مندوب مصر فى «الأمم المتحدة»: وقف دعم الإرهاب ومحاصرة «المحرضين» أولوية «القاهرة» فى «الجمعية العامة»
السفير محمد إدريس مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة
يشارك الرئيس عبدالفتاح السيسى، للعام الخامس على التوالى، فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الـ73، حاملاً أجندة وملفات وقضايا مصرية وعربية ودولية، وضعتها مصر على رأس أولوياتها، بحسب السفير محمد إدريس مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، الذى أكد فى حوار لـ«الوطن»، أن القضية الفلسطينية تتصدر الأولويات المصرية، مشدداً على أن مصر تؤكد دوماً أنه لن يكون هناك سلام حقيقى دون احترام حقوق الشعب الفلسطينى وإقامة دولة له عاصمتها القدس الشرقية وفقاً لحدود 67. ولفت «إدريس» إلى أن مكافحة الإرهاب هى إحدى أهم القضايا على الأجندة المصرية.. وإلى نص الحوار:
بداية، ما أهم القضايا التى ستكون على رأس أولويات الرئيس السيسى ومصر خلال المشاركة فى أعمال الجمعية العامة؟
- تعقد الدورة رقم 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى وقت يشهد فيه العالم استمرار النزاعات والصراعات القائمة منذ سنوات، وقد امتد تأثير الإرهاب إلى معظم دول العالم، ولهذا هناك أمل فى أن تكون اجتماعات ومحادثات ومقابلات الرؤساء والقادة على هامش افتتاح الجمعية العامة، قادرة على خلق زخم قد يؤدى إلى تسويات للنزاعات والأزمات القائمة. جدول أعمال الجمعية العامة يتضمن على غرار الدورات السابقة بنوداً حول جميع الموضوعات الرئيسية التى تتناولها الأمم المتحدة، والتى تشمل تلك المتعلقة بموضوع تحقيق النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة، بما فى ذلك الموضوعات المرتبطة بالقضاء على الفقر، وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، والحفاظ على البيئة والتصدى لظاهرة تغيُّر المناخ، والموضوعات المرتبطة بالصحة ومكافحة الأمراض، وتسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأغراض التنمية المستدامة، والمسائل المتعلقة بالسياسات الاقتصادية، والتجارة الدولية والنظام المالى الدولى. ويتضمن جدول أعمال الجمعية العامة أيضاً بنوداً مرتبطة بموضوعات حفظ السلم والأمن الدوليين، التى تشمل النزاعات السياسية على غرار الحالة فى الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية، والوضع فى أفغانستان، والمسألة القبرصية، وغيرها من الموضوعات السياسية الأخرى المرتبطة بنزاعات ما زالت قائمة حتى الآن. كذلك، سوف يتضمن جدول أعمال الجمعية العامة موضوعات حفظ وبناء السلام، إضافة إلى ذلك، يتضمن جدول أعمال الدورة رقم 73 للجمعية العامة بنوداً تتناول الموضوعات المرتبطة بتعزيز العدالة والقانون الدولى، ومكافحة الإرهاب الدولى بما فى ذلك النظر فى إبرام اتفاقية دولية شاملة لمكافحة الإرهاب، وعقد مؤتمر دولى حول مكافحة الإرهاب، وهى مبادرة مصرية مطروحة منذ سنوات.
السفير محمد إدريس: قضية فلسطين وتنمية أفريقيا تتقدمان أجندة الرئيس فى المنظمة الدولية.. وسنستأنف الدفاع عن «مرجعية 67»
وماذا عن الأولويات المصرية هنا؟
- مصر شأنها شأن أية دولة أخرى تقوم بتحديد أولوياتها فى ضوء أهمية الموضوعات المنظورة ومدى ارتباطها بشكل مباشر أو غير مباشر بالمصالح المصرية وبدوائر الأمن القومى المصرى. وفى هذا الإطار، تأتى قضايا الشرق الأوسط، سواء كانت القضية الفلسطينية والأزمة السورية والوضع فى ليبيا واليمن وقضايا مكافحة الإرهاب والتنمية فى أفريقيا وتعزيز احترام القانون الدولى وحماية حقوق الإنسان، فضلاً عن موضوعات حفظ وبناء السلام على رأس الأولويات المصرية فى إطار عمل الأمم المتحدة. وفى ضوء الوضعية المتميزة التى يحظى بها وفد مصر لدى الأمم المتحدة فى نيويورك ضمن الوفود الأخرى على مدار تاريخ البعثة المصرية، فإن وفد مصر لدى الأمم المتحدة فى نيويورك يسعى للانخراط بفاعلية والمشاركة بشكل إيجابى وبنّاء عند تناول الجمعية العامة لمعظم الموضوعات المدرجة على جدول أعمالها، أخذاً فى الاعتبار ارتباط معظم تلك الموضوعات بالمصالح المصرية، خاصة مع عضوية مصر فى العديد من المجموعات التفاوضية الرئيسية بالأمم المتحدة كالمجموعة الأفريقية والعربية وعدم الانحياز والتعاون الإسلامى، فضلاً عن ترؤس مصر لمجموعة الـ77 والصين خلال عام 2018.
