بيع «القُماش» فى المحلة الكبرى.. «المستورد خلّص على المحلى»
السعيد إبراهيم
داخل شارع «زنقة الستات» فى منطقة العباس القديمة بالمحلة الكبرى، حيث تكثر محلات بيع الأقمشة، والباعة الجائلون الذين ينتشرون فى أنحاء المنطقة، يقف السعيد إبراهيم، 62 عاماً، تاجر قماش، يعمل فى تلك المهنة منذ 50 عاماً، ويحكى عن بدايات عمله: «شغال فى مهنة بيع القماش دى من وأنا طفل، كنت أول مرة أنزل فيها أبيع القماش كانت مع عمى الحاج محمد قدوس فى محلات بيع المصنوعات، وده الدكان اللى خده المداح دلوقتى، ولما جه المداح اشتراه وقفت فى محل بدير وأنور النجمة ودول اتنين إخوات».
المهنة تمر بظروف صعبة علينا كلنا.. لكن عمرها ما تموت وما زال لها زبائن فى القرى
يستكمل «السعيد» حديثه عن رحلته فى تجارة الأقمشة: «فى أيام المنطقة الحرة سافرت بورسعيد قعدت هناك 12 سنة، واشتغلت هناك وبقيت بيبع لأجانب ومن ضمنهم ناس من اليونان واتعلمت هناك اللغة، وبعد كده سافرت طنطا وقعدت فيها 6 شهور لحد ما وصلت دلوقتى وبقيت مدير المحل ده اللى أنا واقف فيه»، موضحاً أن أنواع الأقمشة التى تُباع حالياً هى تشكيلة كبيرة فى الرجالى مثل «الجولدن والجبردين والترلين وقماش سلكة سادة»، وفى قماش السيدات «الفسكوزات» و«المشجرة» و«الكريب السادة»، أما فى الشتاء فهناك «الميلتون» و«الصوف الجوخ»: «زمان كانت شركة مصر للغزل والنسيج دى بتطلع أصناف محترمة ومنها أنواع اسمها 707 و1001، وكان بيجيلها أجانب مخصوص تاخد القماش منها، ده غير أنواع تانية زى قماش العبايات وسوبر فانسى 505 وده كان بيطلع من شركة استيا»، مشيراً إلى أنها كانت من أرقى وأجود أنواع الأقمشة بشهادة الجميع، ولكنها اختفت بمرور السنوات.
وبالمقارنة مع الوضع الحالى فى سوق تجارة الأقمشة يقول: «كل البضاعة والقماش اللى عندى ده بقى مستورد، ومبقاش خلاص فيه صناعة ومنتجات محلية، وده مش من دلوقتى، لكن أنا بقالى أكتر من 15 سنة شغال على الأقمشة المستوردة، ومبقاش فيه شركات فى المحلة هنا بتطلع لنا إنتاج، ومحدش يعرف إنتاج الشركات اللى فى المحلة ده بيروح فين، لأن فى المعارض بتاعتهم بيبيعوا الملابس الجاهزة بس، لكن كقماش منعرفش عنه حاجة»، موضحاً أن السوق بالكامل فى مجال بيع الأقمشة اختلف تماماً عن ذى قبل، وأن تلك الجودة فى نوعية القماش اختفت فى الأقمشة المستوردة، وأن الإقبال فى الوقت الحالى من الزبائن أصبح على أنواع قليلة من القماش المستورد كـ«الجولدن»، وهو من الأنواع الجيدة ويتم من خلاله تفصيل البدل، أما فى فصل الشتاء فيكون الإقبال على الصوف والمشعر من أجل تفصيل بدل الشتاء.
«السعيد»: «بقالى 15 سنة شغال على الأقمشة المستوردة.. ومانعرفش حاجة عن إنتاج شركات الغزل.. والملابس الجاهزة قضت على سوق التفصيل»
حالة من الركود يعيشها سوق بيع القماش، حسبما أكد «السعيد»: «السوق بقى تعبان خالص والدنيا واقفة ومبقاش فيه حركة كده زى الأول، ده كان زمان شهور رجب وشعبان ورمضان بتبقى الدنيا موت فيهم من كتر الزحمة وتلاقى الزباين واقفة كتير، وده كان على كل المحلات هنا، لكن دلوقتى الوضع اتغير، والسبب الأكبر فى كده الملابس الجاهزة اللى بقت منتشرة فى كل حتة ودى قفلت على سوق بيع القماش، زى البناطيل والقمصان والتيشيرتات الجاهزة، وبقى الجاهز واكل السوق كله».
وعن نوعية الزبائن التى تتردد على محله: «التفصيل دلوقتى بقى مقتصر على الراجل اللى بيلبس جلابية اللى بييجى من القرية مخصوص عشان يشترى قماش يفصل بيه جلابية، وفيه برضه ناس بتيجى تشترى قماش الجبردين عشان تفصل البناطيل، لكن معظم زباينى ناس من القرى زى واحد مثلاً عريس وعاوز قماش عشان يعمل بيه كام جلابية قبل الجواز»، وبالحديث عن مصير مهنة تفصيل القماش يُتابع «تاجر الأقمشة»: «مهنة المينى فاتورة دى عمرها ما هتموت، هى آه بقت بتمر بظروف صعبة علينا كلنا لكن ما زال ليها زباينها فى القرى بيحتاجوها».