بعيداً عن صخب الخلاف وأصوات البط الإعلامية وفرقة الزفة الفضائية، وجدتهم هناك مثل طاقة نور تلوح فى سماء ذات طموح تحلم بغد أفضل، دون تزيد المتطرفين على جانبى النهر المصرى، فلم يكن هناك رجعى أو فوضوى أو ماضوى، فقد حضر المستقبل والمستقبل فقط، من أصغرهم ابن السابعة من العمر حتى من انتصفت معه العشرون، فالطفل أدهم شريف «الصف الثانى الابتدائى» بادرنا بطعنة قائلاً: «لماذا لا يلتزم الإعلاميون بميثاق شرف ولماذا لا يلتزمون بأدب الحوار؟» هكذا قالها وهكذا أوجعنا فصفقت له القاعة، قاعة صالون معهد الأهرام الإقليمى للصحافة فى ضيافة «ميديا توبيا»، هناك رأينا اختلافاً من شباب متمرد ويافعين يريدون إصلاح وطنهم وقبله إعلامهم، يبحثون عن الفضيلة الإعلامية فى رحاب مهنية الدكتور محمد سعيد محفوظ الإعلامى الزميل وصاحب الفكرة، الفكرة التى تخلق بيئة حاضنة لإعلاميى المستقبل بجهود بسيطة وتجرد من القائمين عليها، أحسبنى أننى حسدتهم عليها وصرحت بذلك فى لقائنا الخميس الماضى، فجميعنا أو جيلنا على وجه الدقة لم يجد من يعلمه، فقد كانت الأبواب مغلقة وموصدة، واخترنا التعلم والتدريب كقرار شخصى!!
لقد كانت لحظات مدهشة وأنت تتحاور مع طالبة فى الإعدادى وآخر فى الصف الأول الثانوى وثالث لم يتجاوز عامه الجامعى الأول وبعض شباب الصحفيين، وجميعهم يريد أن يصبح «ميديا توبيان»، ليس فى المبادرة فحسب بل فى مستقبله، يتمرد يرفض يكره أبوية التقسيم وشذوذ بعض مصاطب الإعلام وانفلات الخطاب وتدنى القيم، لقد شعرت بأن هناك أملاً طالما أن هناك صنفاً من البشر يريدون بعفوية سنوات الشباب الأولى واندفاعها تعرية المشهد الإعلامى وبيان سوءاته وخطاياه، وينظرون إلى أنفسهم بعيداً عن الفضاء الإلكترونى ليقولوا كلمة فى وجهنا جميعاً «لماذا أنتم أيها الإعلاميون كذلك؟ ومتى ستنتهى فوضويتكم؟ ولماذا تسلمون قيادكم إلى هذه الأصوات؟ قالوها كأنها طلقة رصاص استقرت فى أعماق قلب القطيع الإعلامى؟ قالوها وكأننا واحد رغم أننا كثيرون، فهناك الصالح والطالح، وفى الإعلام ساد الطالح وانزوى الصالح خلف مهنته التى أرى أنها ستسود وتعلو، لأن البضاعة الجيدة ستطرد البضاعة الرديئة مهما طال الزمن أو علت أصوات النفاق!!
تحدثت عن تجربتى -كرئيس تحرير سى بى سى إكسترا- وسألونى عنها وأجبت بأنها «منبر وطنى يعتمد الثوابت المصرية وجاء فى لحظة احتجنا فيها صوتاً مصرياً لنقل أخبارنا دون المحطات الإقليمية المتآمرة» ولم أفلت من شظاياهم التى تلقيتها برحابة صدر الذى يريد وطناً للتغيير ومهنة مستقرة ودولة وطنية عادلة، لقد دفعوا إلى القلب بطمأنينة أن هناك من يسعى ليكون أفضل فى وطن لا يبحث عن الأفضل بل يبحث عن الوجوه القديمة ويتنازل عن المخلصين ويحابى الفاشلين وأنصاف الموهوبين!!
ولهذا ولذاك نشكر «ميديا توبيا» على لقاء شبابها ونشكر «الأهرام» وشكراً للزميل محمد سعيد محفوظ، ولتكن «ميديا توبيا» شعاع أمل وطاقة نور للمهنة بإذن الله.