تصريحات عدائية بين واشنطن وطهران.. لماذا لم تتحول إلى حرب حتى الآن؟
إيران وأمريكا
تصريحات نارية عنترية تصدر عن الجانبين الأمريكي والإيراني في آن واحد، لا ترتقي لتصل إلى درجة الدخول في معارك ولكنها تتوقف على كونها تصريحات يدلي بها صانعو القرار في البلدين، ومع وصول الرئيس الأمريكي الجديد ترامب للبيت الأبيض فرضت أمريكا عقوبات بموجب القانون الأمريكي على إيران.
أظهرت تغريدة على موقع التدوينات القصير "تويتر" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "إيران تلعب بالنار، لا يقدرون كم كان الرئيس أوباما طيبا معهم، لن أكون هكذا"، زاعما أن كل الخيارات "مطروحة على الطاولة" فيما يتعلق بالرد على تجربة الصاروخ الباليستي الإيراني.
وردت إيران على التهديدات بلسان وزير خارجيتها جواد ظريف الذي غرد على "تويتر" أيضا: "إيران لا تعبأ بالتهديدات الأمريكية ولن تبادر بإشعال حرب".
وفي واقعة جديدة، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية "الرد بالمثل وبالشكل المناسب وستقوم وفقا لمبدأ الرد بالمثل بفرض بعض القيود القانونية على جهات تشمل أفرادا وكيانات أمريكية، ساهمت في تشكيل أو دعم الجماعات المتطرفة والإرهابية في المنطقة"، ردا على فرض الإدارة الأمريكية الجديدة عقوبات على طهران إثر تجربتها الصاروخية البالستية الأخيرة والتي لم تكن الأخيرة.
وبالأمس، هددت إيران القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، وقال قائد الحرس الثورى محمد علي جعفري، إن الولايات المتحدة إذا أرادت مواصلة عقوبات الحرس الثوري والدفاع، عليها أولا أن تزيل القواعد الأمريكية حتى عمق 100 كلم حول إيران قائلا: "لتعلم الولايات المتحدة أن حساباتها الخاطئة ستكلفها الكثير كي تصححها"، حتى ردت عليه هيذر نويرت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن إيران وكما نعلم جميعا ستظل واحدة من أخطر التهديدات للولايات المتحدة وليس فقط لمصالحنا هنا وحول العالم ولكن أيضا للاستقرار الإقليمي.
لهجة عدائية ولغة استفزازية ينتهجها البلدان أعادت ما كان يحدث منذ عقود بعد وصول الخميني لحكم إيران، حيث كانت سياسة متبعة ومتفق عليها لتحقيق مصالحهما المشتركة في المنطقة، ولم تترجم تلك التهديدات إلى أفعال فأصبحت مجرد تصريحات بين صانعي القرار في البلدين، يقول الدكتور مدحت حماد، رئيس قسم اللغات الشرقية والمتخصص في الشأن الإيراني، إن الحرب بين البلدين تعتبر حرب وجود في المقام الأول حيث سيؤثر وقوع حرب على اهتزاز العرش الأمريكي في العالم أسره.
يضيف حماد، في تصريح لـ"الوطن"، أنه ما إذا تعاظمت تلك التصريحات وأصبحت واقعا وقامت أحدى الدول بالإقدام على ضربة عسكرية ستقوم الأخرى بالرد بشكل موجع لغريمتها، موضحا أن القوة الأمريكية العسكرية الموجودة في الغرب الآسيوي ستنهار مثلما حدث من قبل بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان عندما نجحت اليابان خلال الحرب العالمية الثانية بإغراق الأسطول الأمريكي كامل.
وأكد المتخصص في الشأن الإيراني أن الصواريخ والأسلحة التي تمتلكها إيران قوية وذات أبعاد كبيرة من الممكن أن تنهي القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة بشكل عام وذلك عن طريق الرد المباشر على تلقى إيران أي ضربة عسكرية من أمريكا وهو ما تعلمه أمريكا جيدا حيث إنها ستتلقى الصفعة صفعتين بخلاف عدم قدرتها على ضرب إيران من الأساس.
وأشار حماد إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتوانى ما إذا علمت ضعف دولة بعينها أن تتدخل عسكريا فيها "التاريخ بيقول أن أمريكا دولة فاجرة لا تستحي عندما تظن في نفسها القدرة في الضرب لا تتوقف مثلما حدث في العراق وباكستان والصومال وليبيا من قبل"، موضحا أن هذا يفسر تلقي الولايات المتحدة الأمريكية الصفعة بصفعتين من الجانب الإيراني وهذا يجعل ما يحدث بين الجانبين مجرد كلام لا يتعدى القرارات العسكرية، مضيفا أن إيران تتعاظم قدرتها في ظل العقوبات الاقتصادية.
أما عن الأسلحة الإيرانية، فيؤكد المتخصص في الشأن الإيراني أن إيران لديها صواريخ باليستية بعيدة المدى لن تعلن عنها حتى الآن والتي تستطيع الوصول لأبعد الحدود وهو ما كان يقصد بها محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري الإيراني، حيث إنه وما إن تعلن إيران عن امتلاكها لتلك الصواريخ ستكون "كوريا شمالية" جديدة أمام أمريكا وستكون بتلك الواقعة كمن "أخرج لسانه" للولايات المتحدة الأمريكية، وستتغير المعادلة الخاصة بالشرق الأوسط.