جدار الفلكى العازل .. رحلة عذاب يومية
حاله كحال المصريين اليوم، يعيشون فى انقسامات، هو أيضاً رمز للانقسام والتفرقة.. لا يفرق فقط بين أبناء الوطن الواحد، بل بين أبناء الشارع الواحد.
مهما حاول رسامو الجرافيتى محو معالم الجدار الخرسانى العازل، الذى أقيم فى شارع الفلكى منذ اندلاع أحداث بورسعيد، بالرسومات المؤرخة للثورة، يبقى الجدار منصوبا بكآبته المنبعثة من لونه الرمادى القاتم.
«خافى مننا يا حكومة.. المجد للشهداء.. يسقط حكم العسكر».. كلمات سطرها الشباب على الجدار إما لإيصال رسالة للنظام الحاكم بمطالبهم، أو لتأريخ اللحظة التى يعيشونها.
عند مدخل شارع الفلكى يجلس عم حسن السنوسى، صاحب محل صغير للنظارات والأدوات المكتبية، تحدث عن الجدار كأنه عدوه حيث يريد الفتك به فى أقرب وقت، فبعد أن كان حال الكشك على ما يرام قبل الثورة لموقعه الحيوى وسط العديد من الوزارات، ها هو اليوم يبيع الحد الأدنى من بضاعته، ويكمل يومه بإرشاد المارة إلى كيفية تفادى الجدار والوصول لمعامل وزارة الصحة وغيرها من الأماكن، التى تغيرت طريقة الوصول إليها بوجود الجدار، مما تسبب فى إضاعة الوقت ومزيد من الجهد.
تعددت مهام الجدار الخرسانى، فأثناء الأحداث السياسية الساخنة يكون حاجزا أمام الثوار وأحيانا البلطجية، لمنعهم من الوصول لوزارة الداخلية، وبعد الأزمة تحول الجدار إلى موقف للسيارات والموتوسيكلات التابعة للجامعة الأمريكية، التى تقبع على يمين الجدار.
جرافيتى الشهيد المرسوم ممددا على الأرض ومن فوقه أحد الثوار غاضبا، ربما كان أحد أسباب العنف، الذى تسرب إلى سلوكيات بعض طلاب مدرسة «الفرير» بباب اللوق التى تقع على شمال الجدار، مما دفع مجدى قزمان، مدير المدرسة، إلى تكثيف «حصص الحياة» فى جدول الدراسة، لضبط نفسية الأطفال.
رغم المشاكل المترتبة على وجود الجدار الخرسانى، فإن ماهر محفوظ، صاحب كشك مجاور للجدار، اتفق مع مجدى قزمان وعم حسن، على أهمية وجوده لظروف البلد وخلو الشارع من أفراد الأمن وسيطرة الحكومة.