مدير "سكاي نيوز عربية" لـ"الوطن":الحياد مفهوم نسبي وفضفاض
مدير "سكاي نيوزعربية" لـ"الوطن":والحياد مفهوم نسبي وفضفاض.. وطريقة الوصول إلي الجمهور تغيرت
نارت يوسف بوران
بدأت قناة "سكاي نيوز عربية" عملها في منطقة الشرق الأوسط بعد انطلاق ثورات الربيع العربي، لتدخل ساحة الإعلام العربي من أكثر أبوابها التهاباً، مع ما حملته المنطقة من صراعات وأحداث مشتعلة على مدار السنوات الثلاث الماضية، استطاعت "سكاي نيوز عربية" أن تجد لنفسها مكانا بين القنوات الإخبارية الأكثر متابعة.
وحول مستقبل "سكاي نيوز" في المنطقة العربية، ورؤيتها المستقبلية للخريطة الإعلامية، أجرت "الوطن" مقابلة مع نارت بوران، المدير العام لـ"سكاي نيوز عربية"، ليعبر عن رؤيته للمرحلة المقبلة، ويوضح المساحة التي تحتلها منصته الإعلامية التي لا تقتصر علي القناة الإخبارية فقط، بل تمتد لروافد إعلامية أخرى، كما يرد على الاتهامات التي تواجه الوكالات الإخبارية الدولية، بالانحراف بالأخبار عن الحقيقة علي أرض الواقع لتحقيق أجندات خاصة، وغيرها من التفاصيل في هذا الحوار.
- هل تبني "سكاي نيوز عربية" لفكرة إنشاء منصة إخبارية شاملة حقق تغطية للفئات العمرية والمناطق المختلفة؟
- تختلف طبيعة المنصات التي تبث الأخبار، باختلاف الجمهور المستهدف، ونوعية الخبر وماهيته، فقد تكون قنوات البث التقليدية هي الأكثر حصداً للمشاهدة في حدث يبث على الهواء مباشرة، وقد تتفوق مواقع التواصل الاجتماعي في نقل خبر مثير للفضول، أو تداول مادة تحظى باهتمام الرأي العام، ولكن اليوم يجب أن تقدم باقة متكاملة، تعمل على توزيع محتوى إعلامي عالي الجودة، فنحن قناة تلفزيونية وموقع إلكتروني، ونبث على أثير بعض الإذاعات، كما نتفاعل مع الجمهور على منصات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية، وقد نجحت "سكاي نيوز عربية" منذ انطلاقتها عام 2012 في ترسيخ مكانة ريادية لنفسها، بين القنوات الإخبارية الأكثر مشاهدة في العالم العربي، واستطاعت خلال فترة وجيزة الدخول إلى أكثر من 50 مليون منزل عربي والعدد في تزايد مستمر، كما وفرت "سكاي نيوز عربية" للمشاهد خدمة البث المباشر عبر شبكة الإنترنت، فضلاً عن تطبيقات الأجهزة الذكية، واستطاعت أيضا أن تحصد أكثر من 95 مليون مشاهدة على موقع "يوتيوب"، وهي منصتنا الإخبارية الأكثر متابعة، يليها "فيس بوك"، حيث يتفاعل مع صفحتنا ما يقرب من 7 ملايين متابع، بالإضافة لتفاعل عدد كبير من المتابعين، مع تطبيقنا الإلكتروني المستهدف لفئة الشباب، وهم من أهم الشرائح التي نستهدفها، نظراً لأن نسبتهم تبلغ أكثر من 70٪ من تعداد السكان في الوطن العربي.
الإعلانات الورقية الخاسر الأكبر أمام الإعلانات الرقمية.. وعلي الإعلام التليفزيوني الانتباه وتحسين المحتوي
- وهل يمكن للتليفزيون تعويض الفارق التفاعلي بينه وبين مواقع التواصل الاجتماعي التي تحتكر هذه الأفضلية؟
- لا شك أن التليفزيون بات يجد منافسة شرسة من قبل مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن معظم القنوات سواء الإخبارية أو الترفيهية أدركت أهمية هذه المواقع، فأنشأت منصاتها الخاصة عليها، للتفاعل مع الجمهور ومخاطباته بأسلوب تلك المواقع وبلغتها وبساطتها، التليفزيون لم يتراجع ولكن طريقة الوصول إلى الجمهور هي التي تغيرت، كما بدأ الجمهور بالتواصل مع بعضه البعض، وأصبحت لدى معظم القنوات فرق عمل متخصصة تهتم بإدراج الأخبار وتحميل المقاطع والفيديوهات على صفحاتها، وتتواصل أيضا مع المتلقين وترد على استفساراتهم وتستمع إلى ردود أفعالهم، وقد استطعنا في "سكاي نيوز عربية"، تحقيق هذه المعادلة حيث لم نكتف بالبث التقليدي، بل سعينا إلى كسب ود رواد مواقع التواصل الاجتماعي ونجحنا في ذلك، والأرقام التي ذكرتها، تعتبر خير دليل على نجاحنا في هذه المهمة، كما عملنا على تقديم مجموعة من البرامج والفقرات التليفزيونية المتخصصة في إعداد وتقديم فقرات، نستلهم أفكارها من وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحاكي شرائح العالم الافتراضي ضمن استراتيجيتنا الرقمية، وهذا أدى إلى انتشار أوسع بين الشباب، مع المواظبة علي الارتقاء بالمحتوى الإعلامي وتطويره، ليصل إلى المتصفح العربي في كل مكان.
