سور من القرآن الكريم تتسق مع علم الاختزال الذى عُرف حديثاً باستخدام أهم حروف الكلمات أو ما يطلق عليه الحروف الأساسية للكلمة التى بدونها لا يمكن اعتبارها كلمة مثل «الرسول» إذا أردت أن تختصرها هل ستكون «ألف» أم «لام راء» أم «س» أم «واو لام». وبالمقارنة ببدايات السور فى القرآن، ستجد آيات فى حروف «ألم» أو «س» أو «ص» أو «ك» أو «هاء» أو «ى» أو «ع» فلا بد إذاً ألا ننشغل بباقى الحروف إلا فى إطار إثبات أنها تمهيد لعلم الاختزال، وأنها تشير إلى كلمة رئيسية مهمة فى السورة، فإذا أردت أن تستخدم علم الاختزال فى اسم الله جل جلاله ستجد «ال»، وإذا أردت اختزال كلمة «الرسول» فلا يمكن أن تُختصر أكثر أو أقل، ومجرد حرف الراء (ر) يشير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، مقابل حرفين لا غنى عنهما فى لفظ الجلالة، وهما «ال»، ويكون تفسير «الر» فى علم الاختزال «الله الرسول». واستُخدم هذا الاختزال فى السور القرآنية من بداية سورة البقرة، بحيث تكون «ال» إشارة إلى لفظ الجلالة (الله)، وحرف «م» اختزال لاسم محمد صلى الله عليه وسلم، لأنك بمجرد نطق حرف الميم تعرف أنه محمد، وهى نفس مقدمة سورة آل عمران التى اهتمت خاصة بمحاولة تأكيد خصوصية القرآن ككتاب فريد منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات (لاحظ تشابه الحروف فى بعض الكلمات ومرة أخرى فى بعض الآيات وثالثة فى الحروف مثل ألم)، ثم هناك سور بدون مقدمة حروف هى النساء والمائدة والأنعام والأنفال والتوبة، وبينها الأعراف التى بدأت بـ«المص»، ثم سور «الر» الست (يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر)، ثم ٣ سور بدون بدايات حروف هى النحل والإسراء والكهف، ثم سورة مريم ومقدمتها اختزال لـ٥ كلمات فى ٥ حروف.. «كه» حرفان اختصار «زكريه» بالنطق لا بالكتابة، فأنت تنطقها «زكريه» وليس زكريا، أو أن حرف الهاء يرمز إلى هى أى مريم والياء (ى) اختزال يحيى، والعين اختزال عيسى، والصاد اختزال «صلى الله عليهم وسلم». وتجد الآيات التالية لها ترتيبها، آيات زكريه، ثم يحيى، ثم عيسى، ثم مريم، والسورة باسمها (سورة مريم)، ثم «طه» اسم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم سور بلا مقدمات هى الأنبياء فى ختام سور الرسل لتؤكد أنها سور فعلاً تخص «الر» أو الرسل صلوات الله عليهم، وبعدها الحج والمؤمنون، ثم النور التى سُميت دون غيرها سورة «أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات» تخص واقعة اتهام سيدتنا عائشة وزواج الرسول من زينب بإلغاء البنوة وفرض سنن أوقات النوم بالظهيرة أو دخول المنازل أو الحجاب، ثم سورة الفرقان بلا حروف لكن مقدمتها «تبارك الذى نزّل الفرقان (أى القرآن) على عبده» صلى الله عليه وسلم، ثم تعود مقدمة الحروف مرة أخرى «طسم» فى سورة الشعراء، و«طس» فى النمل بدون سيدنا محمد لأنها تخص سيدنا سليمان، وسورة القصص يعود فيها «ط س م»، وهى اختصار «طه الرسول محمد»، ثم يعود إلى حروف «الم» التى بدأ بها القرآن إلى سورة العنكبوت، وكذلك سور الروم ولقمان والسجدة لتلحق بسورتَى البقرة وآل عمران، ثم تعود سور بلا مقدمات هى الأحزاب وسبأ وفاطر، ثم يس اسم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم الصافات، ثم حرف «ص» منفرداً لسورة «ص»، بما يؤكد أنه الصلاة على النبى أو الأنبياء صلوات الله عليهم، ثم الزمر بدون حروف، ثم السبع سور مثانى الحروف أى السبع المثانى التى وردت بالقرآن، وهى ليست الفاتحة كما رأى كثير من العلماء، إذ ترتبط ارتباطاً كلياً باسمى الرحيم ومحمد أى الرحمن ومحمد، وإذا أردت اختزالها لا بد أن تختار حرف «ح» للرحمن لأن باقى حروفها الله «ال» ثم «ر» الرسول ثم «ح» الرحمن ثم «م» محمد الرسول «س»، ثم «ن» أى القلم أو اسم سيدنا يونس، لكن الأقرب القلم «نون والقلم وما يسطرون» إلا إذا أوّلت اسم «ذا النون» أى سيدنا يونس بحيث يكون هو صاحب القلم، وهو لا يتسق مع الأحداث، إذاً لا يجوز تفسير «ذا النون» بصاحب القلم، والأولى أنها نون القلم..
ثم تأتى مجموعة سور لا تجد فى أول حروفها اسم السورة مثل سورة محمد، فقد ظهر الاسم فى السطر الثانى منها، وسورة الفتح اسمها فى أول جملة، ثم سورة الحجرات اسمها فى سابع سطر آية ٤، وتعود سورة ق بأول حرف فى أول آية، و«ق» اختصار قرآن، وهو ما يثبت صحة منهجنا فى أن الحرف فى علم الاختزال يشير إلى الكلمة وحده منفرداً، ثم سور اسمها فى أول آية هى الذاريات والطور والنجم والقمر والواقعة، ثم سور «سبح لله» وهى سور الحديد والحشر والصف، أما الجمعة والتغابن فهى «يسبح لله» ثم فى باقى سور القرآن من سورة الطلاق فى ختام الجزء ٢٨ حتى نهاية القرآن تجد اسم السورة فى أول جملة فى أول آية فى كل سورة، ويبلغ عدد هذه السور الخاتمة للقرآن المسماة بأول كلمة أو كلمة من أول آية عددها ٤٩ سورة، من سورة الطلاق رقم ٦٥ حتى سورة الناس رقم ١١٤، وتقريباً كلها مكية ما عدا ٣ سور هى الطلاق والتحريم والنصر، فهى مدنية.
وختاماً.. فإن القرآن كل يوم وكل عصر يفتح سراً من أسراره، لنعلم أنه الحق من عند الله صالحاً لكل عصر، شارحاً لكل أمر.