إلى أى مدى تختلف مشاركة مصر فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى كل دورة خلال السنوات الأخيرة ومنذ انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- مصر تشارك دائماً بنشاط وفاعلية فى أعمال الأمم المتحدة، بما فى ذلك الشق رفيع المستوى لدورة الجمعية العامة، إلا أنها كانت عادة تتم على مستوى وزير الخارجية، وبالتالى فإن ما يميز فترة مشاركة مصر فى الأمم المتحدة منذ انتخاب الرئيس السيسى هو حرصه على المشاركة فى افتتاح الجمعية العامة، وبالتالى الارتقاء بمستوى تمثيل مصر فى هذا المحفل إلى المستوى الرئاسى، وهو أمر إيجابى ومهم بجميع المقاييس، لأنه يعطى انطباعاً حقيقياً قوياً باهتمام الدولة المصرية، ممثلةً فى قيادتها، بعمل الأمم المتحدة وقضاياها التى تمثل أجندة الاهتمامات الدولية، وهو الأمر الذى يخلق زخماً يمكن البناء عليه لتعزيز التعاون والتنسيق بين مصر والأمم المتحدة وإبراز دور مصر وإسهاماتها الإقليمية والدولية، وهو ما يترتب عليه تعظيم استفادة مصر من أنشطة المنظمة وتحقيق مصالحنا من خلالها، وتعزيز الوضعية والمكانة المصرية على الساحة الدولية.
كذلك، تعتبر مشاركة الرئيس فى افتتاح الجمعية العامة كل عام فرصة مواتية للقاء رؤساء وقادة عدد من الدول الأخرى الموجودين فى نيويورك لذات الغرض، وذلك فى إطار تعزيز العلاقات والروابط الثنائية والتعاون البنّاء بين مصر والدول المختلفة. إضافة إلى ذلك، تعتبر مشاركة الرئيس فى افتتاح الجمعية العامة وقيامه بإلقاء بيان مصر أمام الجمعية العامة فرصة ممتازة لتوجيه رسائل هامة إلى المجتمع الدولى، من خلال أهم المحافل العالمية، بما يعكس الرؤية المصرية للتحديات الدولية، ويؤكد استقرار الدولة المصرية ويعكس صورة مصر الحديثة، والتأكيد على احترامنا للقانون الدولى ومعايير حقوق الإنسان، وحرصنا على تحقيق التنمية والاستقرار ونهضة اقتصادية فى مصر، والإشارة إلى جهودنا فى مجال مكافحة الإرهاب التى تصب فى مصلحة المجتمع الدولى ككل، والتأكيد على رؤيتنا إزاء القضايا الإقليمية المهمة، وكذلك استعراض الإنجازات التى يتم تحقيقها داخلياً على جميع الأصعدة.
نتمسك بدعوتنا لتأسيس منظومة حقوق إنسان دولية بعيدة عن «التسييس والانتقائية» ومبادرتنا لمنع الاستغلال الجنسى فى «حفظ السلام» أتت حرصاً على معاقبة المتجاوزين.. والعالم يدرك الآن أننا نتصدر محاربى الإرهاب.. والدول تدرج التنظيمات المتطرفة على لوائحه وفقاً لـ«مواءمات سياسية».. وقرارات مجلس الأمن تحتاج آلية لضمان تنفيذها ومحاسبة الدول التى تنتهكها
وهل ستحمل مصر هذه المرة جديداً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فى ظل لقاءات المصالحة وما يقال عن صفقة القرن؟
- لا شك أن القضية الفلسطينية تواجه عدداً من التحديات على الصعيدين الإقليمى والدولى، فرغم أن موقف الدول العربية والمجتمع الدولى بصفة عامة، لم يتغير على مدار السنوات الماضية، فإن الصراعات الحادة التى تشهدها المنطقة منذ عام 2011، والأزمات الإنسانية غير المسبوقة التى تسببت فى هزة كبيرة للشعوب العربية، قد ألقت بظلالها على مسألة التعاطى الدولى مع القضية نتيجة لحالة التشتيت التى أصابت المؤسسات والأطراف الدولية.
