حسام عيسي: عودة "عز" يعطي الشرعية للإخوان.. ومصر "سداح مداح" للفساد
قال الفقيه القانوني ونائب رئيس الوزراء السابق، حسام عيسى، إن عودة الحزب الوطني المنحل على يد القيادي السابق في الحزب، أحمد عز، تعطي الشرعية لجماعة الإخوان، وأنه من العار حدوث ذلك.
ودعا عيسى، أثناء استضافته في برنامج "صالون التحرير" مع الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، إلى إنشاء المفوضية المصرية للشفافية ومكافحة الفساد، لاسترداد الأموال المنهوبة في الخارج، واصفًا مصر بأنها "سداح مداح للفساد".
وشارك في البرنامج، الخبير الاقتصادي، ورئيس مجلس إدارة الأهرام، أحمد السيد النجار، ومساعد وزير الداخلية الأسبق للأموال العامة، اللواء فاروق المقرحي، والنائب السابق في مجلس الشعب، علاء عبدالمنعم.
وقال عيسى، إنه من الواجب التفرقة بين الفساد الصغير والكبير، معتبرًا أن ظاهرة الصناديق الخاصة في مصر تعني العودة لما قبل الدولة الحديثة، مؤكدًا أنه كان ينبغي "إجراء محاكمات ثورية لرموز النهب والفساد في عهد مبارك".
وتطرق عيسى، إلى فترة عمله كوزير للتعليم العالي، قائلًا: "وجدت فسادًا لا يُعقل في صندوق تمويل التعليم العالي"، متحدثًا عن فساد التعيينات في بعض المعاهد والجامعات، ضاربًا المثل بأحد المعاهد، بالقول: "زاره بعض الطلاب وأخبروه بنتيجة المعهد قبل ظهورها بشهر، بحصول أبناء الأساتذة على المراكز الأولى، وهو ماحدث بالفعل".[FirstQuote]
وقال نائب رئيس الوزراء السابق، إن رجال نظام مبارك، استغلوا غضب المصريين ضد الإخوان لإعادة الفساد، معتبرًا أن أخطر ما يمكن أن يحدث لمصر هو تعاون السلطة الحالية مع رجال مبارك.
وأوضح، أن فقراء المصريين يتحملون تكلفة بناء الدولة أكثر من الأغنياء، مشددًا على أن "ثروة رجال الأعمال في مصر صنعتها الدولة"، مضيفًا: "الخصخصة هي أكبر عملية نهب حدثت على مدار تاريخ مصر، وحضرت مؤتمرًا لرجال الأعمال في عهد مبارك، طالبوا فيه بالاقتراض من بنوك الدولة حتى يتمكنوا من شراء الشركات العامة المعروضة ضمن برنامج الخصخصة، ما يعني أنهم اشتروا أملاك الدولة بأموالها".
وهاجم عيسى، الصناديق الخاصة بالوزارات والهيئات الحكومية، قائلًا: "الصناديق الخاصة عار، وهي أبرز أشكال الفساد في مصر، ولا توجد بلد في الدنيا لديها تسعة آلاف صندوق خاص كما هو حاصل لدينا، كما أن البنك المركزي المصري، ليس لديه إحصاء كامل بها، ولا يعرف كثير منها".
وراجع اللواء المقرحي، عيسى، في عدد الصناديق الخاصة، فأبلغه الأخير بأنه حصل على عددها المقدر بتسعة آلاف صندوق خاص من حركة "رقابيون ضد الفساد"، في حين أصرّ المقرحي على أن عددها حوالي ستة آلاف وستمائة صندوق خاص، وتدخل أحمد السيد النجار، فقال إن البنك المركزي لا يملك حصرًا كاملًا لها، ويتحدث دومًا "عما أمكن حصره منها".[SecondQuote]
وتابع عيسى، أن قواعد الشفافية والمساءلة غير موجودة في مصر، ولدينا سلطات بلا مساءلة، منتقدًا توريث الوظائف في الأجهزة والهيئات والمؤسسات الحكومية، بالقول: "شيء لا يقبله عقل"، مشيرًا إلى مناصب في كليات جامعية بأسرها يتم توريثها للأبناء والأشقاء، موضحًا أن الحرب ضد الفساد شرط أساسي لتجميع كتلة وطنية في مصر.
واعتبر الفقيه القانوني، أنه لا يمكن مكافحة الفساد دون إرادة سياسية من الرئاسة بذلك، مبديًا استغرابه من قرار الحكومة بزيادة أسعار السماد الزراعي لفلاحي مصر، إلى 2000 جنيه للطن، وقال: "كنت مع السيسي في أحد اجتماعات مجلس الوزراء، حين كان وزيرًا للدفاع برتبة فريق أول، وتحدث عن ضرورة إنتاج السماد وبيعه بأسعار ميسرة للفلاحين، لذا استغرب زيادة أسعاره الآن".
