"يويا" يحير المؤرخين.. هل يرقد سيدنا يوسف بالمتحف المصري في التحرير؟
ملامح أجنبية لشخصية ذات منصب رفيع بمقبرة لا يعبد صاحبها آلهة المصريين
قناع يويا
داخل القاعة الشرقية بالمتحف المصري بالتحرير يستقبلك قناعان ذهبيان بنظرة ثاقبة وابتسامة غامضة وكأنها تخفي من التاريخ سرا أبت أن تفصح عنه على مقربة تابوت مذهب يظهر من بين جنباته مومياء فريدة ذات شعر بني ذو حمرة وملامح لاتزال جلية رغم مرور آلاف السنين لأحد رجال الدولة ذوي الحظوة ووالد الملكة "تي" الزوجة الملكية للملك أمنحوتب الثالث، والذي يدعى "يويا"، هذا الاسم الغريب عن الحضارة المصرية الذي قيل أنه ماهو إلا تحريف لـ "يوسف" أو "يهوا بن يعقوب" أو "سيدنا يوسف".
النظرية التي أثارت حالة من الجدل بين علماء المصريات والباحثين عادت للنور من جديد مع قرب خروج آثار توت عنخ آمون من المتحف المصري، وتصدر آثار يويا وتويا للمشهد مع قرب احتفال المتحف بالعيد الـ 118 نوفمبر المقبل.
النظرية التي جمعها الباحث والصحفي المصري المهاجر للولايات المتحدة أحمد عثمان في كتاب له يتحدث عن "يويا" رجل دولة من طراز فريد حظي بما لم يحظى به شخصية غير ملكية بالأسرة الثامنة عشر، شغل منصب رفيع في الدولة، تزوج يويا من تويا التي كان والدها كاهن الإلة "مين"، وأمها كانت وصيفة في القصر والمشرفة على الملابس في البلاط الملكي.
المقبرة المكتشفة سنة 1905 بوادي الملوك بالأقصر لم تحوي أي نقوش تعبدية لآلهة العالم الآخر، كما هو معتاد بتلك المقابر مما يرجح نظرية تعبده لإله واحد مختلف عن عقيدة المصري القديم، كما أن ما وجد بها من مقتنيات يخص ملوك وليس رجال الدولة، حيث عثر بداخل المقبرة على عجلة حربية وخاتم، وهي أشياء قيل إنها تم أهداؤها لنبي الله يوسف بعد تفسيرة حلم الملك طبقا للرواية التوراتية.
الألقاب التي وجدت على المقبرة كما يقول "عثمان" في نظريته والتي منحها له المصريون تنطبق على نبي الله يوسف، فهو وزير المالية، الحكيم، موضع ثقة الملك، محب الرب، وهي أوصاف أثبتها القرآن الكريم في سورة يوسف ومن الثابت أن يوسف كان الرجل الثاني في مصر بعد ملكها أمنحتب الثالث، فكان وزير ماليته ومستشاره وأقرب المقربين إليه، خاصة بعد أن تزوج الملك من تاي ابنة يوسف من زوجته المصرية تويا، وتشير التوراة إلى زواج يوسف من امرأة مصرية كان والدها من كبار الكهنة.
وطبقا لعثمان فإن طبيب التشريح الإنجليزي السير جرافنون إليوت سميت الذي كتب أول تقرير عن المومياء عام 1905 بعد فحصها، قال في تقريره إن المومياء رغم سن صاحبها الكبير إلا أنه ظل محتفظا بوسامته ومهابته ويظهر على قسماته الوقار والحُسن، كما أنه كان فارع الطول، قوي البنية، لا أثر فيه للبدانة، طويل الرقبة، لونه مشرب بحمرة، أبيّض شعره ولكنه ظل محتفظا بشعره الطويل وكلها سمات تؤكد أنه يوسف النبي الذي اشتهر بالجمال والمهابة، كما رجح سميث أنها لشخص غير مصري خاصة وأنه غير مثقوب الأذن كما هي العادة المصرية.
من جانبة نفى الدكتور زاهي حواس تلك النظرية جملة وتفصيلا وقال في تصريحات لـ"الوطن": "كل ما يقال هو خرافات لكسب الشهرة فقصة يويا وتويا معروفة للجميع ولا مجال لتطويع النص التاريخ لخدمة النظرية المزعومة"، وتابع أن كل ما يقال عن ربط الدين بالتاريخ كل ذلك عبارة عن اجتهادات لا تمت للعلم بصلة، خاصة أننا لم نجد أي نصوص تشير للرواية الدينية، ولذلك لابد أن نفصل بين ما كُتب في الكتب السماوية والآثار، أما السبب المباشر في عدم وجود أنبياء الله في الآثار فيرجع لعدم وجودهم ضمن البرنامج الديني للملك، وقد كشفنا حتى الآن 30% فقط من آثارنا ويحتمل في المستقبل الكشف عن قصص الأنبياء.