4 شركات أجنبية تملك 86% من سوق الأسمنت.. و«عز» ملك «الحديد»
4 شركات أجنبية تملك 86% من سوق الأسمنت.. و«عز» ملك «الحديد»
مخاوف من استغلال سيطرة الكبار على السوق
فاجأ جهاز «حماية المنافسة ومنع الاحتكار» مجتمع الأعمال بقراره، أمس الأول، إحالة مجموعة «النساجون الشرقيون» إلى النيابة العامة بتهمة القيام بممارسات احتكارية، وهو القرار الذى اتخذه مجلس إدارة الجهاز بالإجماع، بعد ثبوت اتفاق المجموعة حصرياً مع عدد من موزعى السجاد الميكانيكى على عدم توزيع منتجات أى من الشركات المنافسة لها. قضية «النساجون الشرقيون» أعادت إلى الأذهان ملف الاحتكارات الكبرى، والشركات المسيطرة على السوق، مع التأكيد على أن السيطرة على حصص «حاكمة» فى الأسواق لا تعد جريمة فى ذاتها، لكن الممارسات الاحتكارية التى قد تترتب على تلك السيطرة هى الجريمة.
الحديث عن خريطة الاحتكار فى مصر لا يمكن قصره على منتج أو فرد بعينه، لكن منتجات وسلعاً وأفراداً بعينهم ارتبطت أسماؤهم بمسمى ومفهوم «الاحتكار»، وربما كان أحمد عز، الأمين السابق للتنظيم فى الحزب الوطنى المنحل وصاحب مجموعة «العز للصلب»، المفرَج عنه قبل أشهر، هو الأكثر شهرة فى منظومة الاحتكار، فالرجل كان يستحوذ من خلال مجموعته على نحو 68% من سوق الحديد فى مصر، لكن تلك النسبة انخفضت إلى ما يقارب 50% عقب هجوم واردات الحديد التركية والأوكرانية والصينية، التى وصلت إلى 500 ألف طن فى النصف الأول من العام الحالى.
10 شركات أدوية تستحوذ على 50% من المبيعات
ويمكن القول إن دخول «عز» السجن عقب الإطاحة بمبارك كان ضمن الأسباب الرئيسية التى قلصت نفوذ مجموعته فترة وجيزة، لكن هذا لا يمنع أنها لا تزال الأقوى فى السوق حتى الآن، فيما تأتى مجموعة «بشاى» للصلب فى المرتبة الثانية باستحواذ يصل إلى 30%، تتبعها مجموعة السويس للصلب المملوكة لرجل الأعمال جمال الجارحى، ثم مجموعة حديد المصريين المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبوهشيمة.
وعلى الرغم من زيادة نسبة واردات الحديد المستورد عقب الأزمة المالية العالمية فى 2008، وإزالة الرسوم الجمركية عن الواردات، فإن الحصص السوقية للشركات المحلية لم تتأثر بالنسبة التى يمكن معها القول بأنها فقدت سيطرتها على الأسواق، بل من المتوقع أن تزداد تلك السيطرة بشكل أكبر الفترة المقبلة فى ظل الحديث عن سعى الحكومة ممثلة فى وزارتى الصناعة والمالية لفرض رسوم جمركية بواقع 30% على الحديد المستورد، بناء على طلب تقدمت به غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات قبل عدة أشهر.
وبعيداً عن قطاع الحديد، فإن قطاعاً حيوياً آخر يشهد سيطرة واضحة من قبل مجموعة من الشركات لا تتعدى 4 شركات، جميعها أجنبية، وهو قطاع الأسمنت. وتأتى شركتا «لافارج» الفرنسية ومجموعة «السويس» على رأس الشركات المسيطرة على سوق الأسمنت، فالشركة الأولى التى اشترت شركات بنى سويف والإسكندرية والمصرية للأسمنت، والشركة الثانية التى استحوذت على شركات السويس وبورتلاند حلوان وطرة للأسمنت، تسيطران وحدهما على 65% من إجمالى السوق المحلية، بينما تستحوذ شركتا «سيمور» البرتغالية و«سيميكس» المكسيكية على 22%، وتتوزع الحصة المتبقية على باقى الشركات المحلية التى تضم شركة واحدة حكومية، هى القومية للأسمنت، التى حققت خسائر بالغة فى العام الأخير.
وفى قطاع الصناعات الغذائية، تأتى شركة «صافولا» السعودية التى تمتلك أكبر مجمع تكرير للسكر بالعين السخنة فى مقدمة الشركات المسيطرة على سوق السكر فى مصر، تليها شركة «النوران للسكر» التى تعتبر هى الأخرى من كبار اللاعبين الرئيسيين فى السوق، وليس خافياً أن شركة «واكالكس» المملوكة لرجل الأعمال السكندرى، رئيس اتحاد الغرفة التجارية، أحمد الوكيل، تأتى ضمن كبار الشركات المسيطرة على سوق السكر بشكل خاص والسلع الغذائية بشكل عام.