فيما قال أحمد السيد النجار، إن وقوف الغرب ورجال الأعمال ضد عبدالناصر هو الذي أوجد "الناصرية"، في إشارة إلى سياسات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مضيفًا أن ثقة المصريين في الرئيس عبدالفتاح السيسي، هي أحد أسباب شرائهم لشهادات قناة السويس الجديدة.
وتابع الخبير الاقتصادي، أن مصر لن تعود كما كانت قبل عام 2011، قائلًا: "من يتوهم غير ذلك يفتح بابًا لجهنم"، واصفًا نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، بأنه "كان قائمًا على هيكل من الفساد"، مضيفًا: "كل صفقات الخصخصة كانت فاسدة، والدولة صنعت الفساد في عهد مبارك، وهناك العديد من الأمثلة الصارخة على ذلك منها صفقة بيع المراجل البخارية، التي تمثل عارًا على مصر"، مستطردًا أن "الآلية الرئيسية لصناعة المليارديرات في مصر هي منحهم أراض شاسعة بمبالغ زهيدة".
وتطرق الحوار إلى مديونيات المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة، وأبرزها ضريبة التمغة المقدرة بمئات الملايين، وقال النجار، إن المؤسسات الصحفية "لم تدفع هذه الضريبة ولن تدفعها"، محمّلًا رؤساء مجالس إدارات "الجمهورية، والأهرام، وأخبار اليوم" السابقين المسؤولية عنها، وهم سمير رجب، وإبراهيم نافع، وإبراهيم سعدة.
وأشار النجار، إلى "خسارة إحدى المؤسسات الصحفية القومية مئات الملايين في عام 2004، ورغم ذلك قدمت هدايا لمسؤولين بأكثر من مائة مليون جنيه في نفس العام"، داعيًا لمواصلة التحقيق في تلك القضية.
ورأى رئيس مجلس إدارة الأهرام، أن سلطة مبارك صنعت نظامًا للفساد، معربًا عن أسفه لوجود قانون تحصين العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين، من الطعن عليها من غير طرفي التعاقد.
ودعا لتعديل نظام الأجور لتمكين الموظفين من حياة كريمة، لعدم توريطهم في أعمال فساد، بحسب تعبيره، منتقدًا قرار زيادة الرسوم على الحديد المستورد، قائلًا: "يحمي المحتكرين في السوق المحلي.. ومنع الفساد يبدأ بإطار تشريعي قوي وصارم".
وقال اللواء فاروق المقرحي، إن قانون 203 لسنة 1992 هو بداية مسلسل الفساد بالخصخصة، وأن نظام مبارك باع الشركات الرابحة، التي كان الاقتصاد يعتمد عليها، منتقدًا بشدة زيادة سعر السماد، بالقول: "السماد مكون من غاز ومياه.. ولا أعرف لماذا رفعت الحكومة سعر الطن إلى 2000 جنيه، والرئيس السيسي مش على راسه بطحة، ولا أفهم سبب رفع أسعار الأسمدة وزيادة الرسوم على الحديد المستورد".
وطالب المقرحي، بإنشاء المفوضية المصرية لمكافحة الفساد فورًا، وإلا تكون تابعة للحكومة، ومدة عملها أربع أو خمس سنوات، ويصدر قرار بتعيين أعضاءها من رئيس الجمهورية، إضافة إلى تفعيل قانون غسل الأموال، وإثبات فساد الهاربين في الخارج قضائيًا ثم ملاحقتهم.
واختتم المقرحي حديثه، بالقول إن نسبة الربح في الأسمنت والحديد والأسمدة "تتجاوز نسبة الربح في المخدرات"، على حد تعبيره.
وقال النائب السابق بمجلس الشعب، علاء عبدالمنعم، إن الفساد في مصر "فساد وقح لا يختبئ ولا يتوارى"، ضاربًا المثل بأحمد عز، حين أصدر قانونًا للاحتكار، أثناء البرلمان في حكم مبارك، وعدّله في 48 ساعة فقط.
وأضاف عبدالمنعم، أن نواب الحزب الوطني أنفقوا من أموال الدولة على الدعاية الانتخابية، ويوسف بطرس غالي أخفى من إحدى موازنات الدولة 13 مليار جنيه، مطالبًا النائب العام بالإعلان عن نتيجة تحقيقات النيابة في بلاغه المقدم ضد محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، عام 2009، قائلًا إن الفساد ما زال ساريا حتى الآن.
وتابع البرلماني السابق، أن مجلس النواب المقبل سيواجه مشكلات لا حصر لها بسبب الدستور وقانون الانتخابات، متوقعًا أن تكون أغلبية البرلمان من نصيب المستقلين، وأن يعود رأس المال إلى البرلمان بسبب قانون الانتخابات.