هيكل: قيادي إخواني هاجم ناصر أمام مانديلا.. فقال لي الزعيم الإفريقي "لماذا سمحتم بذلك؟"
قال الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، في حواره مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج "مصر أين وإلى أين؟"، إن الدكتور مأمون سلامة وهو يخطب أثناء زيارة مانديلا رحب به وهو يتحدث كإخواني، وقال إنه من حسن الحظ أنه جاء لمصر بعد سقوط عصر الطغيان، وتقريبا شتم عبد الناصر وهاجم نظامه، ثم قابلت مانديلا بعد الظهر في أحد الفنادق فقال لي "يبدو أن مصر تغيرت وأنا لا أعرف" وقال لي "لماذا سمحتم بهذا؟ ألم يكن رصيد عبد الناصر في إفريقيا كافيا. نحن علمنا مصر في هذا الوقت هل يمكن أن يقوم بلد بكسر أصوله الإستراتيجية بهذه الطريقة؟".
* هل قابلت مانديلا قبل ذلك؟
ـ قابلته عندما زار القاهرة وأنا أعتقد أنه كان أسبوع مانديلا بامتياز أقصد الأسبوع الماضي حضرته في القاهرة، لكن الذي كان يعرفه الأستاذ محمد فايق لفت نظري عندما زار مصر أن بطرس غالي أقام له احتفالا كبيرا في جامعة القاهرة، وقد قصد أن يكون الاحتفال كبيرا لكن بطرس غالي عندما دخل القاعة الكبرى بالجامعة لاحظ أن العدد قليل جدا ليس هناك كفاية عنه ومعلومات ولا ما يليق بالاحتفال وشاهدته خرج إلى بهو القاعة وحاول أن يأتي بطلبة من كلية الاقتصاد ليحضروا ذلك، لكن حدث شيء مأساوي، أن مانديلا دخل وكان من المفترض أن يتحدث أمامه الدكتور مأمون سلامة رئيس الجامعة في هذا الوقت، وهو إخواني وهذا لا يضيره، فبدأ مانديلا يتكلم وهو كان موجودا في مصر في قديم الزمان سنة 1964 وساعدناه وساعدنا الحركة وعملنا له المستحيل، ولم يستطع أن يقابل عبد الناصر وقتها وقيل له سنحدد لك موعدا بعد أربعة أشهر لأن الرئيس وقتها مشغول بمؤتمر، فعاد بعد غياب يزيد عن الثلاثين عاما للقاهرة وبدأ خطابه قائلا أنا قادم لموعد تأخر عن توقيته خمسة وثلاثين عاما. الدكتور مأمون سلامة وهو يخطب رحب به وهو يتحدث كإخواني يقول إنه من حسن الحظ أنه جاء لمصر بعد سقوط عصر الطغيان وتقريبا شتم عبد الناصر وهاجم نظامه أنا كنت مذهول والدكتور بطرس غالي شعر بأن ثمة شيء خاطئ في الإيقاع، ثم قابلته بعد الظهر في أحد الفنادق قال لي "يبدو أن مصر تغيرت وأنا لا أعرف" وقال لي لماذا سمحتم بهذا؟ ألم يكن رصيد عبد الناصر في إفريقيا كافيا. نحن علمنا مصر في هذا الوقت هل يمكن أن يقوم بلد بكسر أصوله الاستراتيجية بهذه الطريقة؟ ولم أملك أن أقول شيئا والحقيقة أن بطرس غالي أنقذ الموقف عندما استدعاه لمنحه وساما، ولكن مبارك لم يكن مقتنعا أن مانديلا ليس له قيمة أنا أعتقد أن مانديلا شخص له قيمة كبيرة جدا ويتحدثون عنه إعلاميا كثيرا دون أن ندرك ماذا فعل مانديلا؟ استطاع في سجنه أن يعيد التفكير والتقييم قبل أن يدخل السجن كان شعاره إفريقيا للأفارقة وبعدما خرج كان شعاره إفريقيا لكل من يعيش على أرضها لأنه أدرك خطر التمييز العنصري وأنا أعرف مؤرخه الرسمي أتنتوني سامسونج وهو أقرب الأشخاص له في الغرب رئيس تحرير قال إن المشكلة أن البلد كان بها 55 مليون نسمة وأن بها نحو 15 مليون نسمة من الملونين أو البيض، ويرى أن هؤلاء البيض ليسوا من دولة واحدة بل وافدين عندما اكتشف طريق رأس الرجاء الصالح وأصبحت هناك محطة في كيب تاون مهمة جدا وهؤلاء وافدين من هولندا وإنجلترا وألمانيا وفرنسا وامتزجت هذه العناصر نشأ عنصر الأفيركانا كيف يمكن اني خرج هؤلاء؟ أنهم ليسوا مستعمرين مثل الجزائر.