- وما هي احتمالات انخفاض الحصة الإعلانية للتلفزيون مقابل الإنترنت بوسائله المتعددة؟
- أعتقد أن الإعلانات الورقية والمطبوعة كانت الخاسر الأكبر لصالح الإعلانات الرقمية والمطبوعة، ما حصل هو إعادة توزيع للحصص، حيث فرض الإعلام الرقمي نفسه وحصل على نصيبه من كعكة الإعلانات وصار منافسا رئيسيا، لذا ينبغي للقائمين على الإعلام التليفزيوني التنبه لهذا التحول، والعمل على تحسين أداء وجودة المحتوى، وأيضا على توزيع المحتوى بشكل صحيح على كافة المنصات.- هل تعتقد أن أجهزة الإعلام العربية لا تزال أسيرة للتدفق الإعلامي الغربي في استقصاء الأخبار؟ وكيف يمكن إيجاد دفق إخباري عربي يعكس اتجاه المحتوى أو يشارك في صناعته؟- لاشك أن معظم وسائل الإعلام العربية تستفيد بشكل كبير من الوكالات الدولية كمصدر موثوق للمعلومة، ولكننا في "سكاي نيوز عربية" نستفيد من شبكة مراسلينا المنتشرة في مختلف أرجاء العالم، بالإضافة إلى مكاتبنا الـ24 في العواصم والمدن الرئيسية، وهناك هجرة نحو الإعلام المحلي بشكل عام، وبات المصدر المحلي منافساً حتى للفضائيات الإخبارية العربية فما بالك بالقنوات الدولية، ولا بد من الإشارة إلى أن هناك طفرة في فضاء الإعلام العربي خلال السنوات العشر الأخيرة، وتمكنت العديد من المؤسسات الإخبارية من فرض مكانتها كمصدر إخباري موثوق للأخبار والمعلومات، وربما لازال الإعلام الغربي متفوقا في الاستقصاء والتحقيقات الصحفية، إلا أن "سكاي نيوز عربية" تثابر للمنافسة في هذا المجال، وبالإضافة إلى ذلك فإن المتلقي اليوم لم يعد يكتفي بالخبر فحسب، بل بات يبحث في الحيثيات والخلفيات والآراء المختلفة والمعلومات التفصيلية، وهذا ما لا تستطيع وكالات الأنباء التقليدية توفيره لوسائل الإعلام.
هناك طفرة في فضاء الإعلام العربي خلال الـ10 سنوات الأخيرة.. والإعلام الغربي مازال متفوقاً في الاستقصاء
- وهل تري أن المصادر الأجنبية للأخبار تتمتع بالحيادية والموضوعية أم هناك ميل لتحريف الأخبار؟
- هناك خلافات جوهرية بيننا وبين الوكالات الدولية، إزاء الأحداث والمجريات التي تحدث في المنطقة، الأمر الذي انعكس على طريقة التعامل والتناول الإعلامي للأحداث، وأشير هنا إلى أن الحياد مفهوم نسبي وفضفاض، وما يجب أن تراهن المؤسسات الإعلامية عليه اليوم هو المصداقية، من خلال التغطيات الإخبارية الشاملة والعادلة، لا يمكن لك أن تكون حيادي تجاه حدث إرهابي أودى بحياة أبرياء، وتختلف أجندات المؤسسات الإعلامية الدولية كما العربية في تناولها لمختلف الملفات خصوصا تلك التي تتعلق بالشرق الأوسط.
"نيران صديقة" نموذج فريد للبرامج الحوارية يكرس لثقافة الاختلاف وتقبل الرأي الآخر
- وما الذي يميز أحدث برامجكم "نيران صديقة" وهل لعنوانه دلالة ما تشير لتوجه "سكاي نيوز"؟
- يعتبر برنامج "نيران صديقة" نموذجاً مثالياً منفرداً، حيث يعتمد تقديمه على حوار بين ضيفيه من دون وجود مقدم يدير البرنامج، مما يجعله نموذجا فريداً ضمن نطاق البرامج الحوارية التي طرحت على الشاشات الإخبارية العربية، لا سيما أنه يعتمد على طرح الملفات والقضايا الراهنة عبر ضيفي البرنامج الرئيسيين مأمون فندي، وعبد العزيز الخميس، وتبث حلقات البرنامج في 10.30 مساءً بتوقيت أبوظبي، ويقدم البرنامج الجديد عبر سلسلة حلقاته التي تستمر مدة الحلقة لـ30 دقيقة، شكلاً مختلفاً وأسلوباً متطوراً لمفهوم الحوار التلفزيوني الهادف، ويعتبر اسم البرنامج "نيران صديقة" خير دليل على مضمونه، الذي يكرس ثقافة احترام الاختلاف في الآراء ووجهات النظر بدون مبالغة أو تجريح، والسعي لتقديم تحليل شامل، وربما مقترحات وحلول لبعض الملفات بشكل متوازن ومهني.
