تتسبب المجتمعات شديدة الفقر فى ارتفاع التكاليف الطبية الحكومية وارتفاع معدلات التأمين الطبى، كما أن هذه المجتمعات تعانى من معدلات عالية من السمنة والأمراض والآلام الأخرى، ولأن الفقراء لا يحصلون إلا على نسبة ضئيلة من الرعاية الأساسية، تستخدم المجتمعات الفقيرة الرعاية الطبية الطارئة بمعدلات عالية بشكل غير متناسب، وتميل المضاعفات الطبية إلى أن تصبح أكثر خطورة بسبب سوء الصحة بشكل عام فى المجتمعات المحرومة، وقد انتقلت هذه التكاليف فى النهاية بشكل من أشكال ارتفاع معدلات التأمين وفرض ضرائب أعلى.
يتلقى الأطفال فى المدارس التى ترتفع بها نسبة الفقر لمستوى غير جذاب من التعليم، وأساساً، يتم إزالة هؤلاء الأطفال من اقتصاد رأس المال الإنتاجى ويصبحون مسئوليات اقتصادية، ومن خلال توفير تعليم تنافسى للطلاب الفقراء، يمكن للاقتصاد تسويق مسئولية من أجل المنفعة.
تشير الرأسمالية الاجتماعية إلى أن أفضل الممارسات التجارية ينبغى أن تلبى احتياجات المستهلكين، بما فيها احتياجات العمال باعتبارهم حجر الأساس للاستهلاك، ويؤدى استغلال أحواض السباحة الأرخص على الإطلاق للعمل، دون أى اعتبار فى الحفاظ على نتائج الاستهلاك، إلى فشل السوق فى شكل مأساة المشاعات، وستزيد الأعمال فقط من الأرباح الجماعية لأن المستهلك والمستثمرين يضعون فى الاعتبار تنفيذ إجراءات مسئولة للأعمال التجارية كما ينظرون بعين الاعتبار عند شراء سلع من الشركة أو توفير رأس مال.
تعترف مجلة فاست كومبانى الآن سنوياً بالشركات الهادفة للربح التى تسعى إلى الوصول إلى نتائج اجتماعية إيجابية فى جوائزها عن الرأسمالية الاجتماعية، وتسرد المجلة 45 من الرواد الاجتماعيين الذين يغيرون العالم بشكل إيجابى.
وفى كثير من الأحيان تم تصميم الرأسمالية التقليدية للملاءمة الاقتصادية الجزئية للرأسماليين الأقوياء، ومن ناحية أخرى، تركز الاشتراكية التقليدية بشكل كبير على التخطيط المركزى، ما يؤدى إلى التسبب فى اقتصاد اختناقى، ودائماً ما يضعف التخطيط المركزى المجتمع ويمنع ترشيد تخصيص الموارد، ومن الضرورى أن يكون هناك نظام اقتصادى جديد لاختراق المشكلات المتأصلة فى الرأسمالية والاشتراكية، وهذا يسمى بـ«الرأسمالية الاجتماعية» مع كل من مفهوم الرأسمالية التقليدية والاشتراكية التى يقوم عليها نظام أكثر قوة قائم على السوق. وينبغى أن تعمل الحكومة كشركة كبيرة واحدة لإدارة القطاع العام والأمة جميعاً لخلق فرص ربح أكبر لأصحاب المشاريع، ومن أجل تحقيق نظام رأس المال الاجتماعى، يجب أن تأخذ الحكومة دوراً مبادراً فى نظام إدارة الشركات وتستثمر فى صناعة مستقبل مرغوب فيه أو تقنية من أجل تغيير المجتمع نحو دولة أكثر ثراءً وأكثر سعادة.
وقد حدد باحث واحد على الأقل عناصر الصفقة الجديدة (على الأقل تلك التى سهلت وعززت نتائج السوق) باعتبارها الجذور التاريخية للرأسمالية الاجتماعية، على الرغم من اشتمال الصفقة الجديدة أيضاً على بدايات خطأ وفشلها فى إضفاء طابع مؤسسى على أى جهد منظم ودائم لمتابعة النهايات المنطقية للرأسمالية الاجتماعية.
وختاماً: فإن العالم بعد انهيار الاشتراكية وضعف الرأسمالية أصبح محتاراً فى تصنيف هويته الاقتصادية التى لا بد أن تُبنى على نظرية سياسية وحيث إن النظم اقتربت من بعضها فأصبح الدمج للاشتراكية مع الرأسمالية ضرورة وهو ما نتج عنه تمسك الدول الإسكندنافية بمفهوم الرأسمالية الاجتماعية ورغم محاولات العديد من الخبراء بالربط بينها وبين المفهوم السياسى للاشتراكية الديمقراطية فإننا نستطيع القول إن العالم يتجه فى معظمه، ما عدا أمريكا وإنجلترا، إلى الاشتراكية الديمقراطية كنظام سياسى يطبق الرأسمالية الاجتماعية كنظام اقتصادى وتلك أزمة أخرى.