دور الحضانة غير المرخصة.. داء يطارد أطفال المناطق الشعبية.. والأهالي: نطالب بتشديد الرقابة
هلال
يعانى عدد من أولياء الأمور بسبب تدنى مستوى الخدمات التعليمية المقدمة فى الحضانات غير المرخصة الموجودة بالأماكن الشعبية، التى تسبب أزمة كبيرة فى تخريج آلاف من الأطفال بدون وعى حقيقى، ما يؤدى إلى حدوث مشكلات عديدة لديهم فى تلقى العلوم المتنوعة فى مراحل التعليم المختلفة، معتبرين أنها تمثل داءً لا بد من التصدى له حتى لا يتحول إلى «ظاهرة سلبية»، مشيرين إلى أنهم يضطرون إلى إلحاق أطفالهم بها لقلة المصروفات ووجودها فى نطاقهم السكنى، ولكن تلك المميزات لا تقارن بحجم الضرر على صغارهم، مطالبين بالرقابة عليها.
"منى": "ابنى جاله مرض جلدى بسبب التكدس"
جاء إليها طفلها الصغير يشكو من ألم فى مؤخرة الرأس، ورغبة ملحة فى حك رأسه بأظافره، لم يدر ببال منى خالد، 36 سنة، ربة منزل من حلوان، أن للحضانة التى يذهب إليها صغيرها يومياً دوراً فيما أصابه، وبعد محاولات عديدة أدركت الثلاثينية أنها بالفعل سبب أساسى، حيث إن الطفل قد أصابه مرض جلدى نتيجة وجود عدوى فى الحضانة انتقلت إلى طفلها، ولم تظهر أعراضه عليه إلا بعد انقضاء فترة حضانة المرض: «ما بقتش عارفة أعمل إيه ولا أروح لمين، لفيت على دكاتره كتير، ومكنش حد عارف يشخص المرض، اللى يقول لى دى «تينيا»، ولا يقولى دى عدوى مجهولة المصدر وبتسبب سقوط الشعر من الأماكن المصابة»، تطاير شعر الصغير من الأجزاء المصابة، أصبح لا يطيق الذهاب إلى الحضانة حيث إن زملاءه أصبحوا يطلقون عليه لقب «الأقرع».
تقول الأم المكلومة إنها لم تعرف أن من شروط الحضانات المعتمدة وجود رقابة صحية عليها: «لما ودّيته حضانة جنبنا قلت علشان أبقى مطمنة عليه، جنبى، مجاش فى بالى إنه ممكن يجيله مرض بسبب الحضانة، وبعد اللى حصل وديته حضانة مرخصة»، بعد فترة طويلة من العلاج باستخدام بعض العقاقير الطبية، استجاب الطفل للعلاج ونبت الشعر مرة أخرى، ولكن ترك للأسرة درساً قاسياً فحواه «لا تترك طفلك لمن لا رقابة عليه»، هكذا لخصت «منى» كل ما حدث لصغيرها.
يقول إبراهيم رياض، 63 سنة، موظف، من بولاق، إنه «تعود على إلحاق أحفاده بحضانة قريبة من المنزل، حتى يكونوا قريبين منه، ولكنه يشكو من سوء النظافة وتكدس الطلاب»، مضيفاً: «النهارده مبقاش فيه حد بيدور على رخصة، اللى معاه قرشين بيفتح حضانة فى عمارة وخلاص وده بيسبب مشاكل كتير، بس هنعمل إيه، مفيش حل تانى».
يؤكد «إبراهيم» أنها أزمة كبيرة، خاصة فى الأماكن الشعبية، حيث إن الجميع لا يهتم بمواصفات لا بد من توافرها فى الحضانات ولكنهم يهتمون فقط بقربها منهم: «أنا واحد من الناس بهتم بس بقرب الحضانة منى، لكن لو لقيت حضانة مرخصة وبفلوس معقولة مش هتردد أقدم لأحفادى فيها».
اختلفت قصة جابر زكى، 32 سنة، من كفر الشيخ، كثيراً حيث إنه واجه مشكلة عدم وجود مساحة لطفله يلهو بها، مشيراً إلى أن الحضانة تخصص مكاناً صغيراً أمامها مواجهاً للسيارات وتضع به بعض الألعاب التى لا تتناسب مع سن الأطفال: «قدمت لابنى فى حضانة فى بلدنا، مكنش فيه حوش يلعبوا فيه، وصاحب الحضانة كان عامل مساحة كده واخدها من الطريق، وحاطط فيه كام مرجيحة»، تعرض الطفل لكسر فى الذراع بعدما سقط من على «المرجيحة» ليقرر بعدها ولى الأمر نقله إلى حضانة مرخصة ومؤمّنة.
يؤكد «جابر» أنه «لا بد من إعادة النظر فى تلك الحضانات والعمل على إيجاد قانون ملزم لهؤلاء حتى لا يعرضوا حياة الأطفال للخطر»، متابعاً: «معظم اللى شغالين فى الحضانات دى، غير مؤهلين لتعليم الأطفال، وده بينعكس بعد كده على مستوى الطفل فى المراحل الأساسية، وبدل ما تكون الحضانة للتأهيل والتدريب بتكون عائق لعملية التعلم، لكن نقدر نقول إنها شر لا بد منه مؤقتاً حتى يلتزم هؤلاء بقوانين ملزمة والحصول على تراخيص قبل فتح الحضانة».
أمين "ائتلاف حقوق الطفل": "لا بد من تفعيل دور اللجان المختصة.. وإغلاق المخالفة حفاظاً على سلامة الصغار"
يقول هانى هلال، أمين الائتلاف المصرى لحقوق الطفل، إن «هناك مشكلة كبيرة فى مصر تسمى بحضانات بير السلم، حيث إن عدداً من راغبى الثراء يخصصون شقة فى عمارة سكنية بدون الحصول على تراخيص، ومن ثم يمارسون دورهم المزعوم فى تعليم الصغار أسس الاستذكار، وهم غير مؤهلين للتعامل مع الأطفال فى تلك السن الصغيرة»، موضحاً أن «القانون نص على ضرورة توفير حضانات تابعة لقانون العمل فى حالة وجود 50 سيدة عاملة فى أحد المصانع، أو 50 سيدة فى مجموعة من المصانع فى نفس الحيز الجغرافى، ولكن لم يطبق هذا القانون فى كثير من الأماكن ما أدى إلى قبول أولياء الأمور بوجود حضانات غير معترف بها، كى يخففوا من الضغط عليهم».
ويشير «هلال» إلى أن تلك الحضانات غير مستوفاة للشروط الواجب توافرها فى الحضانات الصحية، حيث يأتى على رأسها توفير مساحات كبيرة تخصص للأنشطة وهذا لا يتوافق مع الشقق التى يتخذها البعض مقراً للحضانات، كما لا توجد أيضاً فتحات تهوية، ما يعرض الأطفال إلى انتقال العدوى بينهم بشكل سريع، ومع عدم وجود طبيب يشرف على الأطفال تزداد سرعة انتشار المرض بينهم.
ويطالب بضرورة تطبيق القانون بتفعيل لجان حماية الطفل الفرعية الموجودة فى كل حى بقوة قانون الطفل، والذى نظم وجود لجنة فرعية برئاسة الحى وعضوية الإدارات المعنية، إلى جانب تفعيل دور هذه اللجان فى رصد الحضانات المخالفة، وأماكنها وسرعة إغلاقها.