من قال إن الصورة الفوتوغرافية للأشخاص فقط؟!
العديد من الصور الفوتوغرافية فى خزانته، لم يعد يهتم بالنظر إليها؛ فأكثرها محفور فى رأسه كذكريات، كما أنه خلد العديد من شخصياتها وأحداثها فى أعماله الأدبية، لتتحول إلى ذكرى مشتركة بينه وبين قرائه، الصور المؤثرة بحق لديه هى تلك التى تم التقاطها لنصوص، كخطابات الأصدقاء وشهادة الإعدادية!
حين يعود الأديب المصرى الكبير إلى أكثر اللقطات تأثيراً فيه، يتذكر تلك الصورة التى التقطها لشهادته الإعدادية، والتى تحمل صورته قبل ما يقرب من 53 عاماً، تحديداً فى نهاية عام 1961، كان حينها يجلس على الدكة التى تحمل رقم جلوس 5570.
الصورة تثير العديد من المشاعر لديه؛ فالطالب النجيب لم يكن قد فارق الإسكندرية بعد؛ حيث جرت امتحاناته فى منطقة الإسكندرية للتربية والتعليم، فى المدينة الساحلية قابل الكثير من الشخصيات التى اختفت فجأة بعد ذلك، لتترك أثراً عميقاً فى نفسه، ومن بينها شخصية «خير الدين».
«صحيح أنا كاتب وشغلتى الأدب، إلا أن درجتى فى اللغة العربية كان قليلة، 41 من 60، فى حين أنى فى كل المواد المتعلقة بالرياضة، زى الحساب والجبر والهندسة، كان أقصى رقم أنقصه درجتين بس، كمان كنت شاطر فى التاريخ والتربية والوطنية، لكن بصراحة ما كنتش شاطر فى الرسم أو العلوم والصحة أو الإنجليزى، لما النتيجة ظهرت، حمدت ربنا إنى نجحت».
إبراهيم عبدالقوى، هكذا اشتهر الطالب الصغير بين زملائه، لكن خطأ صغيراً من القائم على إدارة جريدة الأخبار وقتها تسبب فى اسم الشهرة الجديد ليتحول إلى إبراهيم عبدالمجيد، «نشرت القصة الأولى لى فى جريدة الأخبار عقب فوزها فى نادى القصة بالإسكندرية، وقد أراد مسئولو النشر هناك اختصار اسمى فكتبوه إبراهيم عبدالمجيد، يومها لمحت نظرة عتاب فى عينى أبى، لكنى اعتذرت له طبعاً قائلاً الحقيقة، فقال لى: «لا بأس، عبدالمجيد هو اسم جدك أيضاً. وأخذ نسخة من الجريدة وجعلها إلى جواره طوال النهار».
حين ينظر «عبدالمجيد» إلى شهادته الإعدادية يتذكر صديق طفولته السيد خير الدين، الذى يحتفظ بصورة من خطاب قديم بينهما، فضلاً عن خطابات أخرى، صديق الطفولة الذى أرسل لـ«عبدالمجيد» يهنئه بالنجاح فى الإعدادية، مات بعد وقت قصير بسبب السل، كان يهتم كثيراً لشأن صديقه السكندرى، ويحرص على الكتابة إليه باستمرار تارة للتهنئة، وتارة للسؤال عن صحته: «كان منتظر نتقابل عشان أعزمه على كوكاكولا حلاوة النجاح، لكنه مات، بس أنا خلدت ذكراه فى روايتى طيور العنبر وأطلقت عليه اسم خير الدين خير الدين، رغم أنه سيرحل عن الدنيا، ربما لذلك فلا خير يبقى فى هذا العالم الشرير».
صورة الشهادة الاعدادية للاديب ابراهيم عبد المجيد