لا شك أن الفرانكفونية هى استعمار جديد مُقنّع يتظاهر بالثقافة ويدعو بعض المثقفين الأفارقة فى مؤتمر كل عامين، بينما أهدافه السياسية تجعله ينهل كل يوم من خيرات القارة السمراء، وعندما شعرت أوروبا بأنها تسير فى طريق الإفلاس، وأن المواد الأولية التى سرقتها من أفريقيا فى زمن الاستعمار القديم قد أوشكت على الانتهاء بدأت التفكير فى العودة إلى القارة البكر، حيث لم ينضب المعين بعد، واتّجهت إلى ذراعها الفرانكفونية، والحديث الممل عن الاستثمار فيها، إلى معاودة النهب، لعل أوروبا ينتصب عودها مرة أخرى.
وفى السنوات الماضية، سعت إلى تجنيد أهل الفكر والأدب والثقافة والسياسة من أبناء هذه القارة التعساء، لتمجيد الرجل الأبيض مرة أخرى.
منظمة الفرانكفونية ستكون الجسر الذى تعبر عليه أوروبا إلى القارة السمراء بحديث حلو منها عن الثقافة والأدب، لتسرق المواد الأولية وكنوز أفريقيا وثرواتها المعدنية، ولا يهم أن ينضب المعين، المهم أن تقوى أوروبا كما كانت وتجرى فى عروقها الخيرات الغنية للقارة السمراء.
والحق أن هذه منظمة الاستعمار الجديد، أقصد الفرانكفونية قد سعت لتقوية نفسها، فأفسحت الطريق أمام وكالات دولية عديدة لتحمل عضويتها، مثل: الوكالة الدولية الحكومية للفرانكفونية والوكالة الجامعية للفرانكفونية، وتشمل أكثر من 400 مؤسسة جامعية، ومدارس كبيرة ومعامل ومراكز أبحاث، ثم جامعة سنجور بالإسكندرية والجمعية الدولية لرؤساء البلديات فى البلدان الفرانكفونية، وقناة التليفزيون الدولية للفرانكفونية «t.v5» الموجهة لأكثر من 300 مليون مشاهد فرانكفونى، إلى جانب الجمعية البرلمانية للفرانكفونية.
باختصار، لقد كشفت منظمة الفرانكفونية عن وجهها السياسى القبيح، وتحدثت عن قضايا تهم العرب، مثل القدس وعملية السلام وعقدت اتفاقيات مع جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى، لكنها ستبقى أداة الاستعمار الجديد الذى يريد أن تذوب القارة السمراء، وتجرى فى عروق القارة العجوز أوروبا، لتقوى الثانية ولا يهم أن تبقى القارة الأولى مجرد أشباح وسكانها عبيد الرجل الأبيض، الذى ينعم بخيرات الجنوب، لكن فى دول الشمال.