عاشت بالسُل وانتحرت في بئر.. نهاية «صدّيقة» بمسلسل حديث الصباح والمساء
مسلسل حديث الصباح والمساء
عاشت هادئة بالبيت القديم بسوق الزلط، الابنة الثالثة للشيخ معاوية وجليلة الطرابيشية، جاءها رزقها بالزواج عقب حُب من أول نظرة جمعتها برجل من الشوام، لم تُرزق منه بأطفال بل تركها في منتصف الطريق بعدما لفظ أنفاسه الأخيرة، لتعيش في صدمة، عُزلة، حتى توفيت هي الأخرى ولحقت به.
هكذا كان التسلسل الدرامي، لشخصية صديقة معاوية القليوبي، بالمسلسل الشهير «حديث الصباح والمساء» التي جسدتها بها الفنانة إيمان فريد، التي ظلت شخصيتها مُعلقة بالوجدان مع متابعي وجماهير المسلسل الشهير، الذي حصد حوله الكثير من المتابعين مهما مرّت السنوات.
حديث الصباح والمساء، رائعة نجيب محفوظ، التي تحوّلت لعمل درامي، يعد من أنجح، بل وأشهر الأعمال حتى يومنا هذا.
ألغاز كثيرة ذكرتها الرواية، ونهايات غير متوقعة، لم يسعف العمل الدرامي الكشف عنها، وعلى رأسها تفاصيل نهاية الأبطال، ولعل أبرزهما صاحبة شخصية «صديقة» التي رصدت الحلقة الأخيرة وفاتها، دون أن تشير لأسباب أو كيفية الوفاة، إلا إن الرواية كان لها تفاصيل أخرى.
كيف كانت «صديقة» بالرواية الحقيقة من حديث الصباح والمساء؟
وفقًا للرواية الأصلية، فإن «صديقة معاوية» هي ثالثة بنات الشيخ معاوية وجليلة الطرابيشية، وجاء مولدها بالبيت القديم بسوق الزلط بعد سجن الشيخ بنصف عام، وفاقت شقيقتيها راضية وشهيرة بجمالها، فكان وجهها المائل للبياض وخدَّيها الموردتَين وقسماتها المُتناسقة وشعرها الأسود الغزير، مثالًا للحُسن بغير مُنازع في الحي كله.
وفاة زوجها وصراعها مع السُل
بحسب رواية نجيب محفوظ، كانت «صديقة» الوحيدة التي لم تنَلْ حظَّها من تربية الشيخ الدينية، فنشأت ثمرة خالصة لتراث جليلة، بل حظيت بأكبر قسطٍ من حُب أبناء راضية وبناتها، وتقدَّم لها بعد وفاة أبيها بأعوام وبعد زواج شهيرة بعامٍ واحد طبيب أسنان شامي من سكان الحيِّ فزُفَّت إليه، وأقاما في عمارة جديدة بالفجالة.
وسرعان ما دهمتها الخطوب فمات زوجها قبل أن تُرزق بأطفال، بل كانت نهايتها صراعًا مع مرض السل، لتعود إلى حضن جليلة تنشُد الأُنس والشفاء.
انتحار صديقة في البئر
تغيَّر حالها وتكالبت عليها الآلام دون أي أملٍ في الشفاء، وشعرت بأنها تنحدِر نحو الهاوية، وضاقت باليأس والألم والأرق والسُّعال، وفي لحظة يأسٍ مُدلهمَّة رمت بنفسها في البئر، فكانت نهاية مأساوية.
حاولت والدتها «جليلة» إنقاذها، فصوَّتت وهُرع إليها أهل النجدة من الجيران، وانتشلوا صديقة وهي في الرمق الأخير، لتقضي ساعات من العذابٍ طوال الليل، يُحيط بها أُمُّها وأختاها راضية وشهيرة، لكن فاضت روحها وهي في عز الشباب واليأس والألم.
حزنت عليها والدتها جليلة، حُزنًا طويلًا، وأمرت بتغطية البئر بغطاءٍ متين من الخشب، وكانت تحلم بها من حينٍ لآخر.
الله غفر لي الانتحار يا أمي
حلم حلمته «جليلة» كعادتها، فصحت به لابنتها الكبيرة «راضية» بما رآته، قائلة: «في ليلة سيدي الشعراني رأيتُ صديقة على مقربةٍ من البئر واقفة في سحابة بيضاء مُشرقة الوجه بابتسامة».
فصدقتها راضية بإيمان عميق وسألتها: هل حدثتك يا أمي؟، فقالت جليلة: سألتها عن حالها فقالت لي: إن الله غفر لها انتحارها، وإنها تُخبرني بذلك ليطمئنَّ قلبي، لترد الأخيرة: «الحمد لله الرحمن الرحيم».