بالتوازى مع ذلك، تستمر مصر فى جهودها الهادفة لتحقيق المصالحة الفلسطينية وتضع فى اعتبارها الأوضاع الإنسانية المتدهورة فى قطاع غزة، وأهمية وحدة الفلسطينيين تحت مظلة منظمة التحرير لتدعيم الموقف التفاوضى الفلسطينى، كما تبذل جهداً كبيراً فى تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة من منطلق شعورنا بالمسئولية المعنوية تجاه أشقائنا هناك. وستستأنف مصر خلال الجمعية العامة الدفاع عن الحقوق الفلسطينية وفقاً للمحددات والأهداف السابقة، سواءً فى سياق مواقفها بالبيانات المختلفة التى ستلقيها بمختلف المحافل، أو من خلال اللقاءات الثنائية التى ستعقد على هامش الدورة، وستؤكد فى هذا الصدد أن السبيل الوحيد لأن يتمكن الشعبان الفلسطينى والإسرائيلى من العيش بسلام هو العودة إلى مائدة المفاوضات على أسس القرارات والمرجعيات الدولية، والمبادرة العربية للسلام التى لا تزال مصر ترى أنها تتضمن أساساً لتسوية شاملة تخدم مصالح جميع الأطراف.
وهل ستقدم مصر آليات فيما يتعلق بحل للأزمة الليبية والأزمة اليمنية أو حلحلة الأوضاع هناك؟
- بلا شك، ستحظى الأزمتان فى ليبيا واليمن بقدر كبير من اهتمام ومحادثات القادة والمسئولين المشاركين فى افتتاح الجمعية العامة، خاصة مع الآثار السلبية المترتبة على استمرار الأزمتين دون تسوية لسنوات وتهديدهما للسلم والأمن الدوليين. ويتأسس الموقف المصرى من الأزمة اليمنية على ثوابت سياستنا الخارجية التى يتصدرها دعمنا للشرعية، وفى هذه القضية شرعية الرئيس هادى وحكومته، فضلاً عن دعمنا لوحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه ورفض التدخل فى شئونه الداخلية.
وماذا عن الأزمة الليبية؟
- وبالنسبة للأزمة الليبية، نحن على اقتناع بأن السبيل الأمثل والرئيسى للتعامل مع الأزمة الليبية هو من خلال دعم الاتفاق السياسى الليبى وخطة عمل الأمم المتحدة، وحتى يتسنَّى تنفيذ ذلك فى أجواء مستقرة، فإن هناك حاجة مُلحَّة لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية والقضاء على ظاهرة الميليشيات، وتعمل مصر لتوفير الظروف الملائمة لهذا التوحيد مع الحرص على عدم التدخل فى تفاصيله كونه شأناً ليبياً. من ناحية أخرى، فإن نجاح الجهود المصرية وكذلك جهود الأمم المتحدة، يتطلب من المجتمع الدولى وقفة حاسمة ضد تمويل ودعم العناصر الإرهابية فى ليبيا. ورغم الانتصارات التى حققها الجيش الوطنى الليبى، لا زالت بعض الأطراف مستمرة فى القيام بدور هدَّام من خلال إمداد الجماعات الإرهابية بالسلاح، وهو ما نسعى لمواجهته من خلال اتصالاتنا مع أعضاء مجلس الأمن والأطراف الدولية والإقليمية، وهو ما يظل على رأس أولوياتنا بالنسبة للأزمة الليبية خلال الدورة الجديدة للجمعية العامة.
