رسالة بضرورة عودة الحياة.. لماذا يخرق الزعماء إجراءات الوقاية من كورونا؟
الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو
الكمامة، باتت جزء لا ينفصل من حياة الملايين بالعالم، بعد تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، والتي تطالب بها جميع وزارات الصحة بمختلف الدول وعلى رأسهم المنظمة العالمية أيضا، إلا أنه رغم ذلك خرج بعض قادة البلدان مخالفين لتلك القواعد الوقائية.
الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، هو آخر القادة الذين أثاروا الجدل بسبب الكمامة، فبعد عدم ارتدائه لها في عدة مناسبات وسخريته من الفيروس أصيب به، قبل أن يعلن بداية تعافيه منذ ساعات، بعدما تلقى عقارا، لم تثبت فعاليته بعد لعلاج أعراضه الخفيفة، حيث قال بولسونارو، إنه يشعر بالفعل بتحسن، عقب تناوله ما وصفه بالجرعة الثالثة من عقار هيدروكسي كلوروكين، على غرار نظيره الأمريكي دونالد ترامب، الذي روج له كعلاج محتمل.
وفي تصرف أثار جدل ضخم، خلع بولسونارو كمامته، أمام الصحفيين، مع عدم مراعاة المسافة الاجتماعية ليثبت أنه في حالة جيدة، لتسارع نقابة الصحفيين البرازيليين بإعلان نيتها مقاضاة الرئيس لتعريضه الصحفيين لخطر عدوى فيروس كورونا المستجد خلال مؤتمر صحفي، مشيرة في بيانه أن الرئيس انتهك نظام العزل الذاتي و"تصرف بطريقة إجرامية".
لم يكن الرئيس البرازيلي هو أول من يخترق تلك القواعد الصحية، حيث إنه منذ بداية الأزمة طالما أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الجدل حوله لعدم ارتدائه الكمامة على الإطلاق في أي من مؤتمراته الصحفية أو أثناء تفقده لمصنع للكمامات في أريزونا، في أول رحلة له خارج البيت الأبيض منذ شهرين، بمايو الماضي.
ترامب الأكثر جدلا.. والرئيس الصيني وبوتين وميركل وجونسون على غراره
وهو ما علل ترامب بأنه أنه سيأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، لكن فقط إذا كانت هناك "بيئة كمامات"، وفي أبريل الماضي أيضا قال: "قد أفكر في ارتداء كمامة وأنا ألقي التحية على رؤساء ورؤساء حكومات وملوكا وملكات، لا أعرف، فالكمامة لا تليق بالبروتوكول الرئاسي، بطريقة أو بأخرى، لا أرى أني سأستخدمها".
وعلى غراره، ظهر الرئيس الصينى شى جينبينج دون الكمامة، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الشعب الوطنى للصين فى قاعدة الشعب ببكين، بينما حضر العديد من المسئولين الذين كانوا يرتدون كمامات، وبموقف آخر ظهر أيضا الرئيس الصيني بدون كمامة أثناء إطلاق المؤتمر الاستشارى السياسى للشعب الصينى، بعد سيطرة البلاد على الجائحة، رغم انتشار عدة أمراض فيها لاحقا ووجود مخاوف من موجة ثانية.
وإلى جوارها، لم يظهر مطلقا رئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون، بدون كمامة، مثلا خلال افتتاح مصنع للأسمدة فى العاصمة بيونج يانج مايو الماضي، وهو ما لم تعلق عليه أي من الجهات بالبلاد.
وسبقهم بإثارة الجدل نفسه، رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، المتعافى من كورونا، الذي ظهر بدون كمامة بعد عودته للعمل عدة مرات، بالإضافة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس ألمانيا فرانك فالتر ستنمير، بدون كمامات خلال الاحتفال بيوم الانتصار فى الحرب العالمية الثانية فى روسيا وألمانيا في مايو الماضي.
أستاذ اجتماع سياسي: القادة يشجعون على العودة للحياة والتعايش مع المرض
تلك الظاهرة المتكررة بين القادة، فسرها الدكتور سعيد صادق، أستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، بأنها تعتبر بمثابة رسالة للمواطنين بضرورة العودة للحياة واستكمال أعمالهم، والتعايش مع الفيروس، ضمن المعادلة للتوازن بين الأزمة الصحية والاقتصادية، بعد تفضيلهم للأولى ببداية الجائحة وتدهور المجالات الاقتصادية.
وأضاف صادق، لـ"الوطن"، أن المجالين مهمين بشدة في البلاد، حيث إن الزعماء حريصون على الأمرين معا، ولكن بعد تدهور الاقتصاد باتوا يشجعون على العودة للحياة واستكمال العمل، لتجنب الفقر وانتشار الأزمات وزيادة العمالة غير المنتظمة بالعالم التي تتجاوز 60%، موضحا أن ذلك ليس بسبب مرض نفسي أو استهتار لديهم وإنما لحرصهم على الدولة.
وتابع أن تلك الموازنة ربما ليست صحيحة بالكامل، حيث يجب الاهتمام بالإجراءات الوقائية بكل دولة لمنع تفشي المرض أو ظهور موجة ثانية مثلما أعلنت منظمة الصحة العالمية، موضحا أن الانتقادات الحادة التي تلقاها القادة بعضها به أبعاد سياسية من بينها التأُثير على ترامب بالانتخابات الرئاسية المنتظرة هذا العام.