حكومات مصر بدون مواد حافظة.. والصلاحية أقل من سنة
تقوم الثورة، ولا تهدأ قبل أن تتغير الحكومة.. بضعة أشهر وتتغير مرة أخرى اعتراضاً على أدائها، الذى لم يرض الشعب.. أشهر قليلة وتتغير مرة ثالثة ورابعة وخامسة، فما إن يلبث رئيس الوزراء وأعضاؤه فى الجلوس على كراسيهم، حتى يعودوا إلى منازلهم، ويأتى آخرون لاستكمال المسيرة.
لم تستمر حكومة منذ الثورة وحتى الآن أكثر من سنة واحدة، أكثرها استمراراً حكومة هشام قنديل، التى استمرت 12 شهراً، فمع بداية اشتعال ثورة يناير، احتمى أحمد شفيق بأركان وزارته، وظل يدافع عن موقف الدولة تجاه «موقعة الجمل»، مما تسبب فى إقالته، ليتولى عصام شرف المهمة، مُقسماً على ولائه للشعب فى ميدان التحرير حتى يستمد شرعيته، 8 أشهر كانت كافية بالنسبة له، سُفكت دماء الكثيرين فى موقعتى «ماسبيرو»، و«محمد محمود 1»، يقولون فى الحديث الشريف: «لا يُلدغ مؤمن من جُحر مرتين»، إلا أن كمال الجنزورى لم يتعظ، وحدثت فى عهده أحداث مجلس الوزراء ومجزرة استاد بورسعيد، ليقدم استقالته يوم 25 يونيو، فيما أتى هشام قنديل على مضض، مستغلاً رئيس أهله وعشيرته، لتتم عملية أخونة مؤسسات الدولة، فى الوقت الذى كان الحد الأقصى والأدنى الذى وعد بتطبيقهما حازم الببلاوى، القشة التى قصمت ظهر وزارته.
«الحكومات المقالة أو التى قدمت استقالتها لا تمتلك عصا سحرية»، كلمات تؤكد عليها د. نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، مشيرة إلى ضرورة استيعاب المواطن أن الأمر ليس سهلاً لحل جميع المشاكل الفئوية، وتُحلل «بكر» ظاهرة عدم تمسك رؤساء الوزارات بأماكن عملهم إلى الخوف الزائد من تصاعد وتيرة الاحتجاجات ضدهم حتى تصل إلى حد الاغتيال، موضحة أن هناك بعض الشبهات على حكومة إبراهيم محلب كونها استنساخاً لتجربة الحزب الوطنى المُنحل، معربة عن أملها تأجيل هذه الخطوة لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، فعدم وجود رئيس مصرى يستقر عليه الجميع، من الأسباب التى تؤدى إلى إقالة الحكومات بشكل مستمر، على حد قول «بكر».
فترة محاسبة الحكومة تتوقف على مدى خططها التنموية والاقتصادية، هذا ما يؤكده د. على ضرغام -أستاذ العلوم السياسية بإحدى جامعات باريس- مُرجعاً التخبط فى إقالة أو استقالة الحكومات إلى الغضب الشعبى أكثر منه إلى الخطط التى تلتزم بتنفيذها، مضيفاً: «كل حكومة بتقولك هننمى سيناء.. زى كمال الجنزورى ما قال إنه هيربط سيناء بخط سكة حديد.. لكن لم يتم أى شىء بسبب إقالة حكومته».