لم يلتفت أحد من الإعلام الدولى أو من المنظمات الحقوقية، إلى سلسلة الإفراجات عن المحكومين التى حصلت خلال الأشهر الأخيرة، وهى مهمة جداً فى دلالاتها ومعانيها، لأنها اشتملت على سياسيين مدانيين ومحكومين، وجنائيين متهمين فى قضايا عنف سياسى.
تلك الإجراءات تجاوزت المحكومين المُخلى سبيلهم بقرار رئاسى وفقاً للقانون، إلى شخصيات متّهمة بمخالفات وجرائم جنائية، لكنها ذات طابع سياسى، وجاء إخلاء سبيل هؤلاء المتهمين أيضاً ليُعطى مؤشراً ودلالات على أمور ما كان يجب تجاهلها.
يقينى أن كل وسائل الإعلام والمنظمات المسماة بالحقوقية الدولية، تلقت معلومات كاملة ووافية عن عمليات الإفراج عن المحكومين، أو إخلاء سبيل متهمين مُحتجزين على ذمة قضايا متنوعة، وهم من السياسيين المُنتهكين للقانون، وينتظرون المحاكمة.
وظنى أن تجاهل هذه الجماعات لهذه الخطوات، جاء متعمّداً ومقصوداً، لأن الإشارة إليه والإعلان عنه، يمثلان خطوة معاكسة ومضادة لأجواء يحاول هؤلاء إثارتها فى العالم أجمع عما يسمونه انتهاك النظام المصرى للقانون، والحقيقة أنه ينفذ القانون على منتهكى القانون ومخالفيه.
مشكلة الكثير من أدوات الإعلام الدولية، أو المنظمات الحقوقية، أنها وضعت نفسها فى نطاق لا تستطيع مغادرته، وتحولت إلى أدوات يستخدمها البعض من وراء الستار لتحقيق أغراض سياسية، أو لتمرير مصالح فى مناطق مختلفة من العالم، ولذلك هى لا تستطيع تناول أو التعليق على أحداث تمثل مساراً مضاداً لسياساتهم، وإجهاضاً لما يحاولون تمريره من وقائع غير صحيحة.
القصة وما فيها أن هذه الأدوات الإعلامية والحقوقية على حد سواء، تعتبر أن تطبيق القانون على أنصار الغرب، ومن يطلقون على أنفسهم الليبراليين، بمثابة انتهاك للقانون وعدوان على الحقوق، ولا يلتفتون إلى ما يرتكبه أنصارهم من انتهاكات فى المقابل للقانون، وهم فى الوقت ذاته لا يعتبرون الإفراج عن هؤلاء المخالفين بمثابة إجراء يزيل العقوبات المقيدة للحرية.
هم ينظرون لنا بعين واحدة، وهى ما يعتقدونه هم، ويرفضون النظر برؤية كاملة من كل النواحى، ويقيمون ما يجرى فى بلادنا برؤية أحادية، ترتبط فيها المبادئ بأنصارهم فقط، أما إذا امتدت الإجراءات ذاتها لآخرين معارضين لهذه الدول الغربية، فإنهم يتعمّدون عدم الالتفات لها، وتجاهلها، باعتبارها لا تمثل مصلحة أو قيمة لهم. هذا ملف سيظل مُعلقاً بينهم وبيننا، يستخدمونه وقتما يشاءون، ويتجاهلونه وقتما يرغبون، معتقدين أنهم قادرون على تغيير مسار سياساتنا لتحقق أغراضهم، ورغم فشلهم فى هذا المجال، إلا أنهم ما زالوا يحاولون.