الناس تركز معى شوية علشان أنا بأحاول أفهم المشهد المعقد اللى إحنا عايشين فيه ده.
إحنا عندنا احتمالان كبيران وتقريبا 700 احتمال غيرهم مش عايز أفكر فيهم.
تعالوا نأخذهم واحد واحد.
الاحتمال الأول أن يأتى الرئيس من نفس حزب الأكثرية البرلمانية (يعنى الدكتور محمد مرسى يفوز) وهنا يا إما ينجح النموذج يا إما يفشل. لو نجح (لاسيما مع نظام شبه رئاسى) إذن نحن أقرب إلى نموذج روسيا تحت حكم «بوتين - ميدفيدف». هذا النظام حقق درجة عالية من الاستقرار السياسى الذى أفضى إلى تحسن اقتصادى واضح، ولكن مع درجة أقل من التقدم على مستوى الحريات السياسية ومؤشرات الأداء الديمقراطى.
ولو فشل هذا النموذج، اقتصادياً وسياسياً، فسنعيد إنتاج الحزب الوطنى حيث حزب واحد مسيطر على كل مقومات الدولة وتهميش شديد للقوى الوطنية الأخرى إلا بقدر ما يقرر حزب الحرية والعدالة. وبهذا المعنى سيجد الكثيرون من أسباب الفساد والاستبداد ما يفوق قدرتهم على الاستمرار مع هذا النمط.
الاحتمال الثانى أن يأتى الرئيس من حزب يخالف حزب الأكثرية فى البرلمان (يعنى أى اسم آخر غير الدكتور محمد مرسى) وهنا سنكون أمام أحد بديلين: النجاح أو الفشل.
ينجح هذا النموذج لو حدث شىء من اثنين: إما أن ينجح الرئيس الجديد فى التحالف مع القوى غير الإخوانية داخل البرلمان، ويتحول الإخوان إلى المعارضة بعدد كبير من المقاعد بشرط توافق الليبراليين والمستقلين والسلفيين على أجندة وطنية بقيادة الرئيس الجديد. ومن معرفتى بالأحوال فى مجلس الشعب المصرى الشقيق، ولا هيعملوا حاجة.
أما الشىء الثانى الذى ممكن أن يجعل هذا النموذج ينجح فهو أن يصيب الرئيس الجديد والأغلبية الإخوانية حالة مفاجئة من الرغبة فى التوافق بلا أى ترتيب مسبق. حاجة كده زى الزُغُطة تجيلك بدون إنت ما تتخذ أى إجراء. المهم فجأة وبدون أى أسباب منطقية تلاقيهم، سبحان الله، توافقوا ووصلوا لحلول وسط تجعلهم يغلبوا المصلحة الوطنية على الحسابات الحزبية والرياضية والحاجات دى.
أما البديل الثانى المنبثق عن الاحتمال التانى فهو سهل جداً، وهو أن يأتى الرئيس من حزب أو تيار معارض لتيار الأكثرية فى البرلمان وبدون القدرة على التوافق وخلق حلول وسط منطقية ننتهى إلى شلل سياسى زى الشعب اليونانى الشقيق. عملوا انتخابات لطيفة جداً انتهت بإن ما فيش أغلبية واضحة وحتى مش عارفين يعملوا حكومة وشكلهم هيعيدوا الانتخابات تانى مرة يمكن المرة دى يطلع لهم حكومة.
بس الحقيقة الشعب المصرى الشقيق أثبت دائماً أنه فى الأزمات يظهر معدنه الحقيقى. يعنى لما نقرب كده من مجاعة أو كارثة وطنية عظمى، الإخوة الأصدقاء فى مجلس الشعب الشقيق مع الرئيس الجديد، احتمال يقولوا لبعض: «كفاية دلع بقى، خلاص، نركز مع بعضينا، علشان نشوف إزاى هنحل المصيبة دى».
طبعاً بعض الأصدقاء من القراء ترك كل ما كتبت علشان يخمن بشأن «السم الذى أدسه فى العسل» وصولاً إلى أننى أرجح بديلاً دون آخر وأدفع الناس دفعاً للتصويت فى اتجاه دون آخر. أنا لا أفكر بالنيابة عن أحد، وكل واحد يعمل الواجب اللى عليه ويفكر لنفسه.
أنا خلصت، اشتمونى بقى.