- وما هي أهداف البرنامج وتوقعاتكم المستقبلية له؟
- يتمحور الهدف الأسمى لبرنامج " نيران صديقة"، ضمن رؤية "سكاي نيوز عربية"، في ترسيخ ثقافة التفاهم وتقبل رأي الآخر في الإعلام العربي، حيث يتسم برقي وأسلوب الحوار أثناء تقديم الرأي والرأي المضاد له، ووصولاً إلى صيغة تفاهم بين المتحاورين بدلاً من جعل الحوار جدلاً عقيماً أو نوعاً من أنواع "المكاسرة" حيث تتعالى الأصوات لدرجة لا يفقه فيها المشاهد ما يقال ولا يخرج من مشاهدته بأي معلومة قيمة أو إثراء لوجهات النظر المطروحة، وعليه فإن البرنامج نجح في تجسد كيفية إدارة الحوار برقي واحترام متبادل، قبل أن يفتح الإعلام الجديد الباب أمام الضيوف ليخدموا أنفسهم بأنفسهم، ويصبح الحوار مباشراً بين الضيف والمشاهد، بلا وسيط ولا مقدم، مما يدحض فكرة أن الاختلاف بالرأي هو سبب للعداوة والتباعد، وأعتقد أن البرنامج قد نجح فعلا باستقطاب المتابعين وكذلك الضيوف والنخب المؤثرة، وقد ساهم بالتأسيس لآفاق جديدة لبرامج "التوك شو" وفق شهادة بعض كتاب الرأي الذي رأوا فيها نموذجا فريدا من البرامج الحوارية العربية.
- ما تعليقكم على ما تحليل مراقبين إعلاميين بشأن حرب اليمن وتأكيدهم أن الإعلام العربي رسب في هذا الاختبار؟
- لا يمكنني أن أتحدث عن تجربة وسائل الإعلام الأخرى ولكن بالحديث عن تجربة سكاي نيوز عربية فأنا أختلف مع هذا التقييم وأقول بأننا تمكنا من مواكبة الملف اليمني بكافة تفاصيله ومراحله سواء من خلال مراسلينا وتواجدنا الميداني في تعز وعدن والجبهات الأمامية والحدود السعودية اليمنية؛ ونجحنا بتقديم صورة متكاملة للمشهد اليمني بأبعاده المحلية والعربية والدولية. ولو رصدت نوعية الضيوف والمحللين والمداخلات التي قدمتها المؤسسة للمشاهدين والمتابعين على الموقع الإلكتروني ستجد أنها تمكنت من تفكيك المشهد على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والجيوسياسية والإنسانية.
- هل كانت وسائل الاعلام العربية مهنيه؟ أم انها كانت منحازة بشكل واضح في تغطيتها لحرب اليمن؟ ولماذا شكلت هذه الحرب تحديا كبيرا بالنسبة للكثير من القنوات العربية؟
كأي تغطيات إعلامية لمواجهات عسكرية هناك العديد من التحديات الميدانية والفنية وخصوصا في دولة كاليمن تعاني بنيتها التحتية من مشاكل جوهرية ؛ومع ذلك تمكنا من التواجد في كافة المناطق الرئيسية والخطوط والجبهات الأمامية.
أما فيما يتعلق بسؤال عن المهنية والتي يختلف مقياسها من مؤسسة لأخرى، فيجب أن نفرق بين القضايا التي تعتبر مصيرية بالنسبة لليمن والمنطقة. فالمخاطر التي تواجه المنطقة من الخارج واضحة جدا لأي شخص سواء كان مشاهدا أو صاحب قرار، وتغطية سكاي نيوز عربية تسير دوما نحو خدمة مصالح القضايا والمجتمعات العربية مع الالتزام بالضوابط المهنية ومبادئ العمل الصحفي.
- هل هناك خطوط حمراء لدى "سكاي نيوز"؟ وكيف يتم التعامل معها إن وجدت؟
خطوطنا الحمراء تنبع من رقابتنا الذاتية لأنفسنا مع التزامنا بالمبادئ الإنسانية وقواعد العمل الصحفي السليم والمحتوى الرصين. ولكن لن نكون موضوعيين تجاه حادث إرهابي يستهدف أبرياء، أو تجاه سرقة ممتلكات، من المهم أن لا نخلط بين الأمرين.