الحديث عن السيطرة فى سوق السلع الغذائية ينطبق على شركة «جهينة» المملوكة لرجل الأعمال صفوان ثابت، وتستحوذ وحدها على 60% تقريباً من سوق الألبان، تليها شركة «بيتى» التى استحوذت عليها مجموعة «المراعى» السعودية، وتسعى بدورها إلى الاستحواذ على حصة أكبر من السوق تصل إلى 25% خلال الفترة المقبلة. أما فى قطاع اللحوم، فتأتى شركة «فريجو فوود» على رأس الشركات المستوردة للحوم من الهند، ويعتبر رئيس رابطة مستوردى اللحوم الدكتور علاء رضوان واحداً من كبار المسيطرين على سوق اللحوم فى مصر.
قطاع الدواجن كان له نصيب كبير من عملية الاحتكار، ما جعله ملفاً رئيسياً ضمن ملفات جهاز «حماية المنافسة»، الذى قام بدوره بإحالة 24 شركة عاملة فى مجال الدواجن إلى النائب العام قبل سنة ونصف السنة تقريباً بتهمة الاحتكار، وتعد شركات «القاهرة للدواجن» و«الإسماعيلية مصر للدواجن»، و«الوادى - المنصورة»، على رأس الشركات الكبرى المسيطرة على السوق، فيما تعد شركة «ساديا» البرازيلية أكبر مورد للدواجن المستوردة.
وفى قطاع الصناعات الدوائية، تكشف دراسة سابقة أعدها قطاع البحوث والدراسات بالبنك الأهلى عن سيطرة عشر شركات فقط، منها 6 شركات أجنبية متعددة الجنسيات، و4 من شركات القطاع الخاص المحلية، على نحو 50% من المبيعات. وتعد شركة «جلاكسو سيمث كلاين» أكبر الشركات الخاصة العاملة فى صناعة الأدوية فى مصر، وتبلغ حصتها من سوق القطاع الخاص نحو 7.5% من إجمالى مبيعات القطاع الخاص فى مصر، وتأتى شركة «نوفارتس» فى المركز الثانى بحصة سوقية بلغت نحو 6.7% ثم شركة «سانوفى» بحصة بلغت نحو 6.3%.
ويمكن القول إن شركة «سولفاى»، التى اشترت شركة الإسكندرية لكربونات الصوديوم الحكومية سابقاً، تعد الشركة الوحيدة المسيطرة على سوق خامة كربونات الصوديوم أو «الصودا آش» التى تعد الخامة الرئيسية فى صناعة الزجاج، حيث تستحوذ الشركة على أكثر من 40% تقريباً من السوق، فى حين يحتكر أحد كبار التجار عملية استيراد تلك الخامة من الخارج لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
السيطرة والاحتكار لا يقتصران على القطاع الخاص وحده، إذ تعتبر «الشركة الشرقية للدخان»، الحكومية، المحتكر الرئيسى لتصنيع السجائر والدخان فى مصر، فالشركة تحتكر منذ نشأتها إنتاج 100% من سوق السجائر، إلا أن تلك النسبة تقلصت نسبياً بعد دخول عدد من الشركات الأجنبية فى سوق السجائر، وعلى رأسها «بريتش أميركان توباكو»، و«فيليب موريس»، و«جابان توباكو»، التى بدأت فى إنتاج سجائر داخل مصر، لكن كل ذلك يتم فى مصانع الشرقية للدخان، وتحت إشرافها.
وتأتى شركة «كير سيرفيس» لخدمات الأمن والحراسة على رأس قائمة الشركات المسيطرة على السوق فى تقديم خدمات الأمن والصيانة والنظافة وغيرها من الخدمات التى تندرج تحت اسم life support حيث تستحوذ الشركة على 60% من السوق، فيما تنازعها الآن فى تلك الحصة شركة «فالكون» التى بدأت العمل فى مجال نقل الأموال وتوسعت لتسيطر على عمليات تأمين المنشآت الحكومية بما فيها الجامعات مؤخراً، بينما تظهر شركات مثل «G4S» ضمن قائمة كبار اللاعبين فى سوق شركات الحراسة بجانب أسماء أخرى مثل «كوين سيرفس» و«سيكيوريتس» و«سبيد سيرفس».
ويمكن القول إنه على الرغم من وجود جهاز «حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية» ومحاولاته المكثفة لضبط الأسواق وسعيه لمواجهة أى ممارسات ضارة بالمنافسة، فإن الواقع الحالى، الذى يشير إلى وجود ارتفاعات «غير مبررة» فى الأسعار، يؤكد أن الجهاز لم يزل أمامه الكثير لضبط المنظومة الحالية.