حضرتُ، أمس، لقاءً مهماً، حضره السيد «فرنك هارتمان»، سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى مصر. نظّم اللقاء جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية، بالتعاون مع السفارة الألمانية، وكنت ضمن وفد من الزملاء فى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين. تحدّث السفير الألمانى عن أهمية قضية السكان، وقال إن الوضع فى ألمانيا يختلف عن مصر، حيث لا تعانى الجمهورية الألمانية من أى نمو سكانى مطرد، بل على العكس يحقق التعداد السكانى الألمانى تراجعاً.. هنا تذكرت أن تقريراً قد صدر فى يناير الماضى بالموقع الألمانى الشهير «دويتش فيله» ويعرض تعداد الشعب الألمانى، وجاء فيه أن هذا التعداد ثابت لا يزيد.
بالعودة للأرقام نجد أنه بعد توحيد شطرى ألمانيا، أصبح تعداد جمهورية ألمانيا الاتحادية نحو 79.7 مليون نسمة (عام 1990)، وذلك بعد انضمام سكان ألمانيا الشرقية، وبما أن تعداد ألمانيا الآن نحو 83.2 مليون نسمة. فنجد أن عدد أفراد الشعب الألمانى قد زاد بمقدار 3.5 مليون نسمة على مدار ثلاثة عقود، بينما العادى عندنا فى مصر أن يزيد التعداد بقدر أكبر من هذا الرقم كل ثلاث سنوات، وليس كل ثلاثة عقود!
أضاف السيد «هارتمان» أنه من المهم تضافر كل قوى المجتمع المصرى لوضع حد لهذا الأمر وإيجاد حلول جذرية له، وهى الحلول التى يجب أن تنبع من داخل الشعب المصرى وليس من أى جهة خارجية. وأكد أن الزيادة السكانية تشكل تحدياً كبيراً للغاية يلتهم أى ثمار للتنمية. وأشار إلى أن تمكين المرأة ورفع وعيها من المواضيع المفتاحية التى يمكن أن تكون من مقاربات حل المشكلة.
بعد كلمة السفير المحترم، تحدّث الحضور فى عدد كبير من النقاط ذات الوجاهة، لكن لاحظت أن عدداً لا بأس به منهم لم يسمع بالمشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية، ربما لأنه لم تتم عملية الإطلاق الرسمى له (ومن المرجّح أن تكون خلال أسابيع). الفكرة أن معظم ما تمت مناقشته متضمن فى هذا المشروع القومى الذى يُعد نتيجة شهور طويلة من المناقشات بين الوزارات والمؤسسات ذات الصلة، وقد تشرفت بأننى كنت جزءاً من هذه المناقشات طوال عام كامل قبل دخولى مجلس الشيوخ، حين كنت مستشاراً لوزير التخطيط والتنمية الاقتصادية. أهم ملامح المشروع هى أنه سيطبق فى تسع محافظات كمرحلة أولى (وهى محافظات: أسيوط، وسوهاج، وقنا، والمنيا، والأقصر، وأسوان، والجيزة، والشرقية، والدقهلية)، وذلك خلال ثلاثة أعوام، بتكلفة نحو 3 مليارات فى العام الأول. المشروع، كما يبدو من اسمه، هو مشروع «تنموى» وليس أحد مشاريع «تنظيم» الأسرة بمعناها الكلاسيكى.
يستهدف «المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية» تحقيق التمكين الاقتصادى للمرأة المصرية عبر أنشطة متنوعة منها تدريب 2 مليون سيدة على مستوى الجمهورية على ريادة الأعمال، ومثلهن على إدارة المشروعات. وتقديم الخدمات المالية وغير المالية، وتمويل 350 ألف مشروع متناهى الصغر، فضلاً عن تخصيص مزايا مادية للأسرة التى لديها طفلان كحد أقصى (مع تجريم عدم تسجيل المواليد).. ننتظر الإطلاق الرسمى وبدء التنفيذ.