ذكرى "تنحي مبارك": دائرة مفرغة من الصراعات.. والرضوخ في النهاية لـ"الحكم العسكري"
اليوم.. الذكرى الثالثة لتنحي مبارك، تغيّر المشهد السياسي والخريطة السياسية بأكملها.. تجددت الشعارات والهتافات.. تغيّرت المطالب في كل ذكرى احتفل به المصريون، حتى القوى السياسية اختلفت مواقفها، في وقت وقفت الحركات والجبهات السياسية كتفًا بكتف مع الثوار، وقف شباب الثورة ضدها في عام آخر من ذكراها.
فتيل مختلف أشعل احتجاجات الأعوام الثلاثة الماضية، "خالد سعيد" أيقونة خلع مبارك في عام 2011، و"ست البنات" في المرحلة الانتقالية في ظل حكم المجلس العسكري في 2012، و"محمد الجندي" في عهد الإخوان وحكم مرسي العام الماضي.
اختلفت مشاعر المصريين في كل ذكرى، بين الفرحة والنشوة بتولي المجلس العسكري للحكم بعد ثورة 25 يناير، وكان الشعار الذي تردد في كل الميادين، "الشعب والجيش إيد واحدة"، وامتلأت الصفحات والمواقع الإلكترونية بالصور التي تجمع بيننا وبين جنود وضباط الجيش، ليتبدّل الحال ويخرجوا ضدهم في ذكرى العام الذي يليه، ثم يقفوا ضد الإخوان في عام 2013، ليعودوا لنفس الدائرة المفرغة التي يعيشونها، ويطالبون مرة أخرى بـ"حكم العسكر".
وسط كل ذلك من مشاعر "متخبطة" ومواقف متباينة ورضوخ للحكم العسكري في النهاية، هناك شيء واحد متفق عليه، هو أن هناك شبابًا تمت إراقة دمائهم، ليدفعوا ثمن حريتهم وتحقيق مطالبهم، وهو "عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية".
كل كلمة تضمّنها بيان عمر سليمان يوم الإعلان عن تنحي مبارك، محفور بذاكرة المصريين في عام 2011، الذي أعلن فيه تنحي مبارك بعد استبداد وفساد 30 عامًا، ويتولى المجلس العسكري الحكم في فترة انتقالية.
"العصيان المدني" في ذكرى تنحي 2012، دعوة أطلقها النشطاء واستجاب لها البعض من القوى السياسية، لتفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية، والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية، بينما لاقت رفضًا شديدًا من جانب التيارات والأحزاب الإسلامية.
أما عن ذكرى 2013، فكان بمثابة تطوّر جديد، ففي الوقت الذي نزل فيه الإخوان الميدان في ثورة 25 يناير، أحيت القوى الثورية ذكرى تنحي مبارك في الذكرى الثانية، بمظاهرات منددة ضد مرسي وحكم الإخوان، وبالفعل تم تنظيم مظاهرات ومسيرات للتنديد بنظام حكم الرئيس مرسي واستمرار الانتهاكات وعدم تحقيق أهداف الثورة.
بينما في ذكرى 2014، تنقلب الخريطة السياسية "رأسًا على عقب" ضد الإخوان، ويواجه مرسي نفس مصير مبارك، لينتقل من دار السلطة لدار المحاكمة في أكاديمية الشرطة، ومواجهة حزمة من التهم عليه إثبات براءته منها، وفي تلك الذكرى يصمت الشعب في انتظار "حكم عسكري جديد"، ويدعو التحالف الوطني لدعم الشرعية، أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الاحتشاد، في إطار ما أسماه "الشعب يكمل ثورته"، تزامنًا مع ذكرى تنحي الرئيس الأسبق.