تبدو علاقة خالد محيى الدين بالرئيس أنور السادات شديدة الغرابة، ورغم أنهما كانا من أعضاء الخلية الأولى لتنظيم الضباط الأحرار عام 1949، فإن الود بينهما لم يكن مثلما كان بين محيى الدين وعبدالناصر، وكان خالد مدافعاً عن السادات ومواقفه الملتبسة، وقال: «إن أنور السادات كان على علاقة بيوسف رشاد رجل الملك، لكنه لم يفشِ سرنا له، ولو فعل ذلك لكان مصيرنا جميعاً هو الإعدام، ولو أبلغ عنا لكان وجه مصر قد تغير تماماً.. لكنه لم يفعل»، وعن واقعة ذهاب أنور السادات للسينما ليلة 23 يوليو، قال محيى الدين «أما أنه قد ذهب للسينما، وحرص على تسجيل واقعة مشاجرته فى محضر للبوليس، فذلك مرتبط بخبرة سابقة للسادات، فقد حُوكم أكثر من مرة وفُصل من الجيش ولعله رأى تحصين موقفه بعض الشىء إن فشلت الحركة، ولا بأس من ذلك»، وفى المقابل اعتاد السادات الهجوم على خالد محيى الدين، هو من أطلق عليه لقب «الصاغ الأحمر»، فى مقال له بجريدة الجمهورية، وخالد فى منفاه بسويسرا، اعتقاداً منه أن ذلك سيُرضى عبدالناصر، ولم يكن يعلم باتفاق عبدالناصر وخالد بألا يهاجم «خالد» الحكم فى مصر، وألا يتعرض «خالد» للهجوم من الداخل، وتدخّل عبدالناصر لمنع السادات من مواصلة الهجوم، وأبلغ خالد عن طريق زكريا محيى الدين أن هذا تصرف فردى ولن يتكرر.
ووصل السادات إلى كرسى الرئاسة، وأسس خالد محيى الدين حزب التجمع الذى عارض سياسات السادات بكل قوة، سواء سياسته الاقتصادية، أو زيارته إلى إسرائيل وما تبعها من توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وشهد عهد السادات اعتقال الكثير من قيادات وأعضاء الحزب، وكان مشهد النهاية فى العلاقة حين شارك خالد محيى الدين فى تشييع السادات إلى مثواه الأخير، رغم اعتراض أعضاء «التجمع» لوجود عدد لا يُستهان به من أبرز قيادات الحزب رهن الاعتقال بقرارات سبتمبر الشهيرة. وأوضح محيى الدين أن مشاركته فى جنازة السادات الذى اغتالته يد الإرهاب، تؤكد موقف «التجمع» الرافض لتيار الإسلام السياسى والفكر الظلامى، وقال من اغتال السادات اليوم، سيغتالنى غداً، وغيرى بعد غدٍ، فالإرهاب لا يرويه إلا الدم.
فى ما يتعلق بعلاقة خالد محيى الدين بالرئيس حسنى مبارك فهى الأطول زمنياً -مع رئيس امتد حكمه لثلاثين عاماً- وشاءت الأقدار أن أعايش بعضاً من أحداثها.
بدأت العلاقة بافتراض كل منهما حسن نوايا الآخر، وثمة تقدير متبادل، فالرئيس مبارك تعامل مع خالد محيى الدين كأحد أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو، وكسياسى وطنى «شريف» طوال تاريخه، أما خالد فقد استشرف بمجىء مبارك للحكم انفراجة سياسية إلى حد ما، قياساً بحالة الاحتقان التى خلفها سلفه السادات.
بدأ «مبارك» حكمه بالإفراج عن «سجناء سبتمبر»، ومن بينهم قيادات وكوادر من حزب التجمع، وبعدها دعا إلى حوار وطنى بعد مرور 4 أشهر على توليه الحكم فى أكتوبر 1981، ورحّب «محيى الدين» بالمشاركة بدون شروط مسبقة، رغم أن جريدة «الأهالى» كانت قيد المصادرة، ووجود بقية من أعضاء «التجمع» رهن الاعتقال، وقال إنه رغم ذلك سيشارك ليطرح هذه «الإشكاليات» على مائدة الحوار.
فى اللقاء الثنائى الأول بينهما، باغت الرئيس مبارك خالد محيى الدين، قائلاً: «أنتم فى التجمع تتهموننى بالتبعية لأمريكا.. يعنى هوه أنا قبل ما آخد قرار باستأذن أمريكا أولاً؟»، ورد خالد: بالطبع لا نقصد ذلك، ولكن ما نقصده هو أنك قبل أن تتخذ قراراً، تضع فى اعتبارك.. هل هذا القرار يتعارض مع السياسة الأمريكية أم لا؟، ولم يعلق مبارك.
ونستكمل الأسبوع المقبل.