سكر وزيت وشاى وصابون وكستور.. تموين زمان يكسب
نقص السلع التموينية حمل زائد على كاهل المواطنين
سكر وزيت وشاى وصابون وكوبونات جاز وقماش كستور.. تلك هى أبرز السلع التموينية التى كان يحصل عليها أبومحمد، 82 سنة، منذ أكثر من 40 عاماً، يتذكر الرجل الذى يسكن منشية دهشور بمحافظة الجيزة وقت أن كان يتوجه ببطاقته التموينية للبقال ليصرف حصة أسرته التموينية، كان يعيش كما يقول هو وأسرته المكونة من 7 أشخاص على خير البطاقة التموينية لسنوات طويلة، فهذه البطاقة كانت وسيلة للحصول على العديد من السلع التى يحتاج إليها خلال الشهر، فيقول: «كنا الأول بناخد سكر وزيت وشاى وبعد كده ضافوا على البطاقة حاجات كتير زى الفول والعدس والدقيق والمكرونة واللحوم والدجاج فما كناش بنحتاج إننا نشترى حاجة من البقالة، كان كل حاجة بناخدها على البطاقة، وكانت الحياة ماشية ومحدش بيشتكى».
«يا ريت يرجع يوم من أيام زمان» يقولها أبومحمد بصوت اختلط بالضحك، بينما يظهر فى عينيه حزن ناعياً بركة تلك الأيام، فالسلع كانت كثيرة ومتوافرة مقابل مبالغ مالية قليلة، مشيراً إلى أن التموين فى تلك الفترة كان يغنيهم عن كثير من متطلبات الحياة، فلم يكن مقتصراً على السلع الغذائية فحسب، بل تضمن توزيع أمتار من الأقمشة على البطاقة التموينية، الأمر الذى جعلهم لا يتحملون سوى نفقات الترزى «كل واحد كان ليه 3 أو 4 متر قماش كل شهر فى صيف وشتا على البطاقة، فكل اللى ما كانش بيقدر يشترى قماش كان بياخد البطاقة ويروح لتاجر القماش يصرف نصيبه، والتاجر اللى ما كانش بيرضى يدى القماش كانوا بيبلغوا عنه لأن محدش كان يعرف اللبس الجاهز زى دلوقتى كده، وكان المتر بـ10 قروش بنعمل منه لبس للبيت فما كانش فيه حد زمان بيشيل هم اللبس».
دفتر أخضر اللون من الخارج به أكثر من 7 ورقات من الداخل هو شكل البطاقة التموينية قديماً، فى الورقة الأولى منها كان يكتب تاريخ إصدار البطاقة وتاريخ انتهائها واسم التاجر وعدد أفراد الأسرة، وفى الصفحات المتتالية أسماء المقررات التموينية التى يحصل عليها الفرد كل شهر، وخانة للتاجر يوقع فيها كل شهر بعد استلام كل مواطن حصته، كما يصف أبومحمد، مضيفاً: «كنا بنستنى يوم واحد فى الشهر عشان كل واحد يروح يستلم حصته، فكل واحد فى الأسرة كان ليه كمية معينة من السلع، يعنى تقريباً كان فرد ليه 2 كيلو سكر، وكان الزيت مش زى دلوقتى كان بيبقى فى علب زجاج مش بلاسيتك بيتصنع من بذرة القطن وكان طعمه متغير عن دلوقتى، وكان كل واحد فى الأسرة ليه لتر وربع زيت، وكان التاجر بيدينا بون عبارة عن ورقة مكتوب فيها حصتنا من الجاز، وكانت عربية الجاز بتعدى قدام البيوت دايماً عشان ما كانش فيه وقتها كهربا، وكنا بنعتمد على لمبة الجاز، وكانا بناخد لتر الجاز بقرشين».
كانت البطاقة التموينية فى ذلك الوقت منقذاً للكثير من الأسر البسيطة، خاصة أن أغلبهم كانوا محدودى الدخل يعتمدون على الرزق يوماً بيوم، فلم يكن بمقدورهم العيش بدونها، على حد تعبير أبومحمد، وأضاف: «ما كانتش الفلوس زى دلوقتى وكان اللى معاه 100 جنيه يبقى غنى، ومع ذلك كان فيه بركة فى كل حاجة، وتموين الشهر بيفضل فى البيت للشهر اللى بعده حتى أيام الحرب كانت السلع التموينية متوفرة».