ثلاثة مسامير كانت تثبّت نظام «المخلوع» على حيطان المحروسة: الشرطة القمعية، والقوات المسلحة، والولايات المتحدة الأمريكية. وعندما قامت ثورة 25 يناير تم خلع «مسمار الشرطة» يوم 28 يناير، وبعدها بأيام خرج أوباما يقول: «لابد أن يرحل مبارك الآن»، ليسقط المسمار الثانى، ويوم 10 فبراير نزع «مسمار القوات المسلحة» نفسه بنفسه يوم 10 فبراير 2011، وبعدها بساعات سقط «المخلوع» فى بحر الظلمات.
عندما أمسك «مرسى» بزمام الرئاسة فى 30 يونيو الماضى كان واعياً بأن تلك هى المسامير الأساسية التى سوف «تثبّت أقدامه» على كرسى الرئاسة، يضاف إليها مسمار رابع هو مجموعة «الدقون» المتأسلمة التى تشكل رصيداً شعبياً داعماً له. وبعد أن بدأ الشعب يشمّر عن ساعد الجد للإطاحة بـ«مرسى» بعد أيام معدودات، يصبح من المشروع جداً أن نسأل عن الوضع بالنسبة لمجموعة المسامير التى يُعتمد عليها فى «قفش» نظام حكمه على حيطان مصر. بالنسبة للداخلية فقد غسلت يديها من الإخوان، وأعلن وزير الداخلية أن الميادين التى ستشهد المظاهرات لن يوجد فيها عسكرى أو ضابط واحد، وأن الشرطة سوف تكتفى بتأمين المنشآت وتأمين المتظاهرين إن اقتضت الضرورة، وأنها لا تعمل لحساب الإخوان، هكذا قيلت صراحة بشكل لا يدع مجالاً للحديث عن «مسمار الداخلية»، فوضع «مرسى» فيه «مهوّى» على الآخر.
أما «مسمار الجيش»، فهو أبعد عن دقن «مرسى» وإخوانه بكثير من «مسمار الشرطة»، فقد أعلنت القيادات العسكرية المصرية، فى مواقع ومواقف مختلفة، أنها لن تتدخل لمنع تظاهرات 30 يونيو، وأنها لن تتعرض للمتظاهرين الذين يمارسون حقهم فى التعبير عن آرائهم، ولن تستخدم معهم حتى «العصى»، لأنها تؤمن بحق المواطن بعد الثورة فى التعبير عما يريد، والمطالبة بما فيه صالحه حتى ولو كان خلع «مرسى» نفسه، وعندما تسربت أخبار أن «مرسى» سوف يشارك يوم 30 يونيو فى الاحتفال بعيد الدفاع الجوى، بادرت القوات المسلحة إلى الإعلان عن إلغاء الاحتفال بهذا العيد، لكى لا يُفهم من الأمر أن القوات المسلحة تدعم الرئيس ضد الشعب الثائر، معنى ذلك أن مسمار الجيش غير موجود من الأصل.
أما الإدارة الأمريكية، فقد أصبح واضحاً لكل من له عينان أن موقفها تغير خلال الأسابيع الأخيرة، وليس أدل على ذلك من هرولة مسئولى الخارجية الأمريكية إلى مقابلة قيادات المعارضة المصرية، وهو الأمر الذى ينطبق أيضاً على الاتحاد الأوروبى الذى سعى كبار مسئوليه إلى الالتقاء بقيادات حركة تمرد. وتؤكد هذه التحولات أن مسمار «العم سام» سقط هو الآخر. فلو أضفنا إلى ذلك أن حشود «الدقون» التى يستقوى بها مرسى تطبق شعار «أسد فى الاستديوهات والتتويتات وفى الحروب نعجة وخروف»، فسوف نخرج بحقيقة أن نظام «مرسى» معلق فى الهواء الطلق، ولم يبقَ إلا أن تنزل حشود المصريين لتنفخ فيه فيطير!