* هنا قرر مانديلا أن يقبل الآخر؟
قرر قبول الآخر لكن المصيبة هنا في جنوب إفريقيا وأن المبالغة في الاحتفال بوفاته وهو شخص يستحق التكريم حتى انتقدتها صحف في إنجلترا وألقوا باللوم على "بي بي سي" لأنها أرسلت 84 مراسلا لماذا يفعلون ذلك لأنهم خائفون حيث إن جزءا من الاتفاق للكل من يعيش على أرضها لا يقترب من الثورة، فالسود انتزعوا السلطة لكن بقيت الثروة مع البيض، وقد يظهر لنا في أحد مؤتمرات عدم الانحياز قبل الأخير عندما عاتب مندوب جنوب إفريقيا الهنود، كيف تنتجون قنبلة نووية وآسيا وإفريقيا ضد هذا، فإذ بمندوب الهند يرد ويقول شيئا مهما جداً، وهي لها هناك جالية 3.2 مليون نسمة وعلى اتصال بهم، فقال له مندوب الهند أنتم لم تنزعوا السلاح لأنهم كانوا قد وصلوا إلى قنبلة نووية بالتعاون مع إسرائيل ثم قبل اتفاقات الوحدة قالوا إنهم كسروا كل الأسلحة، ولكن وفقا للمعلومات المتاحة ولكلمة مندوب الهند، فإن الشركات الكبرى هناك على سبيل المثال أنجلو أمريكان ميتالز تملكها عائلة أوبن هايمر، وتملك أراضي زراعية بمساحات دول، وهناك شك أن هذه الشركات تملك بعض الأسلحة وإسرائيل كانت مهتمة بهذا الأمر.
* لماذا لم تشارك مصر في الجنازة؟
* مصر أنا مقدر بسبب العزلة التي حدثت لها لم تشارك مع إفريقيا وأسأنا التصرف هناك ونزلنا مع قوات السفاري وجعلنا جل همومنا مع الأمريكان وبعض القادة في جنوب إفريقيا زوما وغيره انتقدوا ما حدث في مصر. أنا اقترحت فور وفاة مانديلا أن يذهب الرئيس عدلي منصور بنفسه ترددوا وخشوا ألا يعامل على المستوى اللائق في الرئاسة وجدوا حلا لا بأس به، فعلموا أن محمد فائق موجود هناك حيث كان موجودا في لجنة الحكماء وعندما هاتفته يبدو أن أحدا لم يخبره وهذا حدث ذات مرة في بداية رئاسة بوش الابن أراد أن يعزم رؤساء اللجان في الكونجرس وزوجاتهم واعتمد أن مكتب زوجته لورا بوش ستقوم بالدعوة وهي اعتمدت على العكس وقامت المأدبة ولم يأت أحد وعندما سألت وأنا تحدثت معهم في الجنازة وقلت لهم إذا أبلغوا فقيل لي إنه أبلغ لأن السفير استقبله في المطار لكن الواقع أنه استقبله كنائب لحقوق الإنسان فاكتفى بالإعلان الرسمي.