رؤيتنا لأوضاع «إدلب» تتسق مع موقفنا العام من الأزمة السورية.. ونواجه تمويل «التكفيريين» فى ليبيا بـ«اتصالات دولية وإقليمية»
النزاع السورى له أولويته بالنسبة لمصر، ما الذى يمكن أن تطرحه «القاهرة» فى هذا السياق؟
- تتسم الأزمة السورية بطبيعة خاصة مقارنة بالأزمات الأخرى فى المنطقة نظراً لطبيعة وتعدُّد الأطراف الدولية والإقليمية المتداخلة فيها سياسياً وميدانياً، ما جعل من الأزمة ساحة للتنافس والصراع بالوكالة. ومن ثَم، سعت مصر للالتزام منذ البداية بموقف واضح يُعلى المصلحة العامة للسوريين بصرف النظر عن توجهاتهم أو التوازنات السياسية الدولية وحالة الاستقطاب التى أثَّرت بالسلب على الأزمة، لا سيما من خلال التعامل مع الوضع الإنسانى المتدهور غير المسبوق فى سوريا، والدفع نحو التسوية السياسية من خلال تشجيع عملية جنيف، وكذلك دعم الوضع السياسى لرموز المعارضة السورية الوطنية فى وقت علت فيه أصوات التطرف والإرهاب، خاصةً تلك الرموز التى ساهمت فى إنشاء ما يعرف الآن بـ«منصة القاهرة» والتى تمت الإشارة إليها فى قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤. ورغم التربُّص الذى كنا نواجهه من أطراف ووسائل إعلام ودوائر معينة، فإننا تمكنّا من الحفاظ على موضوعية قراراتنا بالمجلس دون الانجرار للمزايدات أو تغليب المصالح الضيقة، وترسّخ لدى المجتمع الدولى أن القرارات والتحركات المصرية لا يحكمها سوى ميزان اقتناعنا بما فيه مصلحة للشعب السورى والمنطقة ككل، وهو ما أكسب الموقف المصرى مزيداً من المصداقية مع مرور الوقت، وحرصاً من قِبَل القوى الرئيسية بالمجلس -رغم التنافس بين بعضها البعض- على الاستماع لوجهة نظرنا، سواءً فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، أو معالجة الأوضاع الإنسانية فى سوريا، أو العملية السياسية. وتتسق رؤيتنا للأوضاع فى إدلب مع الخط العام لموقفنا المشار إليه، ومن المهم هنا الإشارة إلى أن اهتمامنا بتلك الأوضاع ليس وليد اللحظة، فقد تمكنت مصر فى نهاية عضويتها بمجلس الأمن فى ديسمبر 2017، من تجديد ولاية منظومة المساعدات الإنسانية عابرة الحدود فى سوريا عبر تمرير قرار مُلزم فى هذا الشأن، وهى المنظومة التى يستفيد منها ملايين السوريين، لا سيما فى إدلب حتى هذه اللحظة.
وماذا عن مكافحة الإرهاب، هل نجحنا فى إقناع العالم بالجماعات والتنظيمات التى يجب أن تتضمنها قوائم الإرهاب العالمى؟
- إدراج تنظيمات أو جماعات إرهابية على لائحة الإرهاب الدولى يقصد به قانونياً إدراج تلك التنظيمات والجماعات الإرهابية على قائمة لجنة عقوبات «داعش» و«القاعدة» فى إطار مجلس الأمن، وهو إجراء يستلزم وفقاً لقواعد عمل لجنة العقوبات إجماع آراء الدول أعضاء مجلس الأمن، الأمر الذى يخضع بالقطع لمواءمات واعتبارات سياسية قد تحول دون إدراج تنظيمات أو جماعات إرهابية، وذلك فى ضوء اختلاف آراء الدول أعضاء مجلس الأمن حول كونها إرهابية من عدمه. وإدراكاً من مصر لهذا الوضع، سعينا خلال عضويتنا فى مجلس الأمن عامَى 2016/2017، ولا نزال نسعى، إلى التأكيد بالأمم المتحدة على رؤية مصر بضرورة التصدى بشكل شامل للإرهاب، سواء بالتطرق إلى كل الأسباب المؤدية له أو بالتشديد على ضرورة التصدى للإرهاب أينما وُجد دون استثناء، مع احترام القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة. وفى هذا الإطار، تعكس المشاركات المصرية فى جميع اجتماعات الأمم المتحدة حول مكافحة الإرهاب جدية الدولة المصرية بجميع سلطاتها فى مجال مكافحة الإرهاب. وانعكس أيضاً حجم التأثير المصرى على مجريات الأمور فى موضوعات مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن فى حرص الدول أعضاء المجلس، وبشكل خاص دائمة العضوية، على إشراك مصر والتشاور معها بشكل مسبق قبل طرح أية مبادرات على المجلس فى مجالات مكافحة الإرهاب.
إضافة إلى ذلك، نجحت مصر بحكم ما لديها من خبرات طويلة فى مجال مكافحة الإرهاب فى طرح العديد من الموضوعات التى تعتبر أولوية بالنسبة لمصر ولغيرها من الدول بالأمم المتحدة. وفى إطار حرص مصر على طرح رؤيتها إزاء موضوعات مكافحة الإرهاب، تشدد بشكل مستمر فى إطار الأمم المتحدة على أهمية التركيز على متابعة تنفيذ الدول لقرارات الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب، وبالتالى فإنه يتعين إيلاء اهتمام كبير لمسألة تنفيذ تلك القرارات وقيام مجلس الأمن بكل ما يلزم لضمان امتثال الدول بها، وذلك لكى تؤتى تلك القرارات ثمارها والنتائج المتوقعة منها، حيث إنه ليس من المقبول فى الوقت الذى يقوم فيه مجلس الأمن ببناء الإطار القانونى لجهود مكافحة الإرهاب من خلال قراراته المتنوعة فى هذا المجال، تقوم حفنة من الدول بانتهاك تلك القرارات، إدراكاً منها أن مجلس الأمن لن يحاسبها على ذلك لأسباب سياسية، وغير ذلك من المصالح.
بصفة عامة، يمكن القول إن مصر نجحت فى طرح رؤيتها إزاء موضوعات تجنّب ومكافحة الإرهاب بقوة، وإن معظم دول العالم على دراية بأن مصر تعتبر فى طليعة الدول التى تعمل على التصدى للإرهاب، وإن الجهود المصرية فى ذلك الصدد تصب فى صالح المجتمع الدولى برمته، فالحرب التى تقوم بها الدولة المصرية فى سيناء ضد الإرهاب تصب بالقطع ليس فقط فى صالح دول المنطقة بل العالم بأجمعه.
نجحت مصر فى اعتماد قرار لمنع الاستغلال الجنسى فى عمليات حفظ السلام، ماذا يعنى ذلك من الناحيتين السياسية والدبلوماسية؟
- القرار المعنون «الاستغلال والانتهاك الجنسى: تنفيذ سياسة عدم التسامح» تم طرحه بمبادرة مصرية، واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتوافق، وهو الأمر الذى يعكس ثقة المجتمع الدولى فى المبادرة المصرية ودعمه الكبير لها، خاصة أن القرار يهدف فى الأساس إلى تجنّب ومنع الاستغلال الجنسى فى عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. ويمكن القول إن هذه المبادرة المصرية والجهود التى تقوم بها مصر فى ذلك الخصوص تنبع من حرصنا على ضرورة احترام القانون ومحاسبة المخطئين، والتأكيد على مدى التزام القوات المصرية المشاركة بقوات فى عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، خاصة مع كون مصر إحدى أكبر الدول المساهمة بقوات فى تلك العمليات على مستوى العالم، حيث يأتى ترتيبنا رقم 7 على مستوى العالم فى هذا الصدد.
كيف تتحرك مصر لمواجهة ازدواجية منظمات حقوق الإنسان التى تنتقد مصر وتتغافل عن دول أخرى؟
- تنادى مصر دوماً بضرورة أن تتأسس منظومة حقوق الإنسان الدولية على عدد من المبادئ الأساسية التى تشمل أهمية احترام مبادئ عدم التسييس وعدم الانتقائية والموضوعية فى سياق الحوار بين الحكومات، بحيث تتم معالجة كافة قضايا حقوق الإنسان بطريقة عادلة ومنصفة، والكف عن استخدام حقوق الإنسان كوسيلة للتدخل فى الشئون الداخلية للدول بصورة انتقائية، وضرورة الكف عن المساعى المستمرة لدى البعض لفرض أنماط محددة على باقى المجتمع الدولى لا تراعى الاختلافات الدينية والثقافية والاجتماعية التى تُشكل رصيد التنوع الحضارى الكفيل بتعزيز علاقات التعاون والتكامل، بدلاً من الصدام والمواجهة، وأهمية تبنّى مقاربة شاملة للتعامل مع موضوعات حقوق الإنسان بحيث يتم التركيز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحق فى التنمية جنباً إلى جنب مع الحقوق السياسية والمدنية، وأخيراً توفير الدعم الفنى للدول بهدف تعزيز وبناء قدراتها لمواجهة التحديات غير المسبوقة التى تواجهها. وتعكس جميع المبادرات المصرية التى نقوم بطرحها بالأمم المتحدة فى مجال حقوق الإنسان هذه المبادئ.
وهل سيكون لـ«الدوحة وأنقرة» ودعمهما للإرهاب حضور على الأجندة المصرية ولو بشكل غير رسمى؟
- بلا شك ستكون موضوعات مكافحة الإرهاب، بما فى ذلك الدعوة إلى وقف دعم وتمويل الإرهاب وإمداده بالسلاح، ووقف التحريض عليه، ومنع توفير الملاذ الآمن للإرهابيين ضمن الأولويات المصرية خلال المشاركة فى أعمال الجمعية العامة. وبالطبع تتضمن أجندة كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن موضوع مكافحة الإرهاب، أخذاً فى الاعتبار أن الأمم المتحدة تولى هذا الموضوع اهتماماً كبيراً.