استاند صور قديمة فى شارع الصاغة.. «التاريخ زى الدهب»
«شارع الصاغة» كثيرون يذهبون ويجيئون عليه، منهم من يشترون، ومنهم من يبيع، وكثيرون يمتعون أعينهم بالفرجة على واجهات المحلات التى تعرض أشكال الذهب وتشكيلاته، انشغالهم بالذهب المتلألئ فى الفاترينات يجعلهم لا يلقون بالاً لـ«استاند الصور» الذى يشغل الجانب الأيمن من الشارع المزدحم.
زفاف الملك فاروق الأول والثانى، مصطفى باشا النحاس فى إحدى المناسبات العائلية، افتتاح قناة السويس بحضور الخديو إسماعيل والإمبراطورة أوجينى، كروت تحمل صوراً لمشاهد أوروبية وتحمل حكايات على ظهرها ممهورة بتاريخ مدون يعود إلى عام 1922 بإمضاء السير وينجتون، ذلك الكنز الذى لا يعرف كثير من المارين بالشارع قيمته يرابض على بابه ليحميه من عبث الأيادى المتطفلة رجل خمسينى يشبه أسد قصر النيل الذى صمم ليحمى النيل العظيم ويثير الخوف فى نفوس العابثين به، ذلك هو «حسام النشائى» صاحب محل الصور القديمة والأنتيكات.
إذا قررت أن تترك المشغولات الذهبية وأن تمتع بصرك بقراءة التاريخ عبر صوره، فاحذر أن تجد يدك قد امتدت لاستاند الصور فتجد صوته العالى يفاجئك «بالراحة شوية يا أستاذ على الصورة.. تحب ابنك حد يمسكه كده» تظل طويلاً تحاول أن تقنعه بأنك لم تفعل شيئاً يضر بالصورة ولكنه يؤكد بصوت أهدأ قليلاً هذه المرة «أصل الصور دى تاريخ.. ورقها قديم ما يستحملش».
تاريخ طويل تحمله تلك الصور؛ بعضه لأشخاص نعرفهم وبعضه الآخر لأشخاص وأماكن لا نعرفها «مش المهم مين فى الصورة.. المهم قيمتها»، القيمة التى يقصدها حسام النشائى ترجع إلى تاريخ الصورة ومكانها الذى لم يعد موجوداً أو تغير حاله بفعل التطور وكذلك مَن صوّر الصورة فقد تجد صورة لطفل فتسأله «من هذا».. فيجيبك «ما اعرفوش بس شوف ظهر الصورة هتلاقيه أشهر استوديو فى مصر فى العشرينات».
«الصور دى ثروة للى يقدرها» بضاعته التى يحصل عليها من مزادات خاصة «كانت بتجيب دهب قبل الثورة «100 دولار كان يبيع بها الصورة الواحدة ليس للمصريين بالطبع فنادراً ما يقدر المصريين قيمة التاريخ - حسب رأى «الوريث».
«الوريث» هو اللقب الذى لقبه إياه جده فهو ابن بنته التى أحبت رجلاً فقيراً وابتعدت عن أموال أبيها ولكن الجد صاحب المهنة الأصلى قرر أن يكون ولدها وريث مهنته التى عشقها وجعلته «مليونيراً».