنقل بها الأغنية من حالتها الغنائية إلى حالة جديدة وخاصة.. حالة "ياسمين على" التى تحولت إلى مصدر إشعاع و"أيقونة" للبهجة.
ظهور "ياسمين على" بهذه القوة يدفع لأسئلة منطقية.. كم "ياسمين" نملكها ولا يعرف أحد عنهم شئ؟! كم موهبة تستطيع أن تغير خريطة الفن بكل أشكاله ولا تجد فرصة وسط الازدحام بأنصاف وأرباع ومعدومى المواهب؟!
نعم.. نحن نستطيع أن "ننظف" الساحة التى امتلأت بـ "بقع" فنية منفرة فمصر ولادة.. ولكننا لا نريد فاستسهال العمل وكسل الإنتاج والاستسلام لمقولة ظروف السوق و"اللى بياكل مع الناس" أدى لتشويه الصورة الكاملة وجعل من الفنون مسخاً يتصدره أصحاب الـ "فهلوة" ويعانى فيه أصحاب المواهب الأصيلة.
"ياسمين على" تحتاج الآن لمنتج واعٍ محترف يعرف كيف يضعها فى مكانها المناسب ويفيد بها الأغنية ولا يتحجج بسوق الألبومات فما يستطيع أى منتج محترف أن يجنيه من حفلاتها الـ "لايف" سيغطى إنتاجه لها ويضاعف مكاسبه وأخص بالذكر هنا صناع النجوم.."محسن جابر" ــ شخصياً وليس من ينتجون لصالحه ــ و "نصر محروس" وآخر جيل صناعة النجوم "هانى محروس و عزيز الشافعى" فهى قادمة لهم بجمهورها كنز ينتظر الاستغلال.
"ياسمين على" تحتاج لمحترفى إدارة الموهبة وليبتعد عنها أصحاب المصالح ومدعو الإنتاج من خفافيش الصناعة فلدينا الآن نجمة مصرية واعدة ستصنع الفارق بمسافات بعيدة وواجهة مشرفة خارج الحدود ولينتبه المنتبهون لتسكينها فى أعمال غنائية وطنية أو تحقق مصالحها والتى من المؤكد ستحدث مع ملامحها المصرية الخالصة أثراً كبيراً وممتداً يحمل بهجة "ياسمين على" وهو ما يحتاجه بشدة تجديد الدماء بعدما احتُجزت الأغنية وتجمدت بين أسماء قليلة ومحدودة منها من أصابها الغرور ولم تعد تتحمل مسئولية النجومية.. فالأغنية الآن تحتاج لحالة مختلفة.. تحتاج لانتعاشة.. تحتاج لبهجة.
"ياسمين على" أيقونة البهجة.. وكفى.