فى عام ٢٠١٤ أصدر حزب التجمع بياناً طالب من خلاله وزير الدفاع (وقتئذ) المشير عبدالفتاح السيسى بالاستجابة إلى المطالب الشعبية الجامحة بضرورة ترشحه للانتخابات الرئاسية، وبصفتى أميناً للإعلام بالحزب، أجبت عن سؤال لجريدة «الأهرام» حول الانتقادات التى وجهتها بعض أحزاب وقوى اليسار لـ«التجمع»، الذى قدم شيكاً على بياض للسيسى الذى لم يعلن وقتها عن برنامجه الانتخابى كما هو معتاد، وأشرت إلى الأسباب التى دفعت التجمع لهذا الموقف وهى: أولاً أننا نرد جزءاً من الجميل للرجل الذى غامر بحياته وانحاز كقائد عام للجيش لثورة ٣٠ يونية، فى مواجهة حكم الجماعة الإرهابية، وثانياً أن لدينا ثقة كاملة فى وطنية السيسى، ونثق فى قيامه ببذل أقصى جهد ممكن للعبور بالبلاد من المأزق السياسى والاقتصادى الذى كانت تعيشه وقتها، وثالثاً لا يوجد على الساحة من بين المرشحين المحتملين من نراه أقدر من السيسى على تولى المهمة، والآن وبعد ما يقرب من خمس سنوات من تولى الرئيس السيسى المسئولية، أؤكد أن قرار «التجمع» كان صائباً، وما زال عند موقفه المؤيد للرئيس بشكل عام، فى الوقت الذى يعارض فيه بعض السياسات الاقتصادية التى يتحمل أعباءها بشكل غير مسبوق الطبقتان الفقيرة والوسطى (بشرائحهما المختلفة)، وفى كل الأحوال نستطيع مواجهة من ينتقدون موقفنا لولا غصة فى القلب سببها تفاقم أزمة الدين العام الذى وصل فى نهاية يونيو ٢٠١٨ إلى ٩٢٫٦ مليار دولار، وفقاً لما كشفه البنك المركزى، وما صرح به مؤخراً رئيس الوزراء، كما ارتفع حجم الدين الداخلى إلى نحو ٣٫٦٩٥ تريليون جنيه فى نهاية شهر يونيو الماضى.
ووفقاً لتلك الأرقام (الكارثية)، سيصل ما ستدفعه الدولة فى موازنة العام المالى (٢٠١٨-٢٠١٩) كفوائد عن الديون إلى ٥٤١ ملياراً ٣٠٥ ملايين جنيه، وهو ما يمثل نسبة ٣٨% من إجمالى المصروفات التى ستنفقها الدولة طوال العام المالى التى تقدر بنحو ١ تريليون و٤٢٤ مليار جنيه.
هذه المديونية المتصاعدة وتكلفة خدمتها تلعب دوراً رئيسياً فى استمرار عجز الموازنة وتفاقمه عاماً بعد آخر، خاصة أن الحكومة تضطر لتمويل هذا العجز بمزيد من الديون، وهكذا أصبحنا ندور فى حلقة مفرغة.
أعرف تماماً وأقدر الظروف التى أدت بنا إلى هذا الموقف السيئ بارتفاع الدين العام إلى خمسة أمثاله منذ ٢٥ يناير ٢٠١١، ولكن إلى متى سنستمر هكذا؟ وهل سنملك حتى القدرة على الاستمرار على هذا النهج؟
هذا الملف الخطير فرض نفسه على مجلس النواب، وأعرب عدد من النواب أعضاء لجنة الخطة والموازنة بالمجلس عن تخوفهم من التوسع فى سياسة الاقتراض الخارجى، وأثر تلك السياسات على الاقتصاد المصرى وما قد تُمثله من أعباء على الأجيال المقبلة، وطالبوا وزارة المالية بموافاة اللجنة بحجم الدين العام الداخلى والخارجى والمدة الزمنية المتوقعة لسداد الأقساط.
وحسناً ما فعله الرئيس السيسى مؤخراً بتكليفه لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى بوضع خطة للتعامل مع ملف الدين العام والعمل على خفضه عبر جدول زمنى واضح، واستبشرت خيراً بتلك الخطوة لولا تصريحات الدكتور محمد معيط التى أعقبت التكليف الرئاسى للحكومة والتى جاءت مطابقة حرفياً لتصريحات وزراء المالية السابقين من الدكتور هانى قدرى عام ٢٠١٤ إلى عمرو الجارحى الذى خلفه «معيط» مؤخراً فى منصبه، ولم تخرج تلك التصريحات عن استهداف الحكومة خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى، وهو ما لم يتحقق بدليل الارتفاع المستمر للدين.
ولأننى سيئ الظن بالحكومة، فهل لى أن أناشد الرئيس ليطمئننا بنفسه إن كان مطمئناً، أو يعلن علينا إجراءات مواجهة هذه الأزمة التى تؤرقنا جميعاً وفى موروثنا الشعبى نعتبرها همّاً بالليل ومذلة بالنهار.
ملحوظة: عزيزى القارئ وقت قراءة المقال (عشر دقائق تقريباً) دفعنا فيه ١١ مليون جنيه تقريباً للدائنين.